توسع «بريكس» .. بوابة للمكاسب وانتقال إلى فئة «واضعي القواعد»
حظيت القمة الأخيرة لتجمع بريكس التي استضافتها مدينة جوهانسبرج في جنوب إفريقيا خلال الأسبوع الماضي باهتمام شعبي وإعلامي يفوق كل القمم السابقة بفضل قرار التجمع ضم ست دول أخرى ليصل عدد الدول الأعضاء إلى 11 دولة.
ومن بين 22 دولة قدمت طلبات رسمية للانضمام قررت قمة جوهانسبرج دعوة ست دول للانضمام وهي، السعودية، مصر، الإمارات، الأرجنتين، إثيوبيا، وإيران.
ويعد الانضمام لتجمع بريكس بالنسبة للدول المرشحة فرصة لتحقيق مكاسب جيدة منها الحصول على مساعدات تنموية والتعاون التكنولوجي، بحسب التحليل الذي نشره موقع مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية لمحمد نور الزمان أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورث ساوث في بنجلادش.
ويعد ضم الدول الست الجديدة لعضوية "بريكس" تطورا غير مسبوق بالنسبة للتجمع الذي تشكل في يونيو 2009 من أربع دول هي الصين، روسيا، البرازيل، والهند، ثم انضمت إليه في العام التالي جنوب إفريقيا. وينطوي توسيع "بريكس" على مكاسب كثيرة محتملة بالنسبة للأعضاء الحاليين أو الجدد.
وهذه الخطوة تمثل فرصة لكل من الصين وروسيا لتعزيز أجندتهما الجيوسياسية الرامية إلى تحدي انفراد الولايات المتحدة بالسيطرة على العالم.
ويمتلك التجمع وزنا اقتصاديا كبيرا، فالدول الخمس الأعضاء حاليا في تجمع بريكس تمثل 32 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للعالم و41 في المائة من إجمالي سكانه، و16 في المائة من إجمالي التبادلات التجارية.
ومع إضافة الأعضاء الستة الجدد، ستصل حصة تجمع بريكس من إجمالي الناتج المحلي العالمي إلى 37 في المائة ومن إجمالي عدد السكان إلى 46 في المائة. في الوقت نفسه يضيف انضمام ثلاث دولة رئيسة في إنتاج النفط وهي السعودية، الإمارات، وإيران إلى التجمع ثقلا استراتيجيا له. وحظيت مساعي "بريكس" للاستغناء عن الدولار في المعاملات التجارية العالمية، سواء بإطلاق عملة موحدة لدول التجمع أو عملة رقمية مضمونة بالذهب، دفعة بالعقوبات الأمريكية على روسيا منذ حرب أوكرانيا في أواخر فبراير من العام الماضي.
لكن التخلي عن الدولار لن يكون سهلا. فعلى عكس الاتحاد الأوروبي الذي أطلقت أغلب دوله عملتها الموحدة اليورو، فإن تجمع بريكس ليس مشروعا سياسيا متكاملا ولا اتحادا اقتصاديا خاضعا لإشراف بنك مركزي موحد لديه صلاحيات تفوق الدول الأعضاء. ودون مثل هذه المكونات لا يمكن إطلاق عملة موحدة لدول ذات سيادة وبينها اختلافات مالية وسياسية.
ويعد بريكس من بنات أفكار الصين، ولذلك فهو يوضح النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي والسياسي المتزايد لبكين. وعلى غرار مبادرة الحزام والطريق الصينية، فإن تجمع بريكس يمثل مشروعا طموحا آخر بالنسبة للصين كي توجد قاعدة قوة بديلة للغرب.
وهناك هدف مشترك يجمع بين الدول الأعضاء في تجمع بريكس وهو محاولة الانتقال إلى فئة "واضعي القواعد" من خلال كسر هيمنة الولايات المتحدة وبناء نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب.
وتمثل الاختلافات الكبيرة في مستوى التنمية الاقتصادية بين دول بريكس، عقبة رئيسة أمام تحقيق تكامل اقتصادي أقوى بينها. فحجم الاقتصاد الصيني أكبر من إجمالي حجم اقتصادات كل الدول الأعضاء مجتمعة.
ووفقا لإجمالي الناتج المحلي، فإن إجمالي حجم الناتج المحلي للصين يعادل 14 مثل حجم الناتج المحلي لجنوب إفريقيا وما بين أربع وثماني مرات حجم اقتصادات الهند، روسيا، والبرازيل. هذا الحجم الضخم للاقتصاد الصيني يجعل التعاون الاقتصادي داخل تجمع بريكس أصعب.
والدليل على ذلك رفض الهند الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق التنموية خوفا من تراجع مكانة نيودلهي في منطقة جنوب آسيا والمحيط الهندي، أمام القوة الاقتصادية الصينية المتزايدة.
ويمكن أن يكون انضمام أعضاء جدد إلى "بريكس" تطورا أكثر أهمية إذا نجح التجمع في التغلب على أوجه القصور الداخلية وأصبح التعاون بين دوله أكثر فاعلية.