انتصارات لوكسشير مع أبل .. الطائر الوسيم يحلق مع العنقاء

انتصارات لوكسشير مع أبل .. الطائر الوسيم يحلق مع العنقاء

عندما كشفت أبل النقاب عن سماعة الواقع المختلط فيجن برو لوسائل الإعلام العالمية في (يونيو) الماضي، كان القليل على دراية بالدور المهم الذي لعبته شركة تصنيع متعاقدة غير معروفة في الصين في ابتكار الجهاز الثوري.
حيث حظيت شركة لوكسشير بريسيجن إنداستري ومقرها شينجين بالأفضلية وزيادة الأعمال لدى صانعة الآيفون جزئيا من خلال الاستعداد لاختبار الأفكار "المجنونة" في مصانعها، وذلك وفقا لأحد موظفي سلسلة التوريد في أبل.
فهي الشركة الوحيدة المجمعة لسماعات فيجن برو، وقد ارتأت ذلك من خلال مشكلات التصنيع الأولية لدمج إلكترونياتها المعقدة والانتكاسات الناجمة عن العيوب المتكررة جدا في أحد المكونات الأساسية - وهي شاشات أوه ليد المتناهية في الصغر. واضطرت شركة أبل إلى تخفيض توقعات الإنتاج للعام المقبل، حيث قال شخصان مقربان من أبل ولوكسشير إنها تستعد لإنتاج أقل من 400 ألف وحدة في 2024.
ومع ذلك، قطعت الشركة ورئيستها شوطا طويلا لتصنيع "الجهاز الاستهلاكي الأكثر تعقيدا الذي صنعه أي شخص على الإطلاق"، وفقا للمحللين، ومواجهة شركة فوكسكون التايوانية، التي تعد أكبر شركة تعاقدية لتصنيع الإلكترونيات في العالم.
عندما بدأت فوكسكون في الصين بافتتاح مصنع جديد في شينجين 1988، كانت جريس وانج (21 عاما) من أوائل العمال المهاجرين الذين تم توظيفهم في خطوط الإنتاج الخاصة بها. وأظهرت وانج ما يكفي من البراعة والمهارات للحصول على ترقية سريعة لمنصب المدير، حيث بدأ صاحب عملها بالهيمنة التي استمرت عقودا طويلة على صناعة أجهزة التكنولوجيا.
وبعد مرور 35 عاما، أصبحت فتاة المصنع الآن رئيسة شركة صناعة الإلكترونيات بعقود خاصة بها، بعد أن شاركت في تأسيس وبناء لوكسشير لتصبح أخطر منافس لشركة فوكسكون.
وبشق طريقها من كونها مقاولة فرعية لتوريد الموصلات عام 1999، نمت شركة لوكسشير لتصبح شركة عامة حيث أدرجت في مدينة شينجين الجنوبية في 2010، وبيعت مباشرة لشركة أبل منذ 2011. وكانت الإيرادات ارتفعت من 2.5 مليار رنمينبي (350 مليون دولار) في 2011 إلى 214 مليار رنمينبي العام الماضي.
ولعبت وانج دورا فعالا في صعود الشركة، كما يقول أشخاص عملوا معها. وقال مصدر يعمل في الشركة منذ فترة طويلة ولم يرغب في الكشف عن اسمه: "إنها البطل وراء لوكسشير، حيث تعلمت الكثير من فوكسكون حول إدارة المصانع وتوسيع الأعمال".
ويضيف المصدر: "إنها مثل الأخت الكبرى أو الأم في مسائل الإدارة اليومية - إنها متنبهة وقوية".
في حين تشتهر فوكسكون بأنها صانعة هواتف الآيفون، كانت لوكسشير تعمل بثبات على توسيع أعمالها مع أبل، وأصبحت شريكا مهما وموردا بديلا للخدمات. وبينما لا تزال إيرادات الشركة وأرباحها أقل بكثير من مستوى فوكسكون، إلا أن ملف نموها المرتفع أدى بقيمتها السوقية إلى تجاوز منافستها في وقت ما في أوائل 2021.
ويمكن قياس رأي شركة أبل في قدراتها من خلال مستوى الصعوبة في المهام التي يعهد بها للشركة - من إنشاء مصانع خارج الصين في وقت تزداد فيه التوترات الجيوسياسية إلى إنتاج هواتف متطورة.
أنتجت لوكسشير في البداية موصلات بسيطة لأجهزة الآيفون وحواسب الماك بوك المحمولة من خلال إحدى عمليات الاستحواذ التي نفذتها، قبل توسيع الإنتاج ليشمل مكونات مهمة في منتجات أبل الأخرى، بما في ذلك سماعات آيربودز وأبل ووتش ثم الآيفون. وفي 2022، حققت لوكسشير أكثر من 70 في المائة من إيراداتها من خلال شركة أبل، مقارنة بنسبة أقل من 50 في المائة لفوكسكون، وفقا للتقارير السنوية وتفسيرات المحللين.
وكانت متطلبات أبل الصارمة من مورديها تميل إلى تعزيز مصداقيتها مع العملاء الآخرين. حيث توجت شركة لوكسشير بجائزة "المورد الذهبي" من قبل شركة هواوي في 2018.
ويقول خبراء الصناعة إن الصعود السريع لشركة لوكسشير قد ساعده حماس الرئيس التنفيذي لشركة أبل، تيم كوك، للشركة الصينية التي زار منشآتها. كما استفادت من اختيارها لمساعدة أبل في جهودها لتنويع سلسلة التوريد الخاصة بها خارج الصين.
ويقول المحلل توني جانج من شركة سي إل إس أيه إن هذا يمثل تحديا، مع الحاجة إلى التكيف من الإنتاج المركزي إلى الإدارة اللامركزية للمصانع في جميع أنحاء العالم وتدريب العمال المحليين في مناطق مختلفة.
الهند إحدى هذه الأسواق حيث أنشأت لوكسشير مكتبا لها عام 2019، واشترت مصنعين راسخين للإنتاج في تشيناي من شركة صنع الهواتف المحمولة سابقا نوكيا وموتورولا. كما تقدمت بطلب للحصول على إذن لبناء مصنع في الهند مع شريك محلي، وفقا لأشخاص مقربين من الشركة ومسؤولين في الحكومة الهندية.
لكنها كانت حذرة بشأن التوسع، حيث ألمحت وانج في مناسبة في (فبراير) إلى أن سلسلة التوريد في الهند لم تكن ناضجة بما فيه الكفاية. ويقول إيدي هان، المحلل في شركة إسايا ريسيرتش، إن العلاقات المتوترة بين الصين والهند قد تحد من تطوير أعمال شركة لوكسشير. وقالت الشركة في (مايو) إنها "ستستثمر فقط (في الهند) بضمانات كافية" لبيئة الأعمال.
وبدلا من ذلك، برزت فيتنام كخيار أفضل، مع ثقافة مشابهة للصين وروابط نقل أكثر سلاسة. وقالت وانج في (فبراير) إن فيتنام "الخيار الأفضل" لنقل التصنيع.
وتقوم الشركة ببناء مصانع هناك منذ 2016، وبدأت بالفعل في ترحيل أعمال الإنتاج الخاصة بشركة أبل. وقال فريق إدارة لوكسشير في (أبريل) إن مصانع فيتنام تركز على صنع منتجات ناضجة، في حين أن المهام الأكثر تحديا، مثل الهواتف المحمولة وتجميع المنتجات الجديدة، ما زال تنفيذها يتم في الصين.
والتالي بالنسبة لشركة لوكسشير هو سلسلة آيفون 15، التي سيبدأ إنتاجها في الصين في (أغسطس) الحالي، قبل مناسبة إطلاقها بشكل رسمي.
وتلقت الشركة حصة قياسية من طلبات أبل لتجميع الإصدار الجديد من الهاتف الذكي، وفقا لشخصين مقربين من أبل ولوكسشير. وذكرت "الفاينانشيال تايمز" أن الشركة ستقوم بتجميع النماذج المتميزة لأول مرة، لتكسر بذلك قبضة فوكسكون على إنتاج سلسلة هاتف آيفون برو.
وقال إيفان لام، كبير المحللين في شركة كاونتربوينت، إن قدرة لوكسشير على إنتاج ما يكفي من الهواتف المؤهلة "بسرعة وكفاءة" ستحدد نجاحها في الحصول على حصة أكبر من إنتاج الهواتف الذكية.
وقال الشخصان إن تقديم أسعار أقل ومرونة أكبر جعل الشركة خيارا جذابا لشركة أبل، التي تفكر في منحها دورا أكثر أهمية في إنتاج سلسلة هواتف آيفون 16، وذلك اعتمادا على أدائها في تسليم آيفون 15.
ستكون وانج الشخص الذي يدفع الشركة للحفاظ على معاييرها وإثبات نفسها كمورد يمكنه الاستمرار في منافسة فوكسكون من حيث الجودة والموثوقية.
وطالما قالت وانج عن العلاقة مع شركة أبل مستشهدة بمثل صيني قديم: "يجب أن يكون المرء طائرا وسيما كي يحلق مع طائر العنقاء".

سمات

الأكثر قراءة