أدوية الزهايمر تبعث الأمل بعد عقود من الانتظار

أدوية الزهايمر تبعث الأمل بعد عقود من الانتظار
تجربة دواء دونانيماب من "إيلي ليلي" تظهر تباطؤ تطور الزهايمر 35 في المائة على مدى 18 شهرا.

عندما تم تشخيص إصابة لوري فايس بضعف إدراكي خفيف بسبب مرض الزهايمر، اعتقدت أن الأمر كان بمنزلة حكم بالإعدام، نظرا إلى عدم وجود علاجات معتمدة يمكن أن تبطئ تقدم المرض المدمر.
لكن بعد التسجيل في تجربة علاج تجريبي طورته شركة إيلي ليلي، قالت المعلمة السابقة البالغة من العمر 65 عاما "إن ذاكرتها قد تحسنت وإنها قادرة على القيام بأشياء كانت تجد صعوبة في القيام بها سابقا".
"يمكنني القيادة مرة أخرى. لدي الحرية". قالت فايس، التي كانت واحدة من أكثر من 1,700 مشارك في المرحلة المتأخرة من تجربة دواء يدعى دونانيماب.
نشرت شركة الأدوية الأمريكية ليلي هذا الأسبوع نتائج إيجابية من التجربة، ما رفع الآمال بين المرضى والأطباء لفئة جديدة من الأدوية التي يتم تطويرها لعلاج مرض الزهايمر. كما أنها ولدت حماسا حول صناعة الأدوية، التي أغراها احتمال بيع الأدوية لأكثر من 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعانون المرض.
أظهرت التجربة أن دواء دونانيماب أبطأ تطور المرض 35 في المائة مقارنة بدواء وهمي على مدى 18 شهرا. رغم عدم وجود دليل على أن الدواء يمكن أن يعكس أعراض مرض الزهايمر، فقد أظهرت التجربة أن الانخفاض في قدرة المرضى على أداء المهام اليومية كان أقل بنسبة 40 في المائة لأولئك الذين يتناولون دواء دونانيماب.
قالت شركة ليلي "إنها تتوقع أن توافق الجهات التنظيمية الأمريكية على الدواء في وقت لاحق من هذا العام بناء على نتائج التجارب الناجحة".
تمثل النتائج ثاني اكتشاف مهم خلال عام لفئة من الأدوية تستهدف مرضا هو السبب الأكثر شيوعا للخرف الذي لا يوجد علاج له. يأتي ذلك في الوقت الذي يتم فيه تطوير جيل جديد من اختبارات الدم لمرض الزهايمر التي توفر احتمالية مثيرة للاهتمام للكشف المبكر عن الحالة وعلاجها لأول مرة.
وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في كانون الثاني (يناير) على "ليكانيماب"، دواء تم تطويره بالشراكة بين شركة الأدوية اليابانية إيساي وشركة بيوجين الأمريكية للتكنولوجيا الحيوية، في إطار عملية متسارعة. في مرحلة متأخرة من التجارب، أبطأ الدواء من معدل التدهور الإدراكي لدى المرضى بنسبة 27 في المائة مقارنة بالدواء الوهمي.
يعمل كلا الدواءين عن طريق الحد من تراكم لويحات الشيخوخة اللزجة في الدماغ المعروفة باسم بيتا-أميلويد، التي تقع في قلب نقاش علمي حاد حول أسباب الإصابة بمرض الزهايمر.
نحو 20 تجربة سريرية على الأدوية التي تسعى إلى علاج مرض الزهايمر عن طريق تقليل هذه اللويحات فشلت منذ 2003، ما أثار شكوكا بين بعض الخبراء بأن إزالة الأميلويد قادرة على أن تبطئ تقدم المرض.
الموافقة المثيرة للجدل من قبل إدارة الغذاء والدواء على عقار آخر يخفض الأميلويد يسمى أدوكانوماب في 2021، رغم الأدلة المتضاربة على أنه أبطأ معدل التدهور الإدراكي، زادت من حدة الجدل.
أخبرت شركة ليلي "فاينانشيال تايمز" بأن نتائج تجارب دواء دونانيماب ودواء ليكانيماب معا تثبت "فرضية الأميلويد"، النظرية التي تؤكد أن لويحات الأميلويد اللزجة هي السبب الرئيس لمرض الزهايمر.
قالت آن وايت، رئيسة شركة ليلي نيوروساينس "عند النظر إلى الوضع، ينبغي أن تطمئن إلى (فرضية الأميلويد)، لأنه يمكنك أن ترى في الأدوية، ليس فقط الأدوية الخاصة بنا لكن في الأدوية الأخرى التي تزيل اللويحات بقوة، فائدة سريرية".
أظهر دواء دونانيماب فاعلية قوية في إزالة اللويحات في التجربة، حيث تمكن ما يزيد قليلا على نصف المشاركين في التجربة من إكمال مسار العلاج في غضون عام حيث حققوا الهدف المتمثل في إزالة الأميلويد.
قالت جمعية الزهايمر، وهي مجموعة مناصرة للمرضى، "إن نتائج التجربة كانت الأقوى التي تم إصدارها حتى الآن لعقار يقلل من الأميلويد"، واقترحت أنها "نقطة تحول" لعلاج المرض.
رحب كثير من الخبراء ببيانات شركة ليلي كخطوة مهمة إلى الأمام لكنهم حذروا من أن دواء دونانيماب لم يكن علاجا وأن النتائج الكاملة للتجربة لم تنشر بعد وتحتاج إلى دراسة من كثب.
قال الدكتور إيان موسجريف، كبير المحاضرين في علم العقاقير في جامعة أديلايد، أستراليا "في حين إن هذه النتيجة مشجعة للغاية، من الواضح أنه لا يزال أمامنا كثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به. رغم الإزالة شبه الكاملة للويحة الشيخوخة، إلا أن المرض ما زال يتقدم، وإن كان بمعدل أبطأ بكثير منه في حال عدم وجود علاج".
يسعى العلماء إلى تحقيق أهداف أخرى غير اللويحات اللزجة في سعيهم وراء علاجات الزهايمر، بما في ذلك الالتهاب في الدماغ. لكن أيا من هذه الأدوية ليس متقدما مثل دواء ليكانيماب ودواء دونانيماب.
ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن ما إذا كان التباطؤ في التدهور الإدراكي الذي حققه كلا الدواءين له مغزى طبي ويستحق المخاطر التي تشكلها الآثار الجانبية الخطيرة المحتملة.
قال روب هوارد، أستاذ الطب النفسي للمسنين في جامعة كوليدج لندن، "إن إبطاء تطور المرض 35 في المائة يبدو مثيرا للإعجاب من الناحية الظاهرية". ومع ذلك، فإن الفروق المطلقة بين دواء دونانيماب والدواء الوهمي في الإدراك والوظيفة، كما يتضح من التجربة، كانت صغيرة جدا بحيث لم يلاحظها المرضى وعائلاتهم.
قال "هذا يثير التساؤل عما إذا كان تناول الدواء يستحق المخاطر، بالنظر إلى أن ثلاثة أشخاص توفوا أثناء التجارب من الآثار الجانبية".
يمكن أن يتسبب كل من دواء ليكانيماب ودواء دونانيماب في حدوث آثار جانبية خطيرة مثل تورم الدماغ والنزيف، الذي يمكن أن يكون قاتلا. وسيضع هذا عبئا ثقيلا على الأطباء عندما يوصون بالعلاج، رغم أن عدم وجود بدائل يشير إلى ارتفاع طلب المصابين بالمرض على الدواءين.
إن السعر المرتفع للأدوية -يبلغ سعر ليكانيماب 26,500 دولار في العام- والقيود الصارمة التي تفرضها الحكومة الأمريكية على التعويض من قبل البرامج الصحية الممولة من القطاع العام لعلاجات الحد من الأميلويد هي عقبات أخرى.
في أعقاب الجدل حول موافقة إدارة الغذاء والدواء على دواء أدوكانوماب من شركة بيوجين، قالت مراكز الرعاية الصحية والخدمات الطبية الأمريكية "إن المرضى المشاركين في تجربة سريرية فقط هم من سيستفيدون من التعويض". كانت هذه المرة الأولى التي تفرض فيها مراكز الرعاية الصحية والخدمات الطبية مثل هذه القيود على دواء معتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وتحد من عدد المرضى الذين يتناولون أدوية الأميلويد إلى بضعة آلاف، بدلا من ستة ملايين مصاب بمرض الزهايمر في الولايات المتحدة.
قال روبرت إيج، كبير مسؤولي السياسة العامة في جمعية الزهايمر "مع الأسف نقف في منطقة مجهولة".
وقال "إنه في كل يوم يرفض فيه التعويض، يتجاوز نحو ألفي مصاب بمرض الزهايمر في الولايات المتحدة فترة التأهل للأدوية التي تقلل الأميلويد، لأنهم كانوا يستهدفون مرضى المرحلة المبكرة فقط".
وقالت شركة إيساي "إنها تشعر بالتفاؤل من المناقشات المثمرة المستمرة مع مراكز الرعاية الصحية والخدمات الطبية حول رفع القيود". قد يحدث هذا في تموز (يوليو) عندما يتوقع أن يتم منح دواء ليكانيماب، الذي تمت الموافقة عليه في إطار عملية متسارعة، الموافقة الكاملة من قبل إدارة الغذاء والدواء.
بالنسبة إلى مرضى الزهايمر مثل فايس، تكاد لا تصبر لحدوث تغيير في السياسة، حتى لو كانت المخاوف لا تزال قائمة بشأن سلامة الأدوية الجديدة وفاعليتها.
قالت فايس "إن هذه الأدوية تمنح الناس فرصة لاستعادة مزيد من أعوام حياتهم، والعيش حياة طبيعية دون الاضطرار إلى مواجهة البقاء في دار لرعاية المسنين. ما زلت أرسم وأذهب إلى الحفلات مع أصدقائي".

سمات

الأكثر قراءة