البنوك البريطانية تتقدم على المنافسين في نقل مزايا ارتفاع الفائدة

البنوك البريطانية تتقدم على المنافسين في نقل مزايا ارتفاع الفائدة

قدمت البنوك البريطانية من مزايا رفع أسعار الفائدة للمدخرين أكثر من نظيراتها في أوروبا أو الولايات المتحدة، حيث يضغط السياسيون والمنظمون والعملاء للحصول على حصة أكبر من الأرباح.
تتعرض البنوك العالمية للضغوط من أجل نقل مزايا ارتفاع أسعار الفائدة إلى عملائها - لكن المقرضين في الأسواق الأقل تنافسية أثبتوا أنهم أقل سخاء بكثير من غيرهم، وفقا لتحليل أجرته وكالة إس آند بي للتصنيف.
قال ماركو نيكولاي، المحلل في بنك جيفريز، "بعد أعوام من الربحية الضعيفة جدا والمرتبطة بالفوائد المنخفضة للغاية، أصبحت لدى البنوك الآن الفرصة لاستعادة بعض مستويات ربحيتها في الفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية. وهي ليست تواقة للتخلي عن ذلك على الفور".
كانت الزيادات السريعة في أسعار الفائدة من قبل محافظي البنوك المركزية على مدار الأشهر الـ18 الماضية لمكافحة خطر التضخم بمنزلة نعمة للبنوك، التي تولد الأرباح من الفرق بين سعر الفائدة الذي تدفعه للمودعين وما تفرضه على المقترضين، والمعروف باسم صافي دخل الفائدة.
ويقدر المحللون أن هوامش الربح التي تحققها البنوك الأوروبية من صافي الفائدة ستبلغ ذروتها في الربع الثالث من هذا العام.
ولكن بينما تجادل البنوك بأن الهوامش الأفضل هي العودة إلى ظروف العمل الطبيعية بعد أسعار فائدة منخفضة قياسية، بل حتى سلبية، إلا أنها واجهت ضغوطا لتقاسم مزيد من الأرباح مع عملائها.
تظهر مقارنة الأسواق استنادا إلى حصة الزيادة في أسعار الفائدة الأساسية التي تنقلها البنوك إلى أسعار الفائدة على الودائع - وهو مقياس يعرف باسم حساسية الودائع لارتفاع أسعار الفائدة - أن العملاء في الدول التي بدأت رفع أسعار الفائدة في وقت مبكر استفادوا أكثر من غيرهم حتى الآن.
وفي المملكة المتحدة، بدأ بنك إنجلترا رفع أسعار الفائدة في كانون الأول (ديسمبر) 2021، وهو من أوائل البنوك المركزية الرئيسة التي فعلت ذلك. ومنذ ذلك الحين، رفع البنك أسعار الفائدة من 0.1 إلى 5 في المائة، حيث يراهن المستثمرون أنها قد تقفز إلى 6.5 في المائة بحلول آذار (مارس) المقبل، وهو أعلى مستوى لها منذ 1998.
في الوقت نفسه، قامت أكبر البنوك في المملكة المتحدة بنقل 43 في المائة من المزايا إلى عملائها في الودائع الأعلى.
قال نيكولاس تشارناي، المحلل في إس آند بي جلوبال ريتينجز، موضحا سبب كون الودائع التجريبية في المملكة المتحدة من بين أعلى معدلات الفائدة في أوروبا، "المملكة المتحدة لا تسبق فقط منطقة اليورو بسبعة أشهر في الدورة، بل هناك أيضا مستوى أعلى من المنافسة، خاصة مع المؤسسات غير المصرفية".
ولكن في حين تعاني بريطانيا ارتفاع التضخم والفائدة على الرهن العقاري، طالب السياسيون والمنظمون وبنك إنجلترا البنوك برفع أسعار الفائدة على الودائع للمدخرين بشكل أكبر.
المشكلة الرئيسة في المملكة المتحدة هي أن أسعار الفائدة على الرهن العقاري محددة الأجل مرتبطة بمقايضة أسعار الفائدة، والتي ارتفعت بشكل أسرع كثيرا من سعر الفائدة الأساسي لبنك إنجلترا.
قال أندرو كومبس، المحلل في بنك سيتي، "ما لا يرغب السياسيون في رؤيته هو أن تكون الفائدة على الرهن العقاري أعلى بكثير مقارنة بسعر الفائدة على الادخار".
وفي الوقت نفسه، مررت البنوك الأمريكية 25 في المائة من زيادات أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي منذ بدأ رفعها في مارس 2022 حتى نيسان (أبريل) من هذا العام، حيث يتوقع المحللون في شركة إس آند بي أن الودائع التجريبية "زادت بشكل كبير" منذ ذلك الحين.
مع ذلك، دعا عملاء الشركات والمؤسسات المقرضين الأمريكيين إلى زيادة أكبر لأسعار الفائدة على الودائع.
فيما تتعرض بنوك الإقراض الأمريكية لضغوط أكبر من نظيراتها الأوروبية لنقل فوائد ارتفاع أسعار الفائدة إلى عملائها بسبب المنافسة في السوق، ليس فقط بين البنوك، ولكن أيضا مع منتجات الادخار المختلفة المعروضة.
وعلى عكس البنوك الأوروبية، التي شهدت عموما تدفقات متواضعة إلى حسابات الودائع خلال العام الماضي، عانت البنوك الأمريكية تدفقات خارجية 5 في المائة خلال الفترة نفسها، وفقا لبنك سيتي.
قال كومبس، "من أكبر الاختلافات بين البنوك الأوروبية والأمريكية هو هروب سوق المال في الولايات المتحدة، حيث من الأسهل بكثير تحويل الأموال من حساب مصرفي إلى أحد منتجات سوق المال أو حتى شراء سندات الخزانة".
"هذه السهولة في الحركة هي جزء من الديناميكية التي تفسر سبب استعداد البنوك الأمريكية لتقديم أسعار فائدة أعلى على الودائع".
في جميع أنحاء منطقة اليورو، حيث بدأ البنك المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة في تموز (يوليو) 2022، كانت البنوك بطيئة في نقل المنافع إلى عملائها. حيث بلغ متوسط حساسية الودائع لبنوك منطقة اليورو الكبيرة في الأشهر التسعة حتى أبريل الماضي 18 في المائة، مقارنة بـ36 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من الفترة السابقة التي شهدت ارتفاعا مستداما في الفائدة في الفترة من 2005-2008. قال محللون إن أحد الأسباب الرئيسة للتأخير هو السرعة التي ارتفعت بها الفائدة هذه المرة مقارنة بـ2005.
كانت البنوك الفرنسية من بين أكثر المقرضين استعدادا لمشاركة الزيادات مع العملاء. والعامل الرئيس في ذلك هو شعبية ليفريت أيه، وهو حساب توفير عمره 200 عام تم تصميمه للمساعدة على استعادة المالية العامة لفرنسا بعد حروب نابليون بونابرت.
إن حسابات ليفريت أيه للودائع مرتبطة بالتضخم وتحددها الحكومة. حيث بلغت الفائدة على الحساب 3 في المائة، وهي في أعلى مستوى لها منذ 14 عاما.
تتمتع بنوك لوكسمبورغ بواحد من أعلى مستويات حساسية الودائع في جميع أنحاء منطقة اليورو بنسبة 36 في المائة، ولكن يعود ربع ذلك إلى تحول العملاء من الحسابات الجارية إلى الحسابات محددة الأجل، والتي تقدم أسعار فائدة أعلى مقابل حجز أموالهم لمدة عام أو أكثر.
ويعد معدل التحول إلى الحسابات ذات الدخل المرتفع أقل بكثير في دول مثل المملكة المتحدة وإسبانيا وإيطاليا وأيرلندا، حيث إن المدخرين الذين يواجهون ارتفاع التكاليف يعطون الأولوية للوصول الفوري إلى مدخراتهم.
كما أن الدول الأكثر تضررا من أزمة منطقة اليورو قبل أكثر من عقد وحيث اضطر القطاع إلى الاندماج - مثل أيرلندا وإسبانيا واليونان وإيطاليا - أثبتت أنها أقل استعدادا لنقل أسعار الفائدة إلى العملاء.
قال تشارناي من شركة إس آند بي، "إذا كان لديك عدد أقل من البنوك في النظام، فإنها تسيطر على السوق ويمكنها التحكم بشكل أكثر فاعلية في مقدار ما يتم نقله إلى المستهلكين".
تتمتع البنوك الإسبانية بواحد من أدنى معدلات الفائدة التي تنقل إلى العملاء في أوروبا، على الرغم من أن الحكومة الائتلافية بقيادته الاشتراكية فرضت ضريبة غير متوقعة ومثيرة للجدل هذا العام تهدف إلى ضرب البنوك التي استفادت أكثر من غيرها من الارتفاع في صافي دخل الفائدة.
أضاف تشارناي، "لست متأكدا من مدى فاعلية الضريبة غير المتوقعة في دفع البنوك إلى رفع أسعار الفائدة على الودائع - فهي لا تعالج العامل الأساس، وهو مستوى المنافسة في السوق".
وتشير تقديرات بنك سيتي إلى أن حساسية الودائع في مختلف أنحاء منطقة اليورو سترتفع من متوسط يراوح بين 25-30 في المائة هذا العام إلى 30-40 في المائة العام المقبل، في حين سترفعها البنوك الأمريكية إلى 45-55 في المائة بحلول نهاية هذا العام.
قال مسؤول تنفيذي في بنك أوروبي، "في نهاية المطاف، الأمر يتعلق بحجم الضغط السياسي الذي ترغب البنوك في تحمله مقارنة بالأرباح التي تحققها أخيرا بعد أعوام من أسعار الفائدة المنخفضة أو السلبية".

سمات

الأكثر قراءة