لماذا تستمر الصعوبات أمام المرأة السعودية رغم صدور قرارات رسمية تدعمها؟

لماذا تستمر الصعوبات أمام المرأة السعودية رغم صدور قرارات رسمية تدعمها؟
لماذا تستمر الصعوبات أمام المرأة السعودية رغم صدور قرارات رسمية تدعمها؟

تبدو معدلات البطالة بين النساء السعوديات في ازدياد مستمر، إذ ارتفعت من 24.9 في المائة في صفر 1429هـ، إلى 26.9 في المائة في شعبان من العام نفسه حسب تقرير وزارة العمل.
وتواجه المرأة السعودية صعوبة في الحصول على الوظيفة المناسبة في الوقت الملائم، نتيجة ضيق مجالات عمل المرأة في القطاعين الحكومي والخاص، إضافة إلى قطاع مؤسسات المجتمع المدني.
كما أن السيدة السعودية تواجه عقبة أخرى مقرونة بالأولى تتمثل في عدم قدرتها على إنهاء معاملاتها الشخصية أو التجارية باستقلالية دون الحاجة إلى وكيل أو مدير عام ربما تسعى للحصول عليه أيا كان لتجنب المشكلات المترتبة على ذلك، حيث يصعب مراجعتها الدوائر الخالية من الأقسام والوحدات النسائية.
من جهته، علق حمد القاضي عضو مجلس الشورى على هذا الموضوع قائلا: إن حكومة خادم الحرمين الشريفين التي تستشعر نبض الشارع اتخذت عدة قرارات وإجراءات لمعالجة تفاقم هذه المشكلة، المعوقة للتنمية بقرار مجلس الوزراء رقم (63) في 11/3/1424هـ، الذي نص على ''الموافقة على إنشاء لجنة وطنية عليا دائمة ومتخصصة في شؤون المرأة، تحت مسمى ''اللجنة الوطنية العليا الدائمة لشؤون المرأة''، التي تستند في آرائها إلى نساء مؤهلات في مختلف التخصصات، وتعمل على إعداد لائحة لعمل المرأة تراعي خصوصية المجتمع، وتؤكد على حق المرأة السعودية في الوظيفة والعيش الكريم، كما تعمل هذه اللجنة على دراسة مجالات عمل المرأة دراسة شاملة متجددة''، وهو النص الذي ورد في كتيب أصدرته وزارة العمل تحت عنوان ''القواعد المنظمة لعمل المرأة في القطاع الأهلي في المملكة''.

#2#

وأخذ القرار في الحسبان الأعداد المتزايدة للخريجات، ووجه بوصلة عمل اللجنة إلى بعض فئات النساء كالمطلقات والأرامل، وتمييزهن بأولوية التوظيف، كما وضع بعض الأسس التي يمكن استشعارها كأولويات مثل وضع الحلول المناسبة لما قد يعترض عمل المرأة من عقبات وسبل توطين الأعمال المشغولة بغير سعوديات.
وأشار القاضي إلى أن خادم الحرمين الشريفين أصدر خلال العام الجاري عددا من القرارات الداعمة، ووجه ببعض التغييرات لمصلحة عمل المرأة وتمكينها من الإسهام في بناء مجتمعها، فقد افتتح جامعة خاصة بالبنات وأطلق عليها اسم الأميرة نورة بنت عبد الرحمن تكريما للمرأة، كما تم تعيين الدكتورة نورة الفايز نائبا لوزير التربية والتعليم لشؤون البنات، كما أن هناك توجيها بتأنيث القطاعات النسائية، لافتا إلى أن ذلك يعطي إشارة مهمة لجميع الجهات الحكومية والخاصة وغير الربحية لتبني حكومة خادم الحرمين الشريفين معالجة قضايا المرأة السعودية إيمانا بأهمية وعظم دورها وتقديرا لمكانتها وعطائها في مواقع لا يمكن للرجل أن يفي بما تقوم به المرأة فيها مهما بذل من جهود ووقت.
وأكد أن عددا من الجهات الحكومية عمل على تنفيذ القرارات المتعلقة بتفعيل دور المرأة في تلك الجهات، واستحداث أقسام ووحدات نسائية تتيح للمرأة متابعة شؤونها ومعاملاتها الخاصة والتجارية دون الحاجة إلى توكيل أحد، وتطبيقها لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في هذا الشأن مثل مكاتب وزارة العمل ووزارة الداخلية في عدد من إداراتها ''الجوازات، الأحوال المدنية، وإدارة الجمارك''، إضافة إلى الغرف التجارية وغيرها، في الوقت الذي بدأت منه أمانة منطقة الرياض ووحداتها النسائية المعززة بكوادر نسائية مؤهلة ومدربة على العمل في استقبال المراجعات من النساء لإنجاز معاملاتهن الشخصية والتجارية دون الحاجة إلى وكيل، إضافة إلى دورها في مراقبة الأنشطة النسائية.
وبين أن وزارة العدل وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدرسان حاليا استحداث أقسام ووحدات نسائية لديها، إلا أن هناك عددا كبيرا من الجهات والدوائر الحكومية ما زالت لم تتخذ خطوات مناسبة لتطبيق قرارات مجلس الوزراء بشأن عمل المرأة وتحقيق سبل العيش الكريم لهن، ما يضع علامات استفهام عن أسباب ضعف الاستجابة التي أدت لتباين كبير في التعامل مع المرأة توظيفا وإنجازا بشكل غير معقول وغير مقبول بأي حال من الأحوال.
وأردف القاضي ''الحكومة وضعت البطالة النسائية والعوائق الشخصية التي تواجه المرأة السعودية بشكل عام وسيدات الأعمال على وجه الخصوص نصب عينيها، وأولتها كامل الاهتمام لعلمها المسبق عن تأثير هذه القضية وتطوراتها السلبية في تبديد الثروة المادية التي تنفقها الدولة على تعليم وتدريب النساء لاستثمار طاقاتهن في تعزيز الاقتصاد الوطني، فضلا عن حرمان الاقتصاد الوطني من استثمارات نسائية يمكن أن تصل لمليارات الريالات إذا توافرت البيئة المحفزة لهذه الاستثمارات''.
وأبان أن توظيف أعداد كبيرة من النساء السعوديات المؤهلات سيرفع عنهن الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي خلقتها البطالة النسائية وارتفاع معدلاتها، خاصة أن كثيرا من النساء يشعرن بالإحباط، ويصبن بالاكتئاب نتيجة عدم قدرتهن على ممارسة ما اكتسبن من علوم ومعارف ومهارات أثناء سنوات الدراسة العامة والجامعية الطويلة، إضافة إلى تقلص فرصهن في الزواج في حياة باتت عالية التكاليف يسعى الرجل فيها للزواج من موظفة تعينه على تكاليف الحياة الباهظة والمتزايدة بشكل كبير''.
وقال إن الأقسام والوحدات النسائية في الأجهزة الحكومية التي استجابت لاتجاهات وقرارات الحكومة أسهمت في حل كثير من المشكلات التي تعانيها المرأة السعودية، خصوصا بعد أن أصبحت قادرة على التعريف بشخصيتها بعد أن مكنها النظام من الحصول على بطاقة الهوية الوطنية دون الحاجة لشهود معرفين، وأصبحت تستطيع أن تراجع الجهات والدوائر الحكومية لإنجاز معاملاتها الشخصية والتجارية والحقوقية والخدمية بنفسها، دون الحاجة إلى توكيل رجل من أقاربها أو أيا كان بذلك، وهو ما يتوقع أن يسهم في تقليص المشكلات العائلية التي تصل إلى القضاء أو تبقى طي الكتمان لنساء تعرضن لمشكلات كثيرة نتيجة التوكيل أقلها سرقة الممتلكات وبيعها دون علمهن، حيث فتحت مسألة ''التوكيل'' بابا واسعا أمام الرجل الموكل له الاحتيال على المرأة وسلب أموالها وممتلكاتها، وتعقيد أمورها الحياتية بشكل عام، والشؤون الاقتصادية والتجارية على وجه الخصوص، والمتاجرة بأسمائهن، وسرقة أفكارهن التجارية وتفعيلها من الموكل لحسابه الخاص.
ولفت إلى أن ما تأمله النساء والمنصفون من أفراد المجتمع في بلادنا التوسع في استحداث وزيادة أقسام ووحدات نسائية في جميع الأجهزة والدوائر الحكومية بما يسهم في توسيع الفرص الوظيفية للمرأة من ناحية، ويحد من معاناتها نتيجة عدم الاستقلالية في مراجعة الأجهزة الحكومية لإنهاء معاملاتها وما يترتب على ذلك من إفرازات من ناحية أخرى.
وأكد القاضي أنه إضافة إلى دور المرأة في معالجة البطالة النسائية والحد من مخاطر الوكيل ومخالفات الأنشطة النسائية فإنها تشكل تجربة حديثة في الإدارة العامة السعودية يمكن تطويرها بمرور الزمن لإطلاق الطاقات النسائية في إدارة المنشآت الخاصة مستقبلا بفكر إداري متميز، والكل بانتظار مزيد من الخطوات في هذا الاتجاه، وبخاصة أن وزارات وهيئات أعلنت عزمها على ذلك مثل وزارة العدل وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقناعتها بأهمية عمل المرأة في المجالات ذات الصلة المباشرة فيها.
في السياق ذاته، أكدت الدكتورة ليلى بنت عبد العزيز الهلالي المشرفة العامة على الوحدة النسائية في أمانة منطقة الرياض، أن استحداث وحدات وأقسام نسائية في جميع الجهات الحكومية والخاصة وغير الربحية في ظل الموقف الاجتماعي من المرأة والمنبثق من تعاليم ديننا الحنيف يعد أمرا ضروريا ومهما، بل ملحا لتحقيق رسالة هذه الجهات من ناحية خدمة النساء بالجودة المنشودة دون حرج، ومن ناحية توجيه وضبط الأنشطة النسائية بما يحقق نموها وسلامتها لتمارس دورها في تحقيق الأهداف التنموية.
وبينت أن وضع المرأة في غياب هذه الوحدات أكثر من صعب لعدم قدرة الرجال على خدمة النساء وتوجيه وضبط الأنشطة النسائية، مشيرة إلى أن تجربة الوحدة النسائية في أمانة منطقة الرياض كشفت عن حقائق مؤلمة لم تعرف قبل انطلاق أعمالها وبخاصة من ناحية جسامة كثير من المخالفات ذات الأثر السلبي البالغ في صحة المستفيدات وعلاقاتهن الاجتماعية.
وأضافت الدكتورة الهلالي ''بكل تأكيد فإن الوحدات النسائية تعالج جملة من المشكلات المزمنة التي تعانيها المرأة السعودية مثل مشكلة عدم استقلالية المرأة وضرورة استعانتها بالوكيل الشرعي أو المعقب وهو الوضع الذي أفضى إلى مشكلات لا تعد ولا تحصى، وضاع كثير من حقوق النساء وسرقت أموالهن وأنشطتهن وأفكارهن فضلا عن تضليلهن وابتزازهن ماليا من كثير ممن باعوا ذممهم للشيطان.
وأوضحت أن الوحدات النسائية تعالج مشكلة الأموال النسائية المجمدة في البنوك لتحولها إلى رؤوس أموال منتجة، بتحفيز المستثمرات على الاستثمار في جميع الأنشطة الاقتصادية من خلال تمكينهن من إنجاز معاملاتهن بكل وضوح وشفافية واستقلالية، كذلك فإن الوحدات النسائية ستسهم في تمكين الدولة من الاستفادة من الطاقات النسائية العاطلة عن العمل التي صرفت عليهن الدولة المليارات لتأهيلهن، كما تمكن هذه الطاقات النسائية من الحصول على فرصة العمل المناسبة بما يجعلها تسهم في التنمية، وتسهم في تعزيز قدراتها وقدرات أسرتها الاقتصادية ما ينعكس إيجابا على جودة حياتها وجودة حياة أفراد الأسرة.

الأكثر قراءة