الإثنين, 5 مايو 2025 | 7 ذو القَعْدةِ 1446


إغراءات النقد تضع تحديات أمام مديري الأصول

تميز منتدى السندات السنوي لشركة إم آند جي إنفيستمنت في لندن في وقت سابق من هذا العام بحضور غير عادي على المنصة: بوجود تمثال كبير ملون لفيل. وتم تثبيت قطعة من الورق عليه كتب عليها "6.2 في المائة".
كان هناك "فيل في الغرفة (كناية عن المشكلات التي يتم التغاضي عنها)" حرفيا - وهو تمثيل بصري للتحدي الذي يواجهه مديرو الصناديق الآن: للفوز بمكان في المحفظة، يتعين عليهم التغلب على معدل الفائدة الذي يمكن أن يكسبه العميل من حسابات التوفير قصيرة الأجل فائقة الأمان.
وتركت الحملة العنيفة لرفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية على مدى عامين تقريبا مديري الأصول، عالقين في معركة من أجل تدفقات العملاء ضد الودائع النقدية وصناديق سوق المال منخفضة التكلفة ومنخفضة المخاطر. وفي حين أن حساب 6.2 في المائة لم يعد متاحا، فإن معدلات الفائدة على حسابات الادخار التي تزيد على 5 في المائة والمعروضة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لا تزال تمثل تحديا كبيرا لمديري الصناديق.
وقال بيتر هاريسون، الرئيس التنفيذي لشركة شرودرز لإدارة الأصول المدرجة على مؤشر فاينانشال تايمز 100: "نحن الآن في بيئة مختلفة، كما يتم التخلص من عديد من الافتراضات التي كانت سائدة خلال الأعوام الـ15الماضية. إن النقد والدخل الثابت قصير الأجل أكثر جاذبية، والمنتجات المهيكلة بدأت تعود، وأصبحت منتجات الدخل أكثر قيمة".
يعتقد المطلعون على الصناعة أن النظام الجديد سيعني تدفقات ضخمة إلى الخارج في بعض الشركات التي تدير الصناديق. وقد يكون مديرو صناديق الأسهم، الذين يعانون بالفعل ضغوط أعوام من المنافسة من صناديق تعقب المؤشرات منخفضة التكلفة للغاية، من بين الخاسرين. وبالنسبة إلى مديري الدخل الثابت، فالصورة أقل وضوحا - ففي حين أن معدلات الفائدة على حسابات الادخار النقدي تمثل تحديا، فإن عائدات السندات المرتفعة توفر أيضا فرصة لكسب عوائد أعلى.
وأوضح ستيفن كوهين، رئيس أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة بلاك روك، أن عودة النقد هي الموضوع الأكبر في إدارة الأصول في الوقت الحالي.
وقال كوهين: "لقد وضعت صناديق النقد وأسواق المال في المقدمة والوسط مع عديد من عملائنا، ورفعت معدلات العوائد الدنيا لما ينبغي أن تحققه الأصول الخطرة. لقد كان من المعتاد عدم وجود بديل عن الأصول الخطرة - ولكن هناك بديلا الآن".
ويوجد الآن مبلغ قياسي قدره 5.76 تريليون دولار في صناديق سوق المال الأمريكية، التي تضع أموال المشترين في أدوات آمنة مثل السندات الحكومية قصيرة الأجل، وفقا لبيانات من معهد شركة الاستثمار.
هذه أخبار مرحب بها لمديري الأصول الذين لديهم شركات كبيرة في سوق المال، مثل فيديليتي، وفانغارد، وجيه بي مورجان. لكنها تزيد الضغط على الشركات التي تركز منتجاتها بشكل كبير على المجالات التي فقدت شعبيتها، وتجبر بعض الشركات على الاندماج أو البحث عن مشتر.
وقال أندريا روسي، الرئيس التنفيذي لمجموعة الادخار والاستثمار إم آند جي المدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز 100: "إذا كنت في فئة الأصول الأحادية التي لا تحظى بالاهتمام، فستجد صعوبة للحصول على التدفقات. أنت بحاجة إلى تنويع فئة الأصول والعملاء والمنظور الجغرافي".
وفي حين أثبتت عمليات الاندماج بين شركات إدارة الأصول فشلها في كثير من الأحيان، إلا أن روسي قال إنها ستصبح أكثر تواترا مع محاولة الشركات التعامل مع الضغوط المفروضة على رسومها.
وقال ديفيد هانت، الرئيس التنفيذي لشركة بي جي أي إم: "أعتقد أننا سنرى بالتأكيد بعض اللاعبين ذوي التركيز الضيق يجدون شركاء استراتيجيين".
ومن بين أولئك الذين عانوا في ظل النظام الجديد، شركة تي رو برايس التي تدير أسهم نشطة بقيمة 690 مليار دولار ومقرها في بالتيمور بولاية ميريلاند. لقد كانت تعاني تدفقات خارجة كبيرة منذ 2021، وحاولت خفض التكاليف خلال العام الماضي عبر جولتين من تسريح الموظفين.
وانخفضت الأصول التي يديرها صندوق استثمار الرهن العقاري الاسكتلندي التابع لشركة بايلي جيفورد، التي تضرر كثير من حيازتها في التكنولوجيا بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، من نحو 18 مليار جنيه استرليني في يونيو 2021 إلى 12 مليار جنيه استرليني وذلك حتى أكتوبر من هذا العام. وأظهرت أحدث أرقامها أن شركة بايلي جيفورد ككل خسرت أكثر من 100 مليار جنيه استرليني من الأصول في 2022.
كما تعرض مديرو صناديق السندات للضغوط، لكنهم يرون بعض الأسباب للتفاؤل. وارتفعت العائدات على سندات الحكومة الأمريكية فائقة الأمان وسندات الشركات ذات الدرجة الاستثمارية على مدار العامين الماضيين مع ارتفاع أسعار الفائدة.
وثبت أن ذلك مؤلم بعد ما انخفضت قيمة السندات التي احتفظوا بها بشكل حاد، لكن هذا يعني أن بإمكانهم الآن كسب مزيد من الدخل على السندات التي يشترونها، على الرغم من أن انخفاض العائدات خلال الشهرين الماضيين أدى إلى تآكل بعض هذه الفوائد.
ويقول جون جراهام، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة سي بي بي إنفستمنت، التي تستثمر أصول خطة المعاشات التقاعدية الكندية: "لقد عاد الدخل الثابت كفئة أصول قابلة للاستثمار حقا - القدرة على الاستثمار في الدخل الثابت وتحقيق عائد متوسط من خانة واحدة. لم يكن هذا متاحا لفترة طويلة جدا".
يعتقد ماني رومان، الرئيس التنفيذي لشركة بيمكو، أكبر شركة لإدارة السندات في العالم، أن البيئة الجديدة ستدعم أعمالها. وقال: "يبدو أن الدخل الثابت جيد حقا لأنه يمنحك عوائد على الأسهم مقابل ثلث المخاطر".
ومع ذلك، يأمل عديد من مديري الأصول الذين ليست لديهم أعمال كبيرة في سوق المال أن تفوز البنوك المركزية في معركتها مع التضخم دون التسبب في الركود. وهذا من شأنه أن يجعلها قادرة على خفض تكاليف الاقتراض في العام المقبل، وتجنب ما يسمى ببيئة أسعار الفائدة "الأعلى لفترة أطول".
وتزايد هذا الأمل في الأسابيع الأخيرة بعد قراءات التضخم التي جاءت أقل من التوقعات في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. وكان التضخم الرئيس في الولايات المتحدة لنوفمبر الذي صدر الثلاثاء متماشيا مع التوقعات.
ويعتقد البعض في الصناعة أن هذا السيناريو يمكن أن يدفع أخيرا تدفقات العملاء بالعودة إلى الأصول ذات المخاطر العالية.
وقالت مينا فلين، الرئيسة المشاركة لإدارة الثروات الخاصة في جولدمان ساكس: "إلى الحد الذي تحصل فيه على مزيد من الوضوح بشأن الهبوط الاقتصادي الناعم وتحصل على بعض الاستقرار من منظور جيوسياسي، هناك أموال طائلة على الهامش والتي ستكون جاهزة للمخاطرة".

الأكثر قراءة