تراجع جاذبية بريطانيا كمقصد تجاري عالمي بعد «بريكست» .. انهيار الاستثمار الأجنبي
تشهد المملكة المتحدة انهيارا للاستثمارات الخارجية خلال العامين الماضيين، ما يوضح تراجع جاذبيتها كمقصد تجاري عالمي منذ الخروج من الاتحاد الأوروبي، وفقا لتقرير أممي نشر أمس.
وذكرت وكالة بلومبيرج للأنباء أن إجمالي الاستثمارات الأجنبية كان سلبيا خلال 2021، ما يعني أن الشركات الأجنبية سحبت مزيدا من الاستثمارات من المملكة المتحدة مقارنة بالتي قامت بضخها.
وتعافت التدفقات خلال 2022، ومع ذلك، كانت الاستثمارات التي بلغت 14.1 مليار دولار، أقل من خمس المتوسط خلال ثلاثة أعوام قبل جائحة كورونا.
ويظهر التقرير، التأثير في الشعور نحو المملكة المتحدة، حيث تكيفت الشركات المحلية والأوروبية مع التكاليف التجارية الجديدة والمعوقات الناجمة عن تقليص تجارتها.
وتزامن الانخفاض الحاد للاستثمارات 2021 مع تفشي متحور أوميكرون، الذي دفع السلطات إلى فرض إجراءات إغلاق خلال معظم العام.
وتجاوزت فرنسا العام الماضي بريطانيا من حيث مشاريع الاستثمارات الأجنبية الجديدة لأول مرة منذ 20 عاما، بحسب استطلاع شبكة إيرنست آند يانج للجاذبية خلال 2023.
وفي 2020 كانت الصين أكبر مستقبل لرأس المال الأجنبي حيث زادت التدفقات الوافدة 14 في المائة إلى 212 مليار دولار. وتراجعت الولايات المتحدة إلى المرتبة الثانية فيما تراجع الاستثمار الوافد 37 في المائة إلى 177 مليار دولار وكانت المرة الوحيدة السابقة التي جذبت فيها الصين مزيدا من رؤوس الأموال من الخارج من الولايات المتحدة في 2014.
ويبدو أن الجائحة زادت من التحول إلى آسيا. وكانت الهند ثالث أكبر مستقبل لرؤوس الأموال الأجنبية فيما ارتفعت التدفقات الوافدة بنسبة 27 في المائة إلى 64 مليار دولار.
ورغم ذلك، أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاءات في بريطانيا، أن الاقتصاد البريطاني نما 0.1 في المائة في الربع الأول من هذا العام دون تعديل عن تقديرات أولية منشورة الشهر الماضي.
وقال المكتب إن الناتج المحلي الإجمالي البريطاني في الربع الأول من هذا العام كان أقل 0.5 في المائة مقارنة بالربع الأخير من 2019 قبل تفشي جائحة "كوفيد - 19"، وتتماشى هذه النسبة أيضا مع تقديرات سابقة.
ويسير تعافي الاقتصاد البريطاني منذ جائحة "كوفيد - 19" بوتيرة أبطأ كثيرا من جميع الاقتصادات الكبيرة المتقدمة تقريبا، رغم أن ألمانيا تعاني أيضا وكان اقتصادها في الربع الأول أقل 0.5 في المائة مما كان عليه قبل الجائحة. وتوقع بنك إنجلترا في أيار (مايو) الماضي نمو الاقتصاد البريطاني 0.25 في المائة فقط هذا العام.
وفي سياق متصل، رحب جيمس كليفرلي وزير الخارجية البريطاني الإثنين في بروكسل بـ"تقدم حقيقي" تم إحرازه في العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في أعقاب اتفاق تم إبرامه حول أحكام مرحلة ما بعد بريكست في أيرلندا الشمالية.
وقال كليفرلي أمام البرلمان الأوروبي وبجانبه ماركوس سيفكوفيتش نائب رئيس المفوضية الأوروبية "لمسنا تقدما حقيقيا وأتعهد بالحفاظ على هذا المسار الإيجابي".
وتابع أمام لجنة برلمانية مختلطة "علينا أن نقر بأننا لن نتفق على كل شيء. لكن في علاقات يسودها حس بالمسؤولية، يمكننا إدارة خلافاتنا، مع الاستفادة القصوى من المجالات التي نتفق بشأنها". وكان جيريمي هانت وزير المالية البريطاني قد زار بروكسل الأسبوع الماضي لتوقيع اتفاق تعاون بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي حول الخدمات المالية.
وتأتي الزيارتان في وقت يسعى فيه ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني إلى تعزيز العلاقات بين ضفتي بحر المانش (القناة) بعدما أبرم في آذار (مارس) "إطار عمل ويندسور" الرامي إلى تهدئة توترات ما بعد بريكست بشكل مستدام. ويرمي النص إلى تسهيل حركة نقل السلع داخل المملكة المتحدة مع تجنب قيام حدود مادية بين أيرلندا الشمالية (المقاطعة البريطانية) وجمهورية أيرلندا (العضو في الاتحاد الأوروبي)، بما يتماشى مع اتفاق الجمعة العظيمة الذي وضع حدا لأعمال عنف شهدتها الجزيرة طوال ثلاثة عقود.
ومن المقرر أن يجري كليفرلي الإثنين زيارة إلى مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل للقاء أمينه العام ينس ستولتنبرج، وذلك في إطار استكمال التحضيرات لقمة يعقدها التحالف في فيلنيوس الأسبوع المقبل.