الذكاء الاصطناعي التوليدي حل .. لكن لأي مشكلة؟
لا تزال الصناعة العملاقة والمكلفة، التي يبنيها وادي السيليكون على الذكاء الاصطناعي التوليدي تكافح لشرح فائدة هذه التكنولوجيا. فحتى بعد عام ونصف من انطلاقها وتصدرها عناوين الصحف، لا يزال تحديد الغاية من بدء استخدامها صعبا.
المبرر المنطقي الأكثر شيوعا هو أن الجميع سيستخدم هذه الأدوات عاجلا أم آجلا، وبذلك قد تأخذ قدم السبق وتصبح في طليعة الركب، بحسب موقع "أكسيوس".
لكن في ربيع هذا العام، بدأت جوقة من النقاد الوقورين في مشاركة شعور مزعج هو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، على الرغم من روعته وما يثيره من مخاوف، لم يقدم فائدة عملية كبيرة في عملهم أو حياتهم.
أفادت مولي وايت مهندسة البرمجيات، مؤلفة كتاب "الجيل الثالث للويب يتقدم أحسن تقدم"، أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مفيدة مثل فائدة تفويض بعض المهام إلى متدرب بلا خبرة، وهي ليست أساسا متينا يبنى عليه التقدم الكبير التالي للتكنولوجيا.
قارنت مارجريت أومارا مؤرخة التكنولوجيا، صناعة الذكاء الاصطناعي اليوم بازدهار تجارة فراء القنادس. ففي القرن الـ19، جابت أعداد مهولة من القنادس أمريكا الشمالية، وارتفع الطلب على قبعات الفرو الرجالية لعقود. لكن بعد انقراض القنادس تقريبا، لجأ صانعو القبعات إلى الحرير عوضا عن الفراء.
وبالنظر إلى صفحات التاريخ، يتبين أن كل تحول كبير في التكنولوجيا - من الإنترنت إلى الهاتف الذكي - يمر بفترة يتساءل فيها الناس: "ما جدوى هذا الشيء؟".
يذكرنا كتاب "عصر أبل الثاني: كيف أصبح الحاسوب شخصيا"، لمؤرخ التكنولوجيا لين نوني، أن الأمر استغرق أعواما حتى اقتنع المستهلكون بأن للحاسوب قيمة لا تقتصر على جداول البيانات والألعاب.
ومثلما كانت الحال مع موجات التكنولوجيا السابقة، فإن رهان الصناعة على الذكاء الاصطناعي، هو أن التكنولوجيا الجديدة إذا وصلت إلى أياد كثيرة، فسيكتشف المستخدمون كيف يستفيدون منها.
على الجانب الآخر، يسود إجماع واسع على أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قدم قيمة واضحة في حالات استخدام محددة، فهو مساعد رائع في البرمجة، وواجهة مفضلة لغير المبرمجين، ويلخص الاجتماعات ويجري الأبحاث – بشرط ألا تثق به ثقة عمياء.
لكن ما زالت نقلات التحول التي تصورها داعمو الذكاء الاصطناعي بعيدة عن الواقع اليوم، وتظل مثلما كانت الحال عندما أطلق "شات جي بي تي" لأول مرة.
المجالات التي قيل إن الذكاء الاصطناعي سيغيرها جذريا - مثل الرعاية الصحية والقانون والتعليم - هي بالضبط المجالات التي قد يتسبب معدل دقة الذكاء الاصطناعي التوليدي في إحداث فوضى فيها.
وللانتفاع من التكنولوجيا، يحث إيثان موليك كلاين، الأستاذ في كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا، الجميع على استخدام شات جي بي تي، أو ما شابهه، 10 ساعات في العمل، لفهم مواطن قوته وضعفه ومعرفة قدراته.
لكن وايت تجادل بأن القدرات المتواضعة لأدوات الذكاء الاصطناعي اليوم تفيد بأن المجال المبالغ في تقديره والمغمور بالأموال يتجه نحو خيبة أمل هائلة.
كتبت: "لا يمكنك بناء صناعة بمئات المليارات من الدولارات حول تكنولوجيا مفيدة إلى حد ما، معظم فائدتها تظهر في أعمال روتينية، وربما تتفاخر بزيادات بسيطة في الإنتاجية إذا ـ وفقط إذا ـ فهم الذين يستخدمونها حدودها فهما تاما".