فلسطينيون في طوابير للحصول على كميات شحيحة من الطعام بينما يفتك الجوع في غزة
يوما بعد يوم، يزداد الشعور بالعجز لدى بكر الناجي الذي تعتصر قلبه الغصة عندما ينفد الطعام الذي يطبخه تطوعا لتكية في رفح، بينما يسمع أطفالا يشكون من الجوع.
نزح ناجي (28 عاما) من مدينة غزة بعد اندلاع الحرب، وهو يبدأ الطبخ بعد صلاة الفجر لصالح التكية. يقول: "أطبخ تطوعا لمساعدة الناس في هذه الأوضاع المأسوية". ويقول: "أصعب لحظة بالنسبة إلي هي عندما نبدأ بتوزيع الوجبات على الناس، فيما الآلاف يقفون في الطابور".
ويتابع: "أشعر بغصة في قلبي حين ينتهي الطعام ويبقى الأطفال يسألون عنه ويشكون بأنهم جائعون ولم يأكلوا" مشيرا الى أن بعض المتطوعين يتنازلون أحيانا عن حصصهم من الطعام.
سببت الحرب دمارا هائلا في قطاع غزة فخرجت معظم المستشفيات عن الخدمة وفرّ 1,9 مليون شخص من منازلهم وقراهم ومدنهم، وفق الأمم المتحدة. ويواجه نصف مليون شخص، أي قرابة ربع السكان، خطر الجوع بحسب تقرير صدر هذا الأسبوع عن برنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم. وفي الأسابيع الستة المقبلة، قد يجد جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، أنفسهم في الوضع نفسه.
وتجمعت أعداد كبيرة من الفلسطينيين، بينهم العديد من الأطفال، خلف حاجز في رفح، بينما يحمل كل منهم طبقا بلاستيكيا، منتظرين أن يصل دورهم للحصول على طبق طعام من القدور الساخنة. ويقول المسؤول عن التكية التي تقع في منطقة الشابورة في رفح خالد شيخ العيد لوكالة فرانس برس: "نعاني من شح الموارد. العدس والبرغل نفدا من السوق وكذلك البازيلا والفاصولياء". ويقدر شيخ العيد أن نحو عشرة آلاف شخص يحاولون الحصول يوميا على الطعام في القطاع المحاصر.
وتقوم التكية بإعداد الطعام مستخدمة تبرعات ومستعينة بمتطوعين. ويقول ناجي: "نخشى أن يموت الناس من الجوع"، مشيرا الى أن سعر علبة الفول ارتفع من شيكل لستة شواكل (دولاران).
ويتابع: "كان الناس فقراء قبل الحرب. من كان يعمل قبل الحرب كان بالكاد يستطيع إطعام أطفاله. فما بالك بالوقت الحالي؟".
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر . ويقوم الاحتلال الإسرائيلي بقصف عنيف على قطاع غزة وهجوم بري.
وأوقع القصف الإسرائيلي أكثر من 20200 قتيل. وشدد الاحتلال الحصار الذي يفرضه على قطاع غزة منذ 2007، وقطع الماء والكهرباء وإمدادات المواد الغذائية والوقود عن القطاع.
الموت من الجوع
بعد شهرين ونصف من الحرب، بات سكان القطاع يعانون من نقص كبير جدا في المواد الغذائية والمياه والأدوية والوقود وكل الأساسيات.
لم تتمكن سلام حيدر (36 عاما)، الأم لثلاثة أطفال، من الحصول على الطعام السبت، مشيرة الى أنها في العادة تأتي لتقف في الطابور منذ الثامنة صباحا. وتضيف بتأثر: "تأخرت اليوم لأنني كنت مع ابني الذي يخضع لعلاج في العيادة. طلبت المساعدة للعودة بسرعة للحصول على الطعام ولكن العيادة كانت مزدحمة".
وبكت قائلة: "أشعر بالحزن والقهر. لم نأكل شيئا اليوم ولن نأكل". وتتابع: "ابني الصغير يبكي بشدة رغبة في الحصول على حلوى. رأى طفلا يحمل حلوى وحاول انتزاعها منه. أخبرته أن هذا لا يجوز".
تأتي نور بربخ التي نزحت من شرق خان يونس إلى مدرسة تابعة للأونروا في رفح وهي حامل في الشهر الخامس لحجز دور للحصول على الطعام. وتقول: "أتألم كثيرا وأنا انتظر بسبب الوقوف والمزاحمة"، موضحا أنها ترسل أحيانا ابنها البالغ من العمر 12 عاما للوقوف ولكنه يتعرض للدفع.
وتضيف "لولا هذه التكية، لما أكلنا شيئا. ما نحصل عليه لا يكفي ولكنه أفضل من لا شيء". وتشير السيدة التي حاولت الحصول على خبز: "أولادي سيموتون من الجوع. فقدوا الكثير من الوزن. ويستيقظون ليلا من النوم بسبب الجوع". وتضيف: "أن نموت شهداء أفضل من الموت من الجوع".