معركة أوروبا لكبح التضخم مستمرة .. رفع الفائدة إلى أعلى مستوى في 22 عاما
رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة إلى أعلى مستوى في 22 عاما، وترك الباب مفتوحا أمام مزيد من الزيادات، ليواصل معركته لكبح التضخم حتى في ظل تراجع اقتصاد منطقة اليورو.
وزاد البنك سعر الفائدة الرئيس للمرة الثامنة على التوالي بواقع ربع نقطة مئوية إلى 3.5 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ 2001، وفقا لـ"رويترز".
وقال البنك المركزي -الذي يضم 20 دولة تشترك في عملة اليورو- "إنه يتوقع أن يظل التضخم فوق 2 في المائة التي يستهدفها حتى 2025"، وألمح مجددا إلى مزيد من الزيادات في أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.
وقال "القرارات المستقبلية ستضمن وصول أسعار الفائدة الرئيسة للبنك المركزي الأوروبي إلى مستويات تقييدية كافية لإعادة التضخم في الوقت المناسب إلى الهدف المتوسط المدى، وهو 2 في المائة، والبقاء عند تلك المستويات مهما تطلب الأمر".
ويمر النمو في منطقة اليورو بحالة من الركود على أحسن تقدير، كما تقل حدة التضخم منذ شهور، وسط انخفاض أسعار الطاقة وأكبر زيادة في أسعار الفائدة في تاريخ البنك المركزي الأوروبي الذي يبلغ 25 عاما.
كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد أوقف الأربعاء مسيرة رفع لأسعار الفائدة شهدت عشر زيادات متتالية، في إشارة قوية للمستثمرين على مستوى العالم بأن دورة التشديد النقدي في الاقتصادات المتقدمة تقترب من نهايتها، حتى مع التلويح بزيادة جديدة ممكنة في أسعار الفائدة الأمريكية.
لكن التضخم في منطقة اليورو، الذي بلغ 6.1 في المائة، لا يزال مرتفعا بشكل غير مقبول بالنسبة إلى البنك المركزي الأوروبي، ويؤكد أن زيادة الأسعار -التي تحتسب عادة مع استبعاد المواد الغذائية والطاقة- بدأت فقط في التباطؤ.
وتوقع خبراء اقتصاد في استطلاع قبل قرار الخميس رفع سعر الفائدة على الودائع 25 نقطة أساس في تموز (يوليو)، وهو ما أشار إليه عدد من صانعي السياسة.
ودخلت منطقة اليورو حالة ركود في الشتاء بسبب تراجع الاستهلاك تحت تأثير ارتفاع الأسعار والصعوبات التي تواجهها الصناعة الألمانية، وفقا لبيانات نشرها مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات".
وانخفض إجمالي الناتج المحلي للدول الـ20 الأعضاء في منطقة اليورو بنسبة 0.1 في المائة بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس) بعد تراجع بالحجم نفسه بين تشرين الأول (أكتوبر) وكانون الأول (ديسمبر) في أرقام تم خفضها بشكل ملحوظ مقارنة بالتقديرات السابقة.
وأفاد المعهد الأوروبي للإحصاء حتى الآن بنمو بنسبة 0.1 في المائة في الربع الأول بعد ركود "0 في المائة" نهاية العام الماضي.
تعود المراجعة إلى حد كبير للتخفيض الأخير للأرقام من ألمانيا، فقد أعلن أول اقتصاد أوروبي نهاية أيار (مايو) دخوله حالة ركود بسبب تراجع نشاط شركاته الصناعية.
والأرقام الجديدة تلقي بظلالها على آفاق المنطقة لمجمل العام، ففي منتصف مايو توقعت المفوضية الأوروبية نموا بنسبة 1.1 في المائة في 2023.
وقالت شارلوت دو مونبلييه الخبيرة الاقتصادية في بنك آي إن جي: "إن الرقم الآن يبدو متفائلا"، متوقعة 0.5 في المائة فقط على مدار العام بأكمله.
وأضافت "منذ الربيع البيانات كلها كانت سيئة"، مشيرة بشكل خاص إلى الإنتاج الصناعي الألماني والطلبيات الجديدة. وذكرت أن "الاقتصاد الأوروبي يمر بمرحلة ركود ويواجه صعوبة في اجتياز فصل الشتاء بسبب صدمة موارد الطاقة".
من جهة أخرى، قالت وزارة المالية الفنلندية "إن البلاد ستتمكن من تجنب انكماش في الاقتصاد العام الجاري، وذلك بعد أن عدلت توقعاتها بشكل طفيف للأعلى، بحسب وكالة "بلومبيرج" للأنباء.
وأضافت الوزارة في بيان أمس، أن إجمالي الناتج المحلي الفنلندي لن يتغير العام الجاري مقارنة بانكماش بواقع 0.2 في المائة في آذار (مارس).
وسيتعافى الاقتصاد العام المقبل لتصل نسبة الزيادة في النمو إلى 1.4 في المائة وهو تعديل طفيف أيضا من زيادة نسبتها 1.3 في المائة سجلت قبل ثلاثة أشهر.
وخرج اقتصاد الدولة التي تنتمي إلى منطقة اليورو من ركود استمر على مدى ربعين في بداية العام، نتيجة لتراجع أسعار الطاقة والإنفاق الخاص المستقر.
وقالت الوزارة "إن التوقعات ما زالت تشير إلى أن النمو بطيء العام الجاري، فيما ترتفع الأسعار وتتسبب معدلات الفائدة في خفض استهلاك الأسر والاستثمار، وترصد مساهمة إيجابية من صافي الصادرات مدفوعة في الأساس بتراجع كبير في الواردات".