اقتصاديات الحج والأضاحي فرص لقطاعي الصناعة والخدمات
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام يجتمع فيه أعداد كبيرة من المسلمين من مختلف دول العالم لأداء هذه الشعيرة العظيمة وهي امتداد لعبادة فرضها الله تعالى على نبي الله إبراهيم إلى يومنا هذا، وقد من الله على هذه البلاد وقادتها وشعبها لخدمة الحرمين وضيوف الرحمن، وقد أولت السعودية منذ عهد المؤسس اهتماما كبيرا بالحرمين الشريفين وزواره وحجم التطور والعمل على كل التفاصيل التي تخص زوار الحرمين الشريفين وحجاج بيت الله بخدمة لا تقدم في مكان آخر، وتضع كافة إمكانات بأعلى جاهزية لخدمة ضيوف الرحمن.
هذا الموسم يقدم فيه مجموعة من الخدمات الهائلة لتيسير تجربة الحج والعمرة لكل مسلم و يتطلب مشاركة كبيرة من مختلف الجهات بما فيها القطاع الخاص الذي يستفيد من حجم الإنفاق الهائل، ورغم أن فترة الحج قصيرة إلا أن حجم الإنفاق يمكن أن يولد فرص مستمرة، ولعل احد الفرص الكبيرة هو عملية التدوير والاستفادة مما يمكن أن يخلفه هذا الموسم باعتبار أن الفترة قصيرة والمكان محدود، وهذا يمكن أن يسهل عملية الاستفادة من أي مخلفات لتلك الفترة، خصوصا أن عملية الحج تتطلب ذبح الهدي للحاج داخل الحرم، ما يعني أن كل ما تخلفه هذه العملية يمكن الاستفادة منه للقطاع الصناعي من خلال التدوير لكل تلك المخلفات، وبالتأكيد هناك اهتمام قائم بذلك، ولكن من الممكن النظر في أفضل التجارب العالمية باعتبار أن العدد هائل ويمكن أن يشجع المستثمرين للعمل في مثل ذلك. كما أن ما ينشأ من هذه الفترة ليس فقط الهدي والأضاحي بل إن هناك كثيرا من الفرص التي يمكن أن يستفيد منها القطاع الخاص.
وعند الحديث عن الجانب الاقتصادي لا بد أن يكون من الواضح أن ما تنفقه الحكومة على هذه المواسم العظيمة أكبر بكثير من العوائد، بل إن العوائد لا تكاد تذكر مقارنة بحجم الإنفاق الهائل، لكن الحج سبب رزق لأهل مكة وذلك بدعوة نبي الله إبراهيم في قوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر)، ولذلك فإن هذا الموسم رغم حجم المشقة التي تصاحبه لأهل مكة، إلا أنها من أمتع المواسم لهم ليس لأنها من أسباب الرزق، بل لأن فيها خدمة ضيوف الرحمن وهذا ما انعكس على سعادة يشعر بها كل حاج رغم المشقة بسبب حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، ولا شك أن هناك عملا على الاستفادة من الفرص في هذا المواسم لا تكاد تتوقف، إلا أنه يمكن البحث عن فرص أكبر من خلال حصر احتياجات جميع ما يمكن أن يكون ضمن احتياج زوار الحرمين الشريفين، ومن هنا من المهم العمل على أسئلة الإجابة عليها يمكن أن تولد فرصا أكبر، فمن ذلك ما الذي يجعل الزائر يمضى فترة أطول في السعودية سواء زيارة الحرمين أو غيرها من المدن؟ وما الذي يجعل الزائر يشعر أن جميع احتياجاته متوافرة كما هي الحال في بلده، وما الذي يجعل الزائر يختار السعودية كوجهة مميزة مقارنة بالوجهات الأهم عالميا؟.
الخلاصة، إن اقتصاديات الحج والهدي والأضاحي هي واحدة مما تتميز به السعودية خلال فترة شهر ذي الحجة منذ فترة طويلة، وهي في تطور وتعمل كل عام على دعم فرص تنويع الاقتصاد وإدخال التقنية الحديثة لخدمة الحجاج من خلال الدوائر الحكومية ومشاركة القطاع الخاص بصورة أكبر في هذه البرامج.