الإنسانية مفهوم عالمي
تستمر أخبار الاعتداء الإسرائيلي على مواطني غزة العزل في السيطرة على المشهد، وتعيش الأسر حالة من الفوضى والقلق والخوف بسبب عدم التفرقة بين كبير وصغير أو ذكر وأنثى في هذه العمليات الظالمة. أدانت دول العالم ما يحدث، ولم يسهم ذلك في تخفيف العنف والقصف العام لكل شيء.
ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصيته للمجاهدين بقوله: "لا تقطعوا شجرة.. ولا تقتلوا امرأة ولا صبيا ولا وليدا ولا شيخا كبيرا ولا مريضا.. لا تمثلوا بالجثث.. ولا تسرفوا في القتل.. ولا تهدموا معبدا ولا تخربوا بناء عامرا.."، هذه المبادئ الإنسانية والقيم التي حث عليها نبينا هي الأساس في التعامل في الحروب وكل ما يحدث سواها من قتل وهدم وتخريب ما هو إلا دليل على همجية وإسراف فيما لا يقبله أحد على نفسه وأهل بيته ووطنه.
الحروب واقع تعيشه الأمم، وقد شكلت تلك الحروب تاريخ كثير من دول العالم، لكن هذا لا يعني أن يتناسى الناس أن هناك قيما ومثلا لا بد من صيانتها والالتزام بها. ما نشاهده اليوم من تدمير للمستشفيات وقتل للأبرياء وتهجير للأسر ليس من القيم الإنسانية، بغض النظر عن الدين الذي ينتمي إليه من يفعل ذلك. الأهم هو أن هذا الأمر ينشئ أجيالا حاقدة، وينتج تعاسة ويأسا يمكن أن يؤديا إلى مزيد من انتهاك الحرمات وقتل مزيد من الأبرياء، فمع فقدان الأمل يصبح سلوك الواحد بعيدا كل البعد عن الإنسانية والتفكير الحضاري الذي يحترم نواميس الكون، وهنا تنتج مزيد من المآسي وينتشر القتل في كل الأطراف.
أول معالم تلك الأزمات هو التوجه للحلول بعيدا عن المواقع والأماكن الإيجابية، هنا تصبح الأسر في أزمة حقيقية ومنها تنتشر الأزمة إلى المجتمعات، لتتكون أجيال من مدمني المخدرات الذين لا يعيرون القيم والأخلاقيات أي اهتمام، فالمعلوم أن أول ما يدعم الخروج على السلوك الحسن هو اليأس، الذي يولد الكراهية والحقد وتمني زوال النعمة عن كل الناس، سواء كانوا أصدقاء أو أعداء.
لا بد أن تتوقف آلة الحرب عن الهدم والتدمير الشامل الذي نراه اليوم، ودون مواقف إنسانية من الكبار فلن يكون هناك سلام، بل هي الحرب التي ستستمر وتعيد الناس إلى الوراء بفقدان أهم ما يبحث عنه المجتمع وهو السلم والتفاهم والتعامل الإيجابي بين الجميع.