مستقبل الاستثمار والأبحاث بين يدي الذكاء الاصطناعي
خسر إسحاق نيوتن ثروة في الرهان على شركة بحر الجنوب. ربما لم يأخذ في الحسبان "المبدأ الاحترازي". إذا لم تفهم شيئا ما، حتى لو بدا الآخرون متحمسين له، فمن الأفضل أن تفعل شيئا آخر أو تنتظر حتى تفهمه.
وربما ينبغي للمستثمرين والبنوك الاستثمارية أن يأخذوا هذا المبدأ في الحسبان أثناء تطوير الذكاء الاصطناعي للأبحاث السوقية والمالية. إذ يمكن أن يوجد كثيرا من الضجيج.
لقد كتب الكثير عن أبحاث "جانب البيع" المتناقصة التي تجريها البنوك الاستثمارية. والأكثر من ذلك عن مشكلات إدارة المحافظ النشطة. ألق اللوم على اللوائح التنظيمية أو الصناديق السلبية، لكن الكفاح من أجل إضافة القيمة يزداد عندما ترتفع حالة عدم اليقين - مثلا، بسبب الجغرافيا السياسية أو منتجات مثل أوزمبيك أو تسلا التي تغير المشهد التنافسي بشكل جذري. ففي أوقات كهذه، تتأرجح السوق مع تقلبات مدفوعة باختلاف وجهات النظر. ومن الممكن أن يصبح هذا أسوأ أو أفضل بكثير عبر إضفاء الطابع الديمقراطي على الذكاء الاصطناعي التوليدي.
سيتمكن أي مشغل من إنشاء تعليقات معقولة باستخدام بيانات موثوقة. قد ينظر البعض إلى هذا بوصفه بديلا لتقلص قبضة الوسطاء الماليين التقليديين اليوم على "النظرة الرسمية للمستقبل". سيكون الاشتراك في أوبن أيه آي وإنشاء حساب في منصة X هو كل ما يتطلبه الأمر لصب الوقود على نار عدم اليقين. ويمكن أن تكون التكلفة الإجمالية قليلة عند 30 دولارا شهريا لمنصة التعبير عن الآراء ومولد المحتوى.
لكن الثقة المفرطة بأداة الذكاء الاصطناعي القوية ستكرر خطأ إسحاق. فحتى النماذج القوية تتأثر بالسياق مثل البشر. فعندما قارن الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس أداء تقديرات التضخم بين مجموعة من المتنبئين المحترفين وجي بي تي3، كانت أداة الذكاء الاصطناعي أقل تحيزا ولديها أخطاء أقل، لكنها كانت عرضة، مثل المحترفين، لشيء أقرب إلى التقلبات المزاجية.
وهذه ليست مجرد مشكلة محتملة بالنسبة إلى "المتداولين الأفراد" عديمي الخبرة، الذين يشترون ويبيعون في اليوم نفسه. إذ يتعين علينا فقط أن ننظر إلى الكيفية التي أدت بها الإصدارات متزايدة التعقيد من نماذج القيمة المعرضة للخطر إلى منح الثقة لعديد من المؤسسات المالية والإفراط في توسيع نطاق المخاطر في ميزانياتها العمومية. فقد تقع الشركات المتطورة تحت سحر نموذج فريد من نوعه كان ممتازا في تفسير الماضي ولكنه ليس حساسا للشكوك الجديدة. وعلى نحو ما، تتمتع الشركات التي تركز على الاستثمارات عبر الأنظمة الكمية بالخبرة في التعامل مع هذه المشكلة، لأن تغيرات نظام السوق تجعل النماذج السابقة عديمة الفائدة. لكن الخصائص المبهمة لـجي بي تي تعقد التحليل الدقيق. وفي حين أنه من المغري الاعتماد على المعلومات الغنية التي قد تضيفها أدوات الذكاء الاصطناعي، فإن الاستخدام في نهاية المطاف يصل إلى قانون تناقص المنفعة.
ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيجلب فوائد. فهو أداة رائعة لاختبار عديد من الفرضيات البديلة بتكلفة منخفضة جدا. ستظل هناك عيوب تأتي من منظور رجعي، ولكن إذا نظرنا إلى مشكلة من زوايا عديدة، سيتم تقليل خطأ التنبؤ المجمع للمجموعة بشكل جذري. وسيكون من الممكن استخدام عدسة الذكاء الاصطناعي لتحليل استراتيجية ديزني، على سبيل المثال، عبر النظر في التأثيرات السابقة لعوامل كتغيرات الأسعار في البث المباشر، أو نجاح الأفلام الرائجة، أو كيفية تأثير الطقس في متنزهاتها الترفيهية. كل هذا يمكن القيام به من خلال منافذ بحثية كبيرة أو منصات متعددة المديرين. ولكنه يتطلب استثمارا كبيرا في البنية التحتية، وخبراء في مجالات متنوعة، وكثيرا من الاتصالات داخل الشركة. وهذا أمر يصعب الحفاظ عليه.
قد يكون النظام البيئي التالي مختلفا بالكامل. فمن ناحية، سيتمكن المحترفون ذوو الخيال الواسع من طرح استفسارات متعددة بجزء بسيط من التكلفة. ولكن بدلا من ذلك، ستكون الشركات الكبيرة هي القادرة على توفير نماذج عالية التخصص ومصممة خصيصا لهذا الغرض لتتبع مصادر متعددة للعوائد. ويمكن القيام بذلك عبر التحالف مع شركة تكنولوجيا. أو قد نرى شركات تقوم بتحميل البيانات لتعديل نماذج الذكاء الاصطناعي العامة. تبدو هذه الخيارات محتملة لأن شركات مثل أوبن أيه آي قد تنشئ منصة لشركات أخرى. ومن الصعب أن نحدد الجهة الفائزة.
وكلاعبي الشطرنج المتفوقين، قد يحتاج محترفو الاستثمار إلى إضافة مهارات جديدة. فمع ظهور جداول البيانات، اعتقدنا جميعا أن هناك قيمة كبيرة في بناء نموذج يمثل المستقبل في ظل افتراضات معينة. وبدلا من ذلك، قد تكمن القيمة في الاستجواب المناسب لأدوات الذكاء الاصطناعي. يمكننا أن نرى أن الشركات الكبيرة قد تحتاج إلى توظيف مزيد من المهندسين لضبط عملية استجواب النماذج. وهذا اختصاص في حد ذاته.
قام الأخوان لوميير بالاتجار بالسينما في 1895. وبحلول 1905، اعتقدوا أنهم استنفدوا جميع الطرق الإبداعية للوسيلة. وكان ذلك خطأ حينها. يجب أن نستخدم إبداعنا لتوسيع ما يقدمه الذكاء الاصطناعي التوليدي.
رئيس أبحاث عالمي سابق في مورجان ستانلي ورئيس سابق لمجموعة الأبحاث والبيانات والتحليلات في يو بي إس.