الأفارقة.. مائدة منوّعة وخصوصية جذابة
تشتهر العاصمة المقدسة بأنها المدينة التي تضم جاليات من أقطار عدة من العالم، وذلك نظرا لكونها مدينة قدسية لوجود بيت الله الحرام فيها، يقصدها المسلمون كافة، حيث استوطنت عدد من الأسرة الآسيوية والإفريقية في مكة، منذ عقود كثيرة من الزمن، ومن أشهر تلك الجاليات الجالية الإفريقية والمشهورة مسماها عند أهل مكة بالجالية «التكرونية».
وما إن ينطلق صوت مدفع رمضان الرابض فوق جبل المدافع حتى تبدأ الجالية الإفريقية بتحضير سفرتها والتي تحتوي على عدد من المأكولات التي قد يكون البعض منها معروفا عند أهالي مكة، ومن تلك الأكلات العصيدة مع الإيدام و يضاف عليها «الدقس»، مع المقبلات مثل« الودده» و«البركونو»، إضافة إلى بعض المأكولات الأخرى مثل «المديدة» و«الويناه» و«الكوسي»، وأكلة السارية باللحم وتعتبر الأكلة الشهيرة لدى الجالية الإفريقية.
ويحافظ كبار السن من الجاليات الإفريقية على عاداتهم وتقاليدهم، وذلك من خلال الأكلات الإفريقية لكي يتسنى لأبنائهم من الجيل الذي عاش في مكة معرفة جذورهم الإفريقية، حيث تستغل الأمهات قدوم رمضان ليتفنن في تحضير بعض المأكولات الإفريقية التي قد لا تظهر في الأيام الأخرى غير الرمضانية.
وكلمة «تكروني» تعود في الأصل إلى زمن بعيد كانوا يرون هؤلاء السود يكررون الحج في كل سنة فاعتقدوا أنهم هم الذين يكررون الحج كل سنة، لذا لقب عليهم «التكرور» لكثرة تكرارهم للحج كل سنة حتى تغير مسماهم «تكارنة». وتعود هجرة «التكارنة» إلى الجزيرة العربية لعصور طويلة الأمد منذ عهود سبقت ظهور الإسلام نتيجة العمليات التي يتعرض لها أبناؤهم لحوادث اختطاف من أجل تجارة الرقيق والتي كانت سائدة قديماً،ويعرف التكارنة بهذا المسمى منذ القدم والذي كان يستخدمه المكيون مع جميع بني الجلدة السوداء ممن يستوطنون المناطق الواقعة بين الصحراء الكبرى والغابة الاستوائية، التي تمتد من المحيط الأطلسي غرباً إلى البحر الأحمر شرقاً وكان يطلق على أبناء السودان في الماضي. أما الآن فهناك من يطلقه فقط على أبناء الدول الإفريقية غير الناطقين باللغة العربية،فيما كان السودان يطلق عليه الجغرافيون القدماء من العرب قديما «بلاد السودان» الممتد على نطاق «السافانا المدارية» في القارة الإفريقية بأكملها والتي كانت تضم دول نيجيريا وموريتانيا ومالي والسنغال وفولتا العليا والنيجر وتشاد والسودان وكانت بلاد السودان الغربية تعرف بتلك المنطقة الواقعة بين المحيط الأطلسي وما كان يسمى ببحيرة تشاد يعرف بالسودان الشرقي والذي يشمل تلك المنطقة الممتدة بين بحيرة تشاد والبحر الأحمر ويضم السودان والحبشة والصومال.