مواسم الصيد!

في إنجلترا القرن السابع عشر بدأ تقليد إنجليزي عريق ما زالت تحتفظ به مدنها ومدن أوروبية وأمريكية في يومنا هذا. يسمّي التقليد بالموسم الاجتماعي أو موسم المجتمع. تزامن ظهور هذا الموسم مع سطوة العائلات الأرستقراطية وأنظمة طبقات المجتمع المتباينة، إضافة إلى الأسرة الملكية التي كانت تقع في رأس الهرم الاجتماعي الإنجليزي.
يبدأ الموسم تقريباً من أيار (مايو) نهاية الربيع ويمتد حتى منتصف الصيف، وتترافق معه الاحتفالات الفنيّة والرياضية ومنها بطولات البولو والتنس (ويمبلدون) وسباقات الخيول (رويال اسكوت).
وفيه ينتقل الأرستقراطيون إلى قصورهم الريفية أو ما يسمّى بالمقرّ الصيفي. لتعلن بذلك بداية الفعاليات. ولكنّ الحدث الأهم في كلّ هذه الأنشطة هو تقديم الفتيات للمجتمع وهو حدث تحرص عليه الأسر الغنيّة وتعمل على إعداد بناتها طوال العام ليحققن النجاح المنقطع النظير فيه!
قبل تقديم الفتاة للمجتمع في الحفل السنويّ الذي يحضره المئات من الأزواج المستقبليين ـ المحتملين ـ تتعلم الإتيكيت وارتداء الأزياء الفخمة، وقد تمتد المهارات إلى إجادة الرياضات المقامة في ذلك الموسم.
قد تبدو هذه الترتيبات في ظاهرها متعة كبيرة، لكن على العكس تماماً كانت تمثل مفصلا وتحوّلا في حياة الفتاة، فإما أن يتم تقبلها من المجتمع المخملي وتنجح أسرتها في تعديل الوضع الاجتماعي بالثبات في مصاف الأرستقراطيين أو بالانتقال إلى مرتبة أعلى! وإما أن يتمّ رفضها ببساطة لتعود للمحاولة مجدداً في الأعوام المقبلة. وقد صور الكثير من الروايات الإنجليزية والأمريكية مشاهد من هذا الموسم مليئة بالدراما والطموح الذي لا ينتهي.
والجدير بالذكر أنّ الملكة اليزابيث الثانية أوقفت احتفال الظهور الأول في عام 1958 م، لكنّ النداءات مستمرة لإعادته بالطريقة التقليدية بعد أن حلّ الظهور الإعلامي محله.
عندما نتأمل العاصمة الإنجليزية (لندن) اليوم نكتشف ببساطة أن تقليد الموسم الاجتماعي لم يخفت ولم يتوقف منذ ثلاثة قرون وأصبحت المشاركة العالمية فيه عنصر تشويق إضافيا!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي