تقييمات الإنترنت .. إما خمس نجوم وإما أنت وحش شرير
هناك ثلاثة أنواع من الأكاذيب على الإنترنت. الأكاذيب والأكاذيب اللعينة وتقييمات نجمة إلى خمس نجوم.
أنا لا أتحدث فقط عن التقييمات التي يمكن شراؤها من مقيم مزيف مقابل خمسة دولارات للتقييم الواحد "رغم أن هذه بلاء بالتأكيد". إنني أتحدث عن التقييمات التي يفترض أنها حقيقية ونقدمها من خلال النقر بلا تفكير بإبهامنا على جميع النجوم الخمسة عندما يطلب منا تقييم رحلة سيارة أجرة سببت الغثيان أو حصة لياقة بدنية متواضعة - ليس لأن هذا انعكاس حقيقي لوجهات نظرنا، بل لأنه الخيار الأسرع والأكثر راحة والخالي من الشعور بالذنب.
تصور التقييمات عبر الإنترنت عالما يبدو فيه كل شيء رائعا بعيدا عن فظاعته. التقييمات لها توزيع على شكل حرف J، عدد كبير من أعلى التقييمات وبعضها متدنية للغاية وبالكاد يوجد شيء بينهما. المراجعات ذات النجمتين والثلاث نجوم غير موجودة تقريبا. وجدت دراسة نشرت في مجلة "نيتشر" في 2021 أن أكثر من 80 في المائة من التقييمات عبر الإنترنت كانت ضمن أربع أو خمس نجوم، ما أوجد "مشكلة الإيجابية" التي جعلت من المستحيل تقريبا التمييز بين المنتجات والخدمات.
آخر مرة واجهتني فيها مشكلة الإيجابية كانت في رحلتي الأخيرة إلى الولايات المتحدة، حيث مكثت في شقة "فاخرة" حجزتها من موقع أير بي إن بي كان لها تصنيف مثالي تقريبا عند 4.85 نجمة من 115 مقيما. لقد كان ذلك بغض النظر عن وجود رائحة حلوة تثير الغثيان ولا تطاق تقريبا كانت تثير الشكوك حول التستر على شيء سيئ، وحقيقة أن كتب طاولة القهوة المعروضة في الصور كانت مزيفة ومصنوعة من الورق المقوى، وستارة غرفة النوم المكسورة، والصالة الرياضية التي لا تحتوي على تكييف بينما كانت درجات الحرارة في الخارج أعلى من 40 درجة مئوية.
"شكرا لزيارتك، سنمنحك تقييم خمس نجوم في جميع النواحي! إننا سعداء لأنك استمتعت بإقامتك:)"، جاء هذا التنبيه العدواني المستتر للتقييم والمبتز عاطفيا بعد دقائق فقط من مغادرتي.
لو كنت شجاعة بما فيه الكفاية، لكنت أعطيت الشقة ثلاث نجوم. لكنني خفت ولم أعط أي تقييم على الإطلاق. إن النظام غير موجه نحو الصدق. فلو قدمت تقييما سيئا، لكان علي أن أواجه الإحراج الناتج عن مراجعة عامة تجعلني أبدو كشخص سيئ أو غريب "أي نوع من الوحوش يعطي تقييم بثلاث نجوم على أير بي إن بي؟"، إضافة إلى أنني كنت سأشعر بالذنب بسبب احتمال إلحاق الضرر بمصدر رزق المضيف.
وهذا يقودنا إلى مشكلة جوهرية. لقد أصبحت التقييمات عبر الإنترنت الآن مهمة جدا لبائعي المنتجات والخدمات التي يتم تقييمها، إضافة إلى المنصات التي تستضيفها، لم يعد من الممكن الاعتماد عليها. إنه قانون جودهارت للاقتصاد على أرض الواقع: حالما يصبح المقياس هدفا، يصبح مقياسا سيئا.
إذا لم تشتر الشركات تقييمات مزيفة، فإنها ستشجعنا على كتابة تقييمات إيجابية. أرسلت شركة اشتريت منها زوجا من الصنادل الشهر الماضي ثلاثة "تذكيرات ودية" لأكتب تقييما، حيث عرضت خصما قيمته عشرة يورو على مشترياتي التالية - إن خيار الخمس نجوم محدد مسبقا لتوفير الوقت. وعلى "أير بي إن بي"، فإن الكلمات التي تشرح ما تعنيه كل نجمة في التصنيف تدفع التقييمات بقوة نحو الأعلى. النجمة الواحدة تعني "فظيع" لكن الخمس نجوم تعني "رائع". من المفترض أن أي كلمة أكثر حماسة "ممتاز؟ مدهش؟ مذهل؟" من شأنها أن تثني المستخدمين عن اختيار خمس نجوم، ما يمنح المنصة عددا أقل من التقييمات الأعلى التي تعزز المبيعات.
يقول فيليب فيرنباخ، المؤلف المشارك لكتاب "وهم المعرفة"، وعالم في السلوك المعرفي وأستاذ التسويق في جامعة كولورادو بولدر، "نظرا إلى أن هذه التقييمات أصبحت أهم مصدر للمعلومات لاتخاذ القرار عند المستهلك، فقد أصبح هذا الصرح الضخم الآن مدارا من جميع الجوانب".
شارك فيرنباخ في تأليف ورقة بحثية في 2016 وجدت أن تصنيفات المنتجات على أمازون لها علاقة ضعيفة جدا بحكم الجودة للمقاييس الراسخة، كمنظمة كونسيومر ريبورتس الأمريكية غير الربحية المتخصصة في اختبار المنتجات بطريقة علمية. يجري فيرنباخ وزملاؤه بحثا حول ما إذا كانت المراجعات المصنفة بأنها "مفيدة" تنبئ بالجودة. والنتائج الأولية؟ ليست كذلك، يحكم على التقييمات بأنها مفيدة لأنها تبدو موثوقة أو تستخدم لغة فنية، وليس لدقتها. لذلك يبدو أنه حتى نظام التصنيف للتقييمات عبر الإنترنت معطوب.
إن نظام التصنيف عبر الإنترنت هو انعكاس لشبكة إنترنت تكافئ وجهات النظر المبالغة وتعاقب عدم اليقين. توزع الآراء على طول منحنى على شكل حرف J، لكن في الاتجاه المعاكس: كل شيء إما فظيع وإما مذهل، لكنه في الغالب فظيع. فلا أحد يريد أن يسمع ما تقوله "عن الجانبين السلبي والإيجابي"، إنهم يريدون انتقادات وحشية، أو في حالة الفشل في ذلك، فإنهم يريدون الثناء المتملق. إن ذلك يبقيك متفاعلا. تكمن المشكلة بالطبع في أن الحقيقة في الأغلب ما تكون في مكان ما في الوسط الفوضوي.