المهنية في الحسابات الإخبارية
كان التأكيد على أخذ الأخبار من مصادرها الموثوقة هاجسا صحافيا أساسا من أولويات المهنية، وهو أيضا عنوان دائم لاستفسارات الجهات المعنية، عند نفي خبر أو توضيح له بعد نشره بشكل تراه ناقصا أو غير دقيق.
الوسائل الإعلامية على اختلافها عند نشرها الأخبار ملزمة مهنيا بذكر مصادرها، إما اسم مسؤول صرح بذلك أو بيان صدر عن تلك الجهة. وفيما يتعلق بنشر أخبار عن مواد من أنظمة رسمية منشورة، يفترض أن يذكر النظام والمادة أو اللائحة التي استقى منها ذاك الخبر، هذا التوثيق هو ما يحدد الفرق بين وسيلة تحترم عملها وتجوده، وتتلافى أي احتمالات سوء فهم أيضا تقلل من حدوث بلبلة للمتابعين.
كانت الصحف المعروفة، سواء كانت ورقية أو رقمية، تهتم بذلك بل وتحاسب عليه لاحقا إذا ما أخطأت، والصحف معلنة أسماء المسؤولين عنها من رئيس تحرير ومشرفين ومحررين، وهو ما يحدد المرجعية بوضوح.
الآن مع تنوع وسائل الإعلام وظهور حسابات إخبارية مليونية في منصة X "تويتر" سابقا أو غيرها، تراجع الاهتمام بتجويد العمل الإخباري، وأصبح من المعتاد أن ينشر خبر يهم الناس بذكر "مصادر" حاف.. دون ذكر واضح لماهية هذه المصادر، ثم تنقل عنها حسابات أخرى ما نشرته على علاته، وهذا فتح بابا لكل من هب ودب لنشر أخبار لا يعرف مدى صحتها أو دقتها.
والأخبار "المصنوعة" أي غير الجديدة والتي ليس فيها سبق صحافي حقيقي، لا يصح أن تنشر تحت عنوان "عاجل"، فأين العاجل في الموضوع وهو ما سبق نشره بحذافيره. لقد أفرغت بعض الحسابات الإخبارية كلمة "عاجل" من دلالاتها بل وحولتها إلى أداة للإرباك والتشويش على المتلقي.
والمستغرب أن كثيرا من الأخبار لا تنشر في حسابات الجهات الرسمية في منصة X وهي الأبرز من ناحية تركز المتابعين والموثوقية، رغم أنها أخبار تخصها أو صادرة عنها، والمفترض أن تكون حساباتها في وسائل الإعلام الرقمي مرجعا لبياناتها وأخبارها كما هي مرجع لنشاطاتها.
وهنا دعوة للهيئة العامة لتنظيم الإعلام، للعمل على الارتقاء بالعاملين على هذه الحسابات الإخبارية، بحكم كثرة عدد متابعيها وتطوير قدراتهم المهنية، حيث أصبحت هذه الحسابات من وسائل الإعلام المؤثرة، ومن الواضح أن عددا من الجهات تستعين بها لنشر أخبارها وهو ما يزيد من أهمية تحسين عملها، لتواكب بشكل رصين التطور الذي تعيشه المملكة وتعبر عنه حقيقة التعبير.