أول ملعب جولف صديق للبيئة في السعودية .. «شورى لينكس» نقلة جديدة في رياضة الأثرياء

في تلال الظهران، ووسط بيئة ليست غنية بالترفيه، لم يجد موظفو أرامكو الأوروبيين حينها، سوى أرض رملية خارج مجمعهم السكني، سُرعان ما تحول إلى ملعب جولف متواضع يقضون فيه أوقات الراحة، بعد أيام قليلة كان ضمن اللاعبين موظفين سعوديين انبهروا باللعبة بالجديدة، ولم يعلمان أنهما بذلك دشّنوا رياضة الغولف في السعودية وكان ذلك في 1962.

وبعد نحو نصف قرن، ومنذ أيام فقط أعلنت "البحر الأحمر الدولية" عن "شورى لينكس" الذي يُعدّ أول ملعب جولف صديق للبيئة في السعودية، ومُقرر افتتاحه في 2025، وبحسب بيان الشركة، فإن الملعب الأيقوني الذي صمّمه المعماري العالمي للجولف براين كيرلي، يتماشى مع أعلى معايير الاستدامة.

ويعمل على تقليل استهلاك المياه من خلال اختيارات دقيقة لنوع العُشب، إضافة إلى قياس المتغيرات الرئيسية التي تؤثر على النمو والأداء مثل نسبة الملوحة، ودرجة الحرارة والطقس، ويستخدم الملعب أيضًا نظام التغذية الورقية التي تحتوي على عناصر طبيعية للحفاظ على أسطح الملعب.

ويحتوي الملعب الذي تبلغ مساحته 6858 مترًا، على 18 حفرة منها حفر تحت الماء، إضافة إلى إطلالات على المرسى ومناطق لعب مميزة مُحاطة بمياه البحر الأحمر، كما يتميز بموقع فريد إذ تتوفر فيه أشعة الشمس على مدار العام ولحظات غروب خلّابة، ومن المفترض أن يتمتع بذلك نزلاء الفنادق الـ11 على جزيرة شورى، بجانب المقيمين بكافة منتجهة وجهة البحر الأحمر الأخرى.

وهذا الإنجاز، كان نتيجة استراتيجية متكاملة أطلقتها المملكة على هامش بطولة السعودية الدولية لسيدات الجولف، التي أقيمت في 2020 في ملعب رويال غرينز بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وشارك فيها أكثر من 100 امرأة بجوائز وصلت إلى مليون دولار.

حينها أعلن الاتحاد السعودي للجولف، أن الدولة تهدف إلى استدامة تلك الرياضة عبر تطوير ثقافة مبتكرة وطموحة تهتم بحماية البيئة وتطوير الاقتصاد وتفعيل الدور الاجتماعي الذي يمكن أن تحققه اللعبة.

وبناء على تلك الاستراتيجية، أسس الاتحاد، منصة معرفية بالتعاون مع منظمة مديري أندية الغولف الأوروبية، من أجل اختبارات تأهيلية تهدف إلى تطوير الكوادر الوطنية وتوفير فرصا جديدة في القطاع الرياضي، ويحصل المتأهل على شهادة تؤكد ذلك، بجانب إطلاق عشرات المبادرات من أبرزها، مبادرة نادي السيدات التي منحت 1000 سيدة سعودية عضويات مجانية لممارسة رياضة الغولف.

بالتوازي مع ذلك، وفي يونيو 2022 انطلق دوري "ليف جولف" السعودي مدعومًا من صندوق الاستثمارات العامة، ليكون ضمن أكبر منافسات رياضة الغولف عالميًا، وقد وصلت جوائزه في 2023 إلى 450 مليون دولار، وفي نفس العام، تمكّنت السعودية من كسر الاحتكار الأميركي لتلك اللعبة من خلال اتفاق تاريخي تم بين بطولتي "بي جي أي" الأميركية و"ليف غولف" السعودية"، بموجبه يتم دمج الأعمال والحقوق التجارية المتعلقة باللعبة.

كما يسمح الاتفاق الجديد للاعبي "ليف غولف" بالتقديم على عضوية "بي جي أي"، وهو ما وصفته صحف عالمية مثل نيويورك تايمز الأميركية، بأنه انتصار سعودي، وأكدت وكالة "بلومبيرغ" الألمانية، أن الاتفاق يعني أن السعودية صارت قوة عظمى جديدة في ما يُطلق عليها "رياضة الأثرياء".

النجاح في تحويل الجولف من هواية إلى احتراف في فترة وجيزة، هو نموذج تم تطبيقه في ألعاب أخرى ككرة القدم وسباق السيارات وغيرهم، وهو ما انعكس إيجابًا على المجتمع الذي صار أكثر ممارسة للرياضة، إذ أوضحت آخر الإحصاءات أن 48% من السعوديين يمارسون الرياضة بشكل أسبوعي، وفي لعبة الجولف تحديدًا يبدو المستقبل حامل لمفاجآت أكبر بعد اعتماد رابطة لاعبي الغولف المحترفين 1.5 مليار دولار لتوفير كيان تجاري جديد.

وتدور مناقشات حول مشاركة صندوق الاستثمارات العامة فيه، وهو أمر إن حدث فهذا يعني انتقال اللعبة إلى مستوى آخر من العالمية، أما داخليًا فحُسم الأمر بـ"شورى لينكس" الذي يجري بناء ملعب مجاور له في نفس المنطقة، وسيكون صديق للبيئة أيضًا ليشكل الاثنان طموح السعودية في أن تصبح وجهة للجولف في العالم.