اللاعبون الجدد في سوق الفضاء يخفضون التكلفة ويحولون الاهتمام نحو التعدين والسياحة

اللاعبون الجدد في سوق الفضاء يخفضون التكلفة ويحولون الاهتمام نحو التعدين والسياحة
يتوقع أن ينمو اقتصاد الفضاء من 424 مليار دولار عام 2019 إلى تريليون دولار بحلول 2040. المصدر: رويترز

لعقود طوال كان استكشاف الفضاء ملهما للبشر، لكن المصالح الجيوسياسية المتضاربة، باتت تؤثر بشكل مباشر في عالم الفضاء الذي أصبح بندا متزايد الأهمية في الأعمال التجارية الدولية.
ولعقود أيضا كان القطاع العام يتولى تمويل الأنشطة الفضائية وتنفيذها، لكن العقد الماضي شهد تزايدا في الاستثمارات الخاصة، وبات من الواضح أن المستثمرين الجدد يعملون للحد من هيمنة القطاع العام في هذا المجال الحيوي.
في منتصف القرن الـ20، كان سباق الفضاء مبارزة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، أما اليوم فقد باتت المنافسة متعددة الأقطاب تضم لاعبين ناشئين مثل الهند، إضافة إلى مؤسسات خاصة، وتسعى هذه الجهات إلى تحقيق مجموعة من الأهداف تمتد من نشر الأقمار الاصطناعية والسياحة الفضائية إلى استخراج المعادن من الكويكبات.
في هذا السياق، قال أستاذ تكنولوجيا الاتصالات الدكتور أشوكا شارما لـ"الاقتصادية"، "إن بعض الحكومات تشجع النشاط الفضائي الخاص لتعزيز المشاعر الوطنية أو لتوفير فرص عمل عالية القيمة".
وأضاف أن "الاستغلال المتزايد للمدار الأرضي المنخفض أو المتوسط ينطوي على مخاطر الازدحام وزيادة حطام الأقمار الاصطناعية واحتمال حدوث تصادمات بينها، خاصة أن الهياكل والمؤسسات الدولية المعنية بتنظيم العمل في تلك المدارات محدودة ولا تمتلك كثيرا من السلطة".
ويمتد المدار الأرضي المنخفض من 200 إلى 2000 كيلو متر فوق كوكب الأرض، وقد أصبح مزدحما للغاية بالأقمار الاصطناعية، فهناك أكثر من 3300 قمر اصطناعي يدور حول الأرض منذ عام 2021، وذلك رغم التحذيرات الدولية بأن كثافة الأقمار الاصطناعية في المدار الأرضي المنخفض قد تسفر عن اصطدام ببعضها بعضا وتكوين حطام فضائي يجعل جزءا من المدار غير قابل للاستخدام من قبل الأقمار الاصطناعية.
بدوره، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد البروفيسور أر. برود، أن المنافسة الفضائية يدفعها صراع شرس على الموارد المتاحة سواء على كوكب الأرض أو في الفضاء الخارجي، ويتوقع أن تزداد المنافسة الفضائية مدفوعة بالوعود بتحقيق عوائد اقتصادية هائلة.
وذكر لـ"الاقتصادية" أن "اقتصاد الفضاء سينمو من 424 مليار دولار عام 2019 إلى نحو تريليون دولار بحلول عام 2040، وتتولى الشركات الخاصة قيادة هذه المهمة".
واستدرك "سوق الأقمار الاصطناعية التجارية التقليدية التي هيمنت على قطاع الاتصالات لعقود من الزمن تفقد قيمتها التجارية، بسبب المنافسة من لاعبين جدد يسعون إلى تقديم خدماتهم".
وأشار إلى أنه من الملاحظ تكاثر الشركات الناشئة والكيانات البحثية التي تجمع أموالا بمليارات لخفض تكلفة أنظمة إطلاق الأقمار الاصطناعية، ومع الوصول إلى الفضاء بشكل أكثر فاعلية من حيث الكلفة، يتحول الاهتمام بشكل متزايد إلى مجالات جديدة مثل التعدين والسياحة الفضائيين.
في المقابل، حذر ال. ديفيد الباحث في مجال علوم الفضاء، من تزايد عدد الجهات الفاعلة في مجال الفضاء، يمكن أن يولد خلافات جديدة أو يؤدي إلى تفاقم الاحتكاكات القديمة.
وقال لـ"الاقتصادية": "إن الاتجاه السائد في القطاعات التجارية والمدنية العاملة في مجال الفضاء، مبني على مزيد من المنافسة عبر خفض التكاليف، ويتوقع أن يتم إطلاق 70 ألف قمر اصطناعي إلى المدار في العقود المقبلة، ما يشير إلى تزايد احتمالية الاصطدامات ما يعوق عمليا تطوير الفضاء ويثير مزيدا من التوترات الدولية على الأرض".
وأضاف "السباق الفضائي ليس مجرد سعي لاكتشاف علمي أو هيبة وطنية، إنه مجال ديناميكي سريع التطور للأعمال التجارية، ومع ازدحام المدارات يصبح التعاون الإستراتيجي لاكتشاف الفضاء أمرا لا مفر منه".

الأكثر قراءة