دعم الإنجاب ناقص من غير دعم الوالدين
إن إحدى الأسباب التي تجبر الدول الغنية على فتح أبوابها للمهاجرين هي الحاجة إلى أشخاص يؤدون الأعمال التي لا يرغب مواطنوها بفعلها أو لا يستطيعون ذلك. وبشكل متزايد في العالم المتقدم، إحدى تلك الوظائف التي لا يرغب الأشخاص بفعلها أو لا يستطيعون هي الأبوة والأمومة.
باستثناء واحدة، ليس لدى أي دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية معدل مواليد أعلى من معدل الإحلال، 2.1 مولود لكل امرأة. حتى الدول مثل فرنسا والمجر، التي أنفقت مبالغ كبيرة لحث الناس على زيادة عدد عائلاتهم، لم تتمكن من التفوق على هذا الرقم المصيري.
من الممكن أن مسار المجر الصاعد لم يبلغ ذروته بعد وأن برنامجها السخي للحوافز المالية، الذي تدفع بموجبه العوائل التي لديها أكثر من ثلاثة أطفال ضرائب قليلة على الدخل أو لا تدفع أبدا، قد عكس انخفاض الخصوبة الطويل في الدولة. لكن نظرا لأن المجر تنفق 5 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على سياسات "دعم الإنجاب"، فإن المرء يأمل في أن تتمكن من بلوغ معدل مواليد أعلى من 1.6. هذا المعدل ليس بأفضل من المملكة المتحدة، التي ألغت حكومتها إعانات الأطفال للأسر التي تجني أكثر من 60 ألف جنيه استرليني وترفض دفع أي مبلغ إضافي للأسر التي لديها أكثر من طفلين.
يصر بعض الأشخاص على أن الانخفاض الديموغرافي لا يعد مشكلة. هناك ثلاث حجج أسمعها طوال الوقت كلما أطرح هذا الموضوع.
الأولى هي أنه يوجد كثير من الناس على الأرض حاليا وتقليل العدد الكلي سيكون أمرا جيدا للكوكب. لكنها تغفل نقطة أن ما يحدد تأثيرك على الكوكب هو كيف تعيش وكيف تتزود بالطاقة، فالأماكن ذات الطفرة السكانية الأكبر في العالم ليست هي الأكثر تلويثا.
الثانية هي أن الدول عليها ألا تشغل بالها بما يختار مواطنوها فعله. هذا صحيح إلى حد ما، لكن نظرا لأننا جميعا، سواء أنجبنا أطفالا أم لا، لدينا مصلحة في وجود من يعتني بنا في نهاية حياتنا، فمعدل المواليد في الدولة يعد مشكلة اجتماعية لا شخصية فقط.
أخيرا، هناك حجة أننا نعرف بالفعل ما حل مشكلة المواليد في العالم الغني، ألا وهو الهجرة من الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل.
يوجد عدد من الاعتراضات التي يمكن أن أطرحها هنا، ولا سيما أن ذلك رهان كبير على بقاء تلك الدول فقيرة، وهو ليس مؤكدا ولا مرغوبا. لكن الاعتراض الأكبر هو أن المشكلة تمثل إشارة مهمة عندما يكون دور الوالدين غير جذاب بشكل كاف لدرجة أن يضطر المجتمع للجوء إلى الذين ولدوا في دول أفقر.
معدل المواليد المنخفض في الدول الغنية يرتبط بعدد من الأمور، بما فيها تكلفة الإسكان العالية وزيادة أهمية أي شكل من أشكال مؤهلات التعليم العالي وليس فقط درجة البكالوريوس للحصول على أفضل الوظائف – إضافة إلى الإيجابيات الخالصة لحرية الإنجاب. لكنها تعد إشارة سوقية مهمة أيضا تدل على أن إنجاب الأبناء لا يبدو اقتراحا جذابا للغاية لأولئك الذين يملكون الخيار.
وكيف سيكون العكس؟ سدت كثير من الدول الغنية في الواقع فجوة الأجور بين الجنسين عند البالغين الذين يختارون عدم الإنجاب – لكنها لم تستطع فعل ذلك عند أولئك الذين اختاروا الإنجاب. بعد 45 عاما منذ أن كانت لويس براون أول شخص يولد من التلقيح الاصطناعي في المختبر، فلسنا قريبين من أن يولد أول شخص دون تعريض حياة أمه أو صحتها للخطر. لا توجد أي وظيفة أخرى في العالم يقول عنها الناس في المجتمع المتحضر: "بالطبع، إنها تأتي مع ضرر كبير لدخلك المهني، ولا يزال هناك خطر أنك قد تموت عند فعلها، لكن لا تقلق فيمكننا دائما إيجاد شخص ما من دولة أفقر لملء الفراغ".
تتمثل معظم سياسات العالم الغني التي تدعم الإنجاب تقريبا في تشجيع الأشخاص على الإنجاب في بادئ الأمر، لكن قليلا منها تدعم الأبوة والأمومة فعلا. قد تنفق المجر مبلغا هائلا على هذه السياسات بالفعل، لكنها لا تفعل شيئا يذكر لتحسين تجربة رعاية ما قبل الولادة أو الآفاق الوظيفية للنساء بعد الولادة.
في الواقع، العكس صحيح، فالنموذج المجري يتعلق بشكل صريح بتحفيز النساء على البقاء في المنزل وتحمل معظم عبء الرعاية. قد يكون هذا جزءا من سبب أنها لم تستطع عكس انخفاض سكانها، رغم أن الدولة رفعت من معدلات المواليد بشكل كبير، لأن أعدادا كبيرة من الناس لا يزالون يغادرون من أجل حياة أفضل (وحريات اجتماعية أكبر) في أماكن أخرى.
في نهاية المطاف، تعد قدرة الدول على جذب الأشخاص لفعل أي شيء معلقة على مدى جاذبيته بالنسبة إليهم. سيكون من الأفضل لو فكرت الدول التي تخطط للسياسات التي تدعم الإنجاب كيف يمكن أن تصمم سياسة "تدعم الأبوة والأمومة" – سواء كان مستوى أفضل من الرعاية ما قبل الولادة، أو فرصا اجتماعية أفضل للوالدين الجدد، أو رعاية أطفال أقل تكلفة.