أسعار الفائدة .. توقف مؤقت وموقف أكثر تشددا
عندما أعلن الاحتياطي الفيدرالي عن أول تأجيل في حملته القوية التي استمرت 15 شهرا من رفع أسعار الفائدة الأربعاء، كان هناك جزء مزعجا وغير متوقع.
أبقى البنك المركزي الأمريكي سعر الفائدة ثابتا، كما كان متوقعا على نطاق واسع، بعد عشر زيادات متتالية في أسعار الفائدة. لكنه أشار أيضا إلى حاجته للضغط كثيرا على أكبر اقتصاد في العالم قبل نهاية العام من أجل السيطرة على التضخم المرتفع بحدة.
بدلا من رفع الفائدة مرة أخرى بمقدار ربع نقطة، كما كان متوقعا بشكل كبير، يتوقع معظم المسؤولين الآن أنه يجب أن تكون هناك زيادتان من هذا القبيل هذا العام، وفقا لما يسمى "مخطط بياني نقطي" لتوقعاتهم التي رافقت تحرك الفائدة.
دفع التناقض في القرار -توقف مؤقت مقترن بموقف أكثر تشددا- جاي باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي إلى شن دفاع قوي عن نهج البنك المركزي الأمريكي الذي ترك بعض الاقتصاديين غير مقتنعين.
أوضح باول خلال مؤتمر صحافي يوم الأربعاء، حيث انهالت عليه أسئلة من صحافيين عن التناقض الواضح "لقد بدا لنا من المنطقي أن نخفف من رفع الفائدة مع اقترابنا من هدفنا".
قال باول "إن التحرك بحذر أكبر لن يمنح الاحتياطي الفيدرالي مزيدا من الوقت لتقييم البيانات الاقتصادية المستقبلية والأضرار التي أحدثتها الأزمة المصرفية الإقليمية الأخيرة فحسب، بل سيسمح أيضا لصناع السياسات بقياس تأثير التشديد النقدي السريع الذي تم سنه منذ آذار (مارس) الماضي، الذي ربما لم يظهر بعد بشكل كامل في الاقتصاد الحقيقي".
مع ذلك، وصف فينسينت راينهارت، الذي عمل في الاحتياطي الفيدرالي لأكثر من 20 عاما ويعمل الآن في شركة درايفوس، خطوة الأربعاء بأنها "خطأ سياسي مغلف بخطأ في نقله".
قال راينهارت "إن خطأ سياسة الاحتياطي الفيدرالي كان الفشل في الاستجابة لسلسلة من التقارير الاقتصادية القوية منذ الاجتماع الأخير في أيار (مايو) على الرغم من التعهد المتكرر بأن يكون معتمدا على البيانات".
وأضاف أن "الخطأ في نقله كان زرع توقعات بتوقف مؤقت عن رفع الفائدة قبل نحو خمسة أسابيع"، وهي خطوة تركته مترددا في التكيف مع "الظروف المتغيرة".
وفقا لأحدث مخطط نقطي، يتوقع معظم المسؤولين الآن أن يصل سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى ذروته عند نطاق مستهدف جديد يراوح بين 5.5 و5.75 في المائة، أي أعلى بنصف نقطة مئوية عما كان عليه عندما تم نشر توقعات مماثلة في مارس.
"لا يمكنهم الترويج لذلك على أنه تأخير احترازي للسياسة لانتظار مزيد من المعلومات عندما تقودك المعلومات التي حصلت عليها إلى مراجعة توقعاتك نصف نقطة مئوية"، كما قال راينهارت.
اكتشف بعض الاقتصاديين علامات على تزايد الانقسام بين صانعي السياسة في الاحتياطي الفيدرالي في الرسائل المتناقضة.
في الفترة التي سبقت اجتماع الأسبوع الماضي، ظهرت صدوع بين المسؤولين حول مقدار الألم الذي سيتم إلحاقه بالمقترضين. أشار الذين يدافعون عن نهج أكثر حذرا إلى احتمال أن التأثير التراكمي لتشديد سياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية لم يظهر بعد. وقد يؤدي ذلك إلى ألم لا داعي له لاقتصاد لا يزال يبدو في ظاهره مرنا بشكل ملحوظ.
في الوقت نفسه، أشارت مجموعة المتشددين إلى تقدم ضئيل في إخماد التضخم "الأساسي"، الذي يستبعد تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة.
"بالنسبة إلينا، يبدو هذا كأنه اجتماع انقسمت فيه اللجنة، حيث حصل الجميع على شيء، لكن لم يحصل أحد على كل شيء"، حسبما استنتج اقتصاديون في شركة إل إتش ماير للأبحاث.
كما توقعت تيفاني وايلدنج، كبيرة الاقتصاديين الأمريكيين في شركة بيمكو، أن التصويت بالإجماع على التوقف مؤقتا يوم الأربعاء كان نتيجة لهذه "المساومات".
لكن الحل الوسط الذي يبدو الآن مطروحا على الطاولة هو أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ربما في أقرب وقت في اجتماعه نهاية تموز (يوليو). وقد أظهر باول يوم الأربعاء تلميحات قوية إلى أن هذا قد يحدث وذلك عندما قال "إن الاجتماع الشهر المقبل سيتم بثه مباشرة".
قال باول "إنه بحلول ذلك الوقت، يمكن للاحتياطي الفيدرالي تقييم ثلاثة أشهر من البيانات الاقتصادية إضافة إلى صورة الخطورة المتغيرة". وفي مرحلة ما، وصف هذه الخطوة بأنها "تأجيل" قبل أن يصحح نفسه قائلا "لا ينبغي أن أسميها تأجيلا، أعني القرار".
وقد أثار ذلك مزيدا من التساؤلات حول سبب تراجع الاحتياطي الفيدرالي، خاصة بعد أن أظهرت التوقعات الاقتصادية الصادرة يوم الأربعاء أن المسؤولين أصبحوا بالتأكيد سلبيين أكثر بشأن توقعات التضخم وأكثر تفاؤلا بشأن النمو الاقتصادي وسوق العمل.
"إذا كان سيتم بث اجتماع يوليو مباشرة بالفعل، فإن ذلك يثير التساؤل عن سبب التوقف إذا كنت على استعداد للقول فورا إننا سنعود إلى رفع الفائدة؟" كما تساءل جين بويفين، النائب السابق لمحافظ بنك كندا الذي يشغل الآن منصب رئيس معهد بلاك روك للاستثمار.
فيما حذر دين ماكي، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في شركة بوينت 72 أسيت مانيجمنت، من أن البيانات قبل اجتماع يوليو من غير المرجح أن تخفف من مخاوف المتشددين في الاحتياطي الفيدرالي، محذرا من أن "التوتر" بين المسؤولين من المحتمل أن يستمر قبل أن ينفذ البنك المركزي في النهاية زيادة أخرى على سعر الفائدة الشهر المقبل.
قالت وايلدنج "إنها تتوقع أيضا أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي حينها"، لكنها اعترفت بأنها متشككة في أن البنك المركزي سيمضي قدما في الزيادة الثانية، وهو افتراض يستند إلى توقعاتها بأن الاقتصاد سيتباطأ قريبا بشكل حاسم أكثر.
وأضافت أن "مخاطر مبالغة البنك المركزي في ذلك قد ارتفعت حيث توسعت نهاية حملة تشديد السياسة النقدية بشكل مطرد".
"يجب أن يتوقف ذلك الهدف في مرحلة ما عن كونه هدفا متحركا، لأن السياسة النقدية تتعامل مع التأخيرات وأنت تخاطر بمعرفة أنك فعلت أكثر اللازم لاحقا"، كما قالت.
"ثم سيبدو أن السياسة النقدية فجأة مشددة جدا".