خطر الفوضى العالمية المتنامي «2 من 2»
اعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن أخيرا. والملايين من الناس في مختلف أنحاء العالم يعتقدون الآن أن رد إسرائيل على القتل الجماعي الذي ارتكبته حماس ضد مواطنين إسرائيليين في السابع من أكتوبر تجاوز الحدود، وبهذا خسرت إسرائيل الدعم الدولي. في التصويت الأخير على وقف إطلاق النار في الجمعية العامة للأمم المتحدة، صوتت 153 دولة لمصلحة القرار مقابل عشر دول فقط ضده، مع امتناع 23 دولة عن التصويت.
كما أعرب عدد متزايد من الدول عن الأسف الشديد إزاء الإفلات من العقاب الذي سـمـح لإسرائيل بموجبه بتجاهل القانون الدولي وقصف المدنيين، بما في ذلك الآلاف من النساء والأطفال. ويشعر كثيرون بالرعب إزاء التحذيرات التي أطلقها فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، الذي وصف الوضع الحالي في غزة مرارا وتكرارا بأنه "جحيم على الأرض".
مع استمرار تصاعد الأزمة الإنسانية في غزة، أعربت دول عديدة عن قلقها من أن الولايات المتحدة، بتقاعسها عن كبح جماح أقرب حلفائها، تعمل على تمكينها عن غير قصد. وكان القرار الذي اتخذته إدارة بايدن بتجاوز صلاحيات الكونجرس لتقديم مزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل، بعد يوم واحد فقط من استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، إلى تعزيز هذا التصور.
بصرف النظر عن موقف المرء من هذه التطورات، فإنها تدعو إلى التشكيك في فاعلية وشرعية النظام الدولي الذي يقوده الغرب، وتهدد بالتعجيل بالانتقال الجاري من اقتصاد عالمي أحادي القطب إلى اقتصاد عالمي متعدد الأقطاب. ومع نجاح قوى متوسطة في فرض نفسها على نحو متزايد على الساحة العالمية، فإن هذا يشجع دولا أصغر حجما متحالفة مع الغرب على التفكير في احتمال التحول إلى "دول متأرجحة".
يتعين على القوى الغربية أن تواجه هذا التهديد بشكل مباشر. ورغم أن إصلاح الضرر الذي وقع بالفعل سيستغرق وقتا طويلا، فمن الأهمية بمكان أن يركز الزعماء السياسيون على التخفيف من خطر تفاقم حالة التفتت ومنع الانزلاق السريع إلى الفوضى الدولية من خلال تعزيز البنية متعددة الأطراف القائمة. ويجب أن تبدأ هذه الجهود بإعادة تنشيط مبادرات الإصلاح السابقة داخل المؤسسات الرئيسة، بدءا بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. يجب أن يكون التركيز الأساس على الصوت والتمثيل، وتفكيك عمليات التعيين التي عفا عليها الزمن التي تعود بالفائدة على المصالح الغربية، وتحديث الإجراءات التشغيلية.
تشكل هذه الإصلاحات أهمية بالغة للنظام الذي يقوده الغرب الذي خدم العالم على نحو حسن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. إذا سمح للإطار الدولي الحالي بالفشل، فلن يحل محله نظام جديد يرتكز على الصين، بل مزيد من الفوضى العالمية. ومثل هذه النتيجة كفيلة بإلحاق الأذى بالجميع في الأمد القريب، ومن شأنها أن تعيق أيضا قدرتنا الجماعية على التصدي للتحديات المعقدة والمتنامية طويلة الأجل التي نواجهها جميعا.
خاص بـ"الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2023.