«جنرال موتورز» تزيح «أبل» من المقعد الأمامي
عندما أركب سيارتي، أضبط الخريطة على وجهتي ثم أبدأ بتشغيل الموسيقى على تطبيق سبوتيفاي. يمكنني فعل هذين الأمرين على شاشة السيارة المدمجة لكنني أجده غريبا، لذلك أوصل جهازي الآيفون وأستخدم برمجية أبل كار بلاي بدلا من ذلك.
لذلك اهتممت بشدة هذه الأيام بتعيين مايك أبوت، وهو مدير تنفيذي سابق في شركة أبل، لرئاسة وحدة البرمجيات في شركة جنرال موتورز. جاء ذلك بعد إعلان "جنرال موتورز" أنها ستتوقف عن استخدام "أبل كار بلاي" أو برنامج أندرويد أوتو في بعض طرازات مركباتها الكهربائية الجديدة في أمريكا الشمالية، بدءا بسيارة شيفروليه بليزر الكهربائية. وسيضطر السائقون إلى الاعتماد على شاشة التحكم الجديدة من "جنرال موتورز" بدلا من ذلك.
بالتأكيد لست الوحيد الذي يتذمر من هذه الناحية: كثير من الناس يفضلون أن تكون برامج هواتفهم الذكية على الشاشات المدمجة في سياراتهم. قال بينيديتو فيجنا، الرئيس التنفيذي لشركة فيراري، في حدث "فيوتشر أوف ذا كار" الذي نظمته "فاينانشيال تايمز" الأسبوع الماضي، "ليس من السهل أن تصبح شركة سيارات شركة تكنولوجية (...) إننا معتادون على أنظمة التشغيل الجاهزة لدينا".
من الصعب أيضا التكيف مع التحديثات المنتظمة لنظام أبل آي أوه إس أو أندرويد، علاوة على التعامل مع مجموعة مختلفة من التمريرات للانتقال بين الشاشات والرموز والعادات للفترات القصيرة التي يقضيها معظمنا في القيادة. إنني لا أعرف تماما كيف يعمل مكيف الهواء في سيارتي، أو ما تعنيه إعدادات المساحات: اعفوني من تعلم التكنولوجيا الجديدة لكل علامة تجارية.
لا تعلن "جنرال موتورز" عن استقلالها عن جميع شركاء البرامج: فهي تستخدم تكنولوجيا "جوجل" الأساسية لشاشة المعلومات والترفيه الجديدة الخاصة بسيارتها الكهربائية، وستتضمن تطبيقات مثل سبوتيفاي وخرائط جوجل. سيتمكن السائقون أيضا من توصيل أجهزتهم الآيفون عبر البلوتوث للاستماع إلى الموسيقى أو إجراء المكالمات. لكن الأيام التي كانت فيها "أبل" قادرة على الاستحواذ على شاشات السيارات الكهربائية لـ"جنرال موتورز" تتلاشى الآن.
لا ألوم "جنرال موتورز" تماما على تجاهلها "أبل". أبدت شركة التكنولوجيا على مدار أعوام اهتمامها بإنتاج سيارات ذاتية القيادة: إذ تحدث تيم كوك، رئيسها التنفيذي، في 2015 عن منح السائقين فرصة "تجربة آيفون في سيارتهم"، لكن المشروع لم يتحقق منه كثير حتى الآن. ربما اكتشف أن صناعة السيارات عمل شاق، خاصة في الانتقال المكلف إلى السيارات الكهربائية.
عوضا عن ذلك، أصبحت "أبل" أكثر جرأة في محاولتها انتزاع البيانات ومساحة الشاشات من شركات صناعة السيارات. في العام الماضي، كشفت النقاب عن نسخة موسعة من "كار بلاي" في نظامها التشغيلي آي أوه إس 16 يمكن دمجها في برمجيات السيارات، حيث لا تتحكم فقط في الموسيقى والملاحة، بل في تدفئة المقاعد وتكييف الهواء. ستنتشر اختصارات التطبيقات المفضلة لـ"أبل "مباشرة عبر شاشات التحكم.
هذا مناسب لي، لكنني أتفهم امتعاض شركات صناعة السيارات عند استثمارها مليارات في السيارات الكهربائية، ثم في النهاية تجد كوك يشغل المقعد الأمامي. قال لي نيك فيستا، مدير الأعمال الرقمية في "جنرال موتورز"، الأسبوع الماضي "إننا نشعر بالحاجة إلى السيطرة على التجربة". ستدمج "جنرال موتورز"، مثلا، بيانات الملاحة الخاصة بها مع بيانات جوجل لتوجيه السائقين إلى محطات شحن المركبات الكهربائية.
رفضت قلة من الشركات الأخرى حتى الآن "أبل كار بلاي" -لم تدعمها تسلا على الإطلاق- لكن "جنرال موتورز" ليست وحدها التي تريد مزيدا من التحكم. أظهرت "أبل" العام الماضي أن مرسيدس-بنز من بين العلامات التجارية "المتحمسة لتقديم هذه الرؤية الجديدة لبرمجية كار بلاي للعملاء"، لكن شركة صناعة السيارات أعلنت أيضا خططها لإنشاء نظام معلومات وترفيه خاص بها، باستخدام تكنولوجيا "جوجل" أيضا.
إن هذه الاستثمارات تصل إلى ما هو أعمق من التوترات مع "أبل" بشأن شاشات المعلومات والترفيه. اعتاد صانعو السيارات على بناء الأجهزة الميكانيكية والإلكترونية، لكن المركبات الكهربائية تعتمد بشكل أكبر على البرمجيات. فهي تتحكم في كل شيء من سرعة السيارات إلى المناورات، وعدد المرات التي تحتاج فيها إلى إعادة الشحن ومدى راحة ركابها.
كما توفر البرمجيات أيضا إمكانية كسب المال. عند وجود إمكانات كبيرة لتغيير كثير من جوانب السيارة المتصلة بالإنترنت أو تحسينها عبر تحديث البرمجيات، فمن الطبيعي أن تحسد شركات صناعة السيارات "أبل". فهي تريد أيضا بيع البرمجيات والخدمات على منصة تشغلها، ومرتبطة بجهاز إلكتروني تصممه وتصنعه.
لكن ليس بهذه السرعة. "أبل" تجيد ما تفعله: حقيقة إن كثيرا من السائقين يستخدمون برمجيتها على شاشاتهم ليست مجرد مسألة معرفة بل خبرة في التصميم. لذلك، إذا أرادت شركة تصنيع سيارات التخلي عن "كار بلاي"، يجب أن يعمل برنامجها الجديد بالمستوى نفسه وأن يبدو جيدا بالمستوى نفسه. قليلة هي الشركات التي أزالت العقبة حتى الآن وهذه صناعة تنافسية: إذا لم يتعاون البعض مع "أبل"، فإن البعض الآخر سيتعاون معها.
ولن يكون من السهل جني المليارات التي تأمل الصناعة في جنيها عبر بيع خدمات جديدة. العملاء ليسوا معتادين على شراء السيارات ليتم إخبارهم بأنه سيتعين عليهم دفع رسوم أو اشتراك لتفعيل خاصية تدفئة المقاعد، أو لتعزيز سرعة السيارة. من الناحية النظرية، فإن ترقية برمجية ما تعادل أجهزة أفضل، في الواقع، يمكن أن تشعر بالاستغلال.
في الوقت نفسه، تواجه الصناعة تحديات أخرى يجب عليها معالجتها، كجعل سياراتها الكهربائية أكثر موثوقية وراحة في القيادة: التكنولوجيا غير المرئية التي تحدث الفرق الأكبر. الإصلاح المجاني لبرمجية سيارتي الذي أقدره حقا كان هو الإصلاح الذي منع المحرك من التوقف دون سابق إنذار. إن هذا، وليس حجب "أبل كار بلاي"، هو ما أسميه التقدم.