التنوع والشمول .. ثقافة النجاح الجديدة
في وقت تدور فيه الحروب الثقافية، أصبحت موضوعات التنوع والمساواة والشمول والانتماء في الجبهات الأمامية. لقد أصبح شعار "كن تقدميا، وستفلس" صرخة جماهيرية للمنتقدين على وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار، الذين يدعون أن النجاح المالي للشركات معرض للخطر بسبب هذه السياسات.
لكن على الرغم من الضجة المحيطة بالموضوع، يجادل كثيرون غيرهم بأن التنوع والمساواة والشمول والانتماء أصبحت الآن سمات رئيسة للشركة الناجحة.
تقول جيني باسكرفيل، رئيسة قسم الشمول والتنوع والمساواة في شركة كيه بي إم جي في المملكة المتحدة، "إن مزيدا من التنوع على جميع الجبهات يجلب للشركات وعملائها تفكيرا جديدا ووجهات نظر مختلفة ونتائج أفضل في نهاية المطاف".
لكن تنفيذ هذا النوع من التفكير الهيكلي يتطلب نهجا شاملا لا يتم فيه التعامل مع التنوع والشمول بشكل سطحي أو الإلقاء بمسؤوليته على إدارة واحدة.
تقول باسكرفيل "لكل شخص دور يلعبه في جعل أماكن العمل الشاملة واقعا"، وهو درس سيطبق على طلاب كليات إدارة الأعمال سواء كانوا يتطلعون إلى الانضمام إلى شركة أو تأسيس شركة خاصة بهم.
تقول فاديا نوردتفايت، الأستاذة المساعدة في كلية سبرينجفيلد في ماساتشوستس التي تعمل أيضا مع جامعة نيويورك، "إن الوعي بالتنوع والشمول قد نما في الأعوام الأخيرة. وقد حفز الإقرار بأهميته بشكل أكبر بسبب جائحة فيروس كورونا، ومقتل جورج فلويد في 2020، والاستقطاب السياسي المتزايد في الولايات المتحدة والعالم.
تقول نوردتفايت، التي أسست أيضا شركة كولابراتيف إل واي الاستشارية لدعم الشركات في التنفيذ، "إن الإلحاح الذي يتحدث به عن التنوع والمساواة والشمول والانتماء في المنصات العامة الأكثر شيوعا هو بالتأكيد تغيير عما كان عليه الأمر عندما بدأت البحث فيه".
كما يعكس هذا الضغط من أجل التحسين استمرار أوجه عدم المساواة في قطاعات معينة. حيث وجد تقرير صادر عن شركة كيه بي إم جي هذا العام أن تمثيل الموظفين من أصول سوداء في المملكة المتحدة كان ناقصا على جميع المستويات في مؤسسات الخدمات المالية، خاصة في الوظائف العليا.
لكن رد فعل عديد من الشركات كان تعيين موظفين للتركيز على هذه القضايا دون دعم أوسع، ما تركهم "معزولين"، بحيث تقع عليهم مسؤولية التنوع والشمول كاملة.
وكان تقرير "كيه بي إم جي" يصر بالقدر نفسه على أن التغيير الهيكلي الرئيس لا يمكن أن يعتمد ببساطة على أعداد صغيرة من الأفراد دون قبول من المناصب العليا. كما خلص التقرير إلى أن "المجتمع الذي كان محروما تاريخيا ومنهجيا يتطلب الدعم المستدام والمتفاني. وتحتاج فرق التنوع والشمول إلى تفويض من الأعلى، وميزانية كافية، وسلطة لوضع مؤشرات الأداء الرئيسة".
تقول نوردتفايت "إن كليات إدارة الأعمال لديها فرصة خاصة لتشجيع التحول الثقافي الذي يجمع بين قطاع الأعمال والمجتمع، ما يشجع الطلاب على رؤية قيمة تنوع الفكر والخبرة وتجربتها".
وتحذر قائلة، "إذا أحطنا أنفسنا فقط بأولئك الذين يفكرون ويتحدثون ويأكلون مثلنا تماما، فلن يكون هناك مجال حقيقي للنمو والابتكار. في الأساس، يحتاج الطلاب إلى تعلم كيفية مساعدة الشركات للتغلب على الخوف والفوضى المحيطة بالاختلاف والمساعدة في إنشاء هياكل لمساعدتها على الاستثمار في اختلافاتها والبناء عليها".
يركز عمل نوردتفايت في "كولابراتيف إل واي" على إنشاء أداة للشركات لجمع البيانات وتقييم أدائها ومن ثم التخطيط للخطوات التالية بشأن التنوع والمساواة والشمول والانتماء، وهو تطور من نماذج الإدارة الاستراتيجية السابقة التي فشلت في غرس هذه الاعتبارات.
تقول "على كليات إدارة الأعمال قيادة الطريق في مساعدة الطلاب على التعرف على أهمية هياكل التنوع والمساواة والشمول والانتماء في بناء شركات أكثر شمولا واستدامة ومسؤولية. إنها بحاجة أيضا إلى إعادة التفكير في المناهج الدراسية وإعادة تصميمها لتمثيل وإعادة إنشاء محتوى ومنهجية وفرص أكثر شمولا".
إن هذه الأساليب مهمة بشكل خاص في صناعات مثل التكنولوجيا، حيث يمكن أن يكون للأنظمة التي تنشأ وتنشر تأثيرات كبيرة حول العالم، كما تقول نوردتفايت.
"سواء كانت وسائل التواصل الاجتماعي أو الذكاء الاصطناعي، يمكن لخوارزميات التكنولوجيا أن تنجح الطرق التي نستخدم بها التكنولوجيا لإنشاء عالم أكثر عدلا وتنوعا وإنصافا وشمولية حيث نوجد انتماء إيجابيا أو تجعلها تفشل. أو يمكننا استخدام التكنولوجيا التي يتحكم بها القلة لإيجاد انقسامات أعمق ونشر معلومات مضللة، كمثال على سوء الاستخدام وليس الحصر".
وتوضح آن ماري بالف، رئيسة فريق الخدمات المالية في شركة إي واي في أوروبا والشرق الأوسط والهند وإفريقيا، الخطوات التي يمكن للجيل القادم من قادة الأعمال اتخاذها من أجل تطبيق التنوع والمساواة والشمول والانتماء بشكل كامل في أدوارهم المستقبلية.
تقول "تشمل الإجراءات الاستباقية التي يجب اتخاذها التأمل الذاتي بشكل منتظم في التحيز الشخصي، وتشجيع الجميع على إبداء الرأي في اجتماعات الفريق، ومراقبة اتساق الخبرات وتقييم الأداء".
كما تقول "إن تشجيع الموظفين على المشاركة في سرد القصص -أي مشاركة خبراتهم- هو جزء مهم أيضا من إيجاد ثقافة شاملة. ويمكن أن يوفر مساحة للنقاشات الحقيقية حول القضايا المتعلقة بالتنوع والشمول وتقديم رؤية عن تجارب الزملاء، فضلا عن المساعدة في تحديد أوجه عدم المساواة المحتملة في الشركة التي قد تغفل لولا ذلك".
"إن الاستماع للآخرين يثري وجهات نظرنا ويوسع فهمنا، ما يؤدي بدوره إلى العمل، شخصيا من خلال التفاعلات، وهيكليا من خلال العمليات التي قد نؤثر فيها"، كما تقول.