المليار الذهبي
"المليار الذهبي" مصطلح روسي سمعته لأول مرة بعد حصار الغرب لروسيا إثر تدخلها في أوكرانيا. ففي حين يبلغ عدد البشر ثمانية مليارات نسمة، يعيش "واحد مليار منهم" في الدول الغربية الأكثر ثراء ورفاهية. ورغم أن نسبتهم "واحد إلى ثمانية" يعدون الأكثر استهلاكا لموارد الأرض، وتلويثا للبيئة، واستنزافا لثروات الشعوب الأخرى.
هؤلاء هم المليار الذهبي الذين لا يشكلون سوى 12,5 في المائة من البشر، ومع هذا يستهلكون 81 في المائة من النفط والغاز والغابات وموارد الكوكب. ونتيجة لاستهلاكهم المفرط، يتحملون أيضا النسبة الأكبر من التلوث والغازات الدفيئة وتدمير البيئة وانقراض 95 في المائة من مخلوقات الأرض.
خذ كمثال الشعب الأمريكي الذي يشكل 4 في المائة فقط من سكان العالم، ومع هذا يستهلك 21 في المائة من مصادر الأرض غير المتجددة. المواطن الأمريكي يستهلك طاقة كهربائية تساوي ضعف المواطن الياباني، وثلاثة أضعاف المواطن الإسباني، و100 ضعف المواطن الصومالي. وفي حين يحتاج المواطن في بوروندي لنصف هكتار لتوفير احتياجاته من الماء والغذاء، يحتاج المواطن الأوروبي إلى 6,28 هكتار والأمريكي إلى 12,2 هكتار، أما بالنسبة للمياه العذبة فيستهلك المواطن الأمريكي أربعة أضعاف المواطن الأوروبي، وستة أضعاف المواطن السعودي، و13 ضعف المواطن التشادي.
من خلال مقارنات مشابهة "تشمل الغابات والأسماك واللحوم"، ندرك أن المليار الذهبي حقيقة اقتصادية وجيوسياسية يتحدث عنها السياسيون والأكاديميون في روسيا بجدية كبيرة، فكثير من الاقتصاديون الروس مثلا يعارضون الحجة الرأسمالية التي تدعى أن "سياسة السوق الحرة" كفيلة برفع مستوى الشعوب الفقيرة في حال طبقتها.
والسبب برأيهم أن موارد الأرض محدودة ولا يمكنها تلبية متطلبات ثمانية مليارات إنسان "يريدون كلهم" العيش برفاهية الدول الغربية. لا يمكن لكوكب الأرض ببساطة تحمل عيش الشعوب الإفريقية والهندية واللاتينية، بمستوى ورفاهية الشعوب الأوروبية والأمريكية والأنجلوساكسونية.
الحقيقية هي أن رفاهية المليار الذهبي تعتمد على استهلاك ثروات الشعوب الجنوبية، وتدمير مواطن العيش في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
ولأن الدول الغربية تدرك هذه الحقيقة، تسعى دائما لإبقاء تلك الشعوب بمستوى متدن من الاستهلاك لكون ارتفاع مستواها المعيشي يعني تلقائيا حرمانها من موارد أساسية تحتاج إليها وتحصل عليها بثمن بخس.
هذه ليست نظرية مؤامرة، بدليل أن فرنسا تنتج 79 في المائة من حاجتها للكهرباء من اليورانيوم الذي تستخرج معظمه من النيجر.
ورغم أنها لا تملك منجم ذهب واحد، تملك رابع أضخم احتياط ذهبي في العالم جلبت معظمه من دولة مالي الفقيرة.
الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك اعترف بهذه الحقيقة حين قال: "لولا إفريقيا لكانت فرنسا دولة من العالم الثالث".