هل ينخفض التضخم دون سحق النشاط الاقتصادي؟

هل ينخفض التضخم دون سحق النشاط الاقتصادي؟

يأمل الاقتصاديون والمحللون بشكل متزايد أن يتمكن الاحتياطي الفيدرالي من تجنب دفع الولايات المتحدة إلى الركود، حيث يتباطأ التضخم ويستمر النمو القوي رغم 11 زيادة في أسعار الفائدة.
فقد رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الأسبوع الماضي بمقدار ربع نقطة مئوية أخرى إلى أعلى مستوى في 22 عاما. لكن موجة من البيانات المتفائلة زادت من احتمالية أن يتمكن البنك المركزي من تحقيق هبوط سلس - خفض التضخم من خلال سياسة نقدية أكثر تشددا دون سحق النشاط الاقتصادي.
قال يان هاتزيوس، كبير الاقتصاديين في بنك جولدمان ساكس، إن البيانات تضيف إلى ثقته بأن الولايات المتحدة يمكن أن تتجنب الركود. وخفض جولدمان ساكس الأسبوع الماضي احتمالية حدوث ركود إلى 20 في المائة، انخفاض مقداره خمس نقاط مئوية.
قال هاتزيوس، "إننا نعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي يسير على الطريق الصحيح لتحقيق هبوط سلس. وكانت البيانات هذا الأسبوع جيدة باستمرار. إن هذا يضيف إلى قناعتي".
أفاد مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي الجمعة أن مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي - المقياس الأساسي لمؤشر النفقات الاستهلاكية الشخصية - قد انخفض في يونيو إلى 4.1 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 2021، من 4.6 في المائة في مايو.
بشكل منفصل، ارتفع مؤشر تكلفة التوظيف، الذي يتتبع الأجور والمزايا ويراقب من كثب من قبل صانعي السياسات كمؤشر لنمو الأجور، 1 في المائة في الربع الثاني، انخفاضا من 1.2 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
بينما أثار نمو الأجور قلق الاقتصاديين بسبب مساهمته في التضخم، فقد ساعد أيضا للحفاظ على قوة المستهلك الأمريكي. أشار هاتزيوس إلى أن بيانات مؤشر تكلفة التوظيف لهذا الأسبوع كانت جيدة لأنها أظهرت تباطؤا في الأجور، التي كانت مع ذلك تنخفض بسرعة أقل من الأسعار.
كانت أرقام مؤشر تكلفة التوظيف ومؤشر النفقات الاستهلاكية الشخصية الأساسية أقل مما توقعه الاقتصاديون.
قالت هايدي شيرهولز، رئيسة سابقة للاقتصاديين في وزارة العمل وتشغل الآن منصب مديرة السياسة في معهد السياسة الاقتصادية، "إنني متفائلة بأننا نهبط بالاقتصاد على نحو سلس - إننا نشهد بالفعل تضخما معتدلا بشكل كبير وسنواصل رؤية التضخم معتدلا ولن نشهد ارتفاعا كبيرا في البطالة".
"إذا كان لدينا ركود، فسيكون ذلك بمنزلة فشل في السياسات. سيكون ذلك لأن الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة أكثر من اللازم".
يأتي الدليل على تباطؤ التضخم إلى جانب مؤشرات على أن النمو لا يزال مرنا. ذكرت وزارة التجارة الخميس أن الاقتصاد الأمريكي نما 2.4 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني، وهو أعلى بكثير من 1.8 في المائة التي توقعها الاقتصاديون، وأعلى من معدل 2 في المائة في الربع الأول.
شارك المسؤولون في التفاؤل بشأن الولايات المتحدة. فقد قال جاي باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأربعاء، إن موظفي البنك المركزي قد سحبوا توقعاتهم بشأن ركود اقتصادي في الولايات المتحدة، بينما أقروا أيضا أنه لا يزال هناك عمل يتعين القيام به لخفض التضخم إلى الهدف.
وفي حين أن هدف الاحتياطي الفيدرالي المعلن هو العودة إلى هدف التضخم البالغ 2 في المائة، أشار بعض المحللين إلى أن الهبوط "السلس نوعا ما" لما يقارب 2 في المائة قد يكون كافيا.
قال أجاي راجادياكشا، الرئيس العالمي للأبحاث في بنك باركليز، "قد لا يكون لدينا هبوط سلس دقيق، لكنه سيكون شبه سلس. وقد لا نخفض معدل التضخم إلى 2 في المائة، ولكن قد لا تكون نهاية العالم إذا انخفض التضخم في الولايات المتحدة إلى ما يقارب 2.6 أو 2.7 في المائة، دون خسائر كبيرة في الوظائف".
عززت الأخبار الاقتصادية الأسواق الأمريكية التي أصبحت بالفعل أكثر تفاؤلا بشأن التوقعات الاقتصادية مع أداء جيد لفئات الأصول ذات المخاطر العالية في الأسابيع الأخيرة.
وارتفع مؤشر الأسهم إس آند بي 500 بنسبة 20 في المائة تقريبا في العام حتى تاريخه، مدعوما بالإثارة حول الذكاء الاصطناعي والآثار المترتبة على أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة. وارتفع مؤشر ناسداك المركب، وهو موطن عديد من أكبر الأسماء التكنولوجية، 37 في المائة وارتفع 2 في المائة في الأسبوع الماضي - مدعوما بالأرباح الفصلية القوية لشركة ميتا.
تدفع الشركات ذات المخاطر العالية أقل علاوة في 15 شهرا للاقتراض في سوق السندات.
حذر بعض الاقتصاديين من أن قوة الاقتصاد الأمريكي، وحيوية السوق، قد يجبران الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول - ما قد يؤدي في النهاية إلى سحق سوق العمل ودفع الولايات المتحدة إلى الركود.
قال باول هذا الأسبوع إن تحقيق تراجع للتضخم دون "أي تأثير سلبي ذي مغزى في سوق العمل أمر جيد". لكنه حذر من أن النمو القوي قد يحفز التضخم مرة أخرى، ما قد يستلزم مزيدا من التشديد.
فقد قال مايكل جابن، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في بنك أوف أمريكا، "يخبرك التاريخ أنه عندما وصلنا إلى هذا الوضع من قبل - تضخم مرتفع، والحاجة إلى تراجعه، ورفع أسعار الفائدة بسرعة - بشكل أكثر تكرارا، كان لدينا ركود".
ومع ذلك، فقد أضاف، "أعتقد أننا بحاجة إلى توخي الحذر في تطبيق هذا التاريخ على السياق الحالي - لأنه لو كان الأمر ينطوي على شيء إيجابي واحد، فنحن نعلم أن دورة أعمال كوفيد مختلفة".

سمات

الأكثر قراءة