هل تنفجر فقاعة العقارات المكتبية في البنوك الصغيرة؟

هل تنفجر فقاعة العقارات المكتبية في البنوك الصغيرة؟

هل تهدد الخسائر المستمرة في العقارات التجارية بحدوث كساد مالي واقتصادي محلي أو عالمي كالذي شهدناه في 2007؟ ليس الآن. ولكن يتعين علينا أن نكون حذرين، لأننا نعيش في اقتصاد معرض للمخاطر، إذ قد يتسبب القطاع المالي في مشكلات اقتصادية عميقة.
لا تزال هناك أضرار كثيرة قادمة من انهيار قروض العقارات المكتبية، حيث تنتهي القروض منخفضة الفائدة ويلزم إعادة تمويلها بأسعار فائدة أعلى، مع رفع الفيدرالي المتواصل لمعدل الفائدة والوصول بها إلى أعلى مستوى منذ 23 عاما، في وقت تنخفض فيه قيم الأصول المكتبية.
قدمت ورقة عمل أصدرها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في ديسمبر تحليلا مفصلا لـ "ضائقة العقارات التجارية وهشاشة البنوك الأمريكية"، عرض معدوها بيانات مثيرة للانتباه مفادها أن "14% من جميع قروض العقارات التجارية و44% من قروض المكاتب أصبحت أقل من قيمتها الحقيقية.
ورغم أنها مبالغ كبيرة كما يرى ريتشارد ماكجيهي الكاتب في فوربس، لكنها لا تمثل جزءا كبيرا من إجمالي الإقراض من البنوك. يراقب الاحتياطي الفيدرالي محافظ البنوك عن كثب، وأظهر تقريره للأسبوع المنتهي في الخامس من يونيو، أن الائتمان المصرفي المستحق قيمته 17.6 تريليون دولار. مثلت قروض العقارات التجارية نحو 17٪ منه، مع الأخذ بالاعتبار أن قروض العقارات التجارية ليس للمكاتب فقط.
ولكن ماذا عن المكاتب المتعثرة؟ بلغت تقديرات الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس لقروض المكاتب في 2023 نحو 15٪ من إجمالي سوق العقارات التجارية. وإذا مثلت هذه الـ 15% الإقراض البنكي للعقارات التجارية القطاع كاملا، فإن إجمالي انكشاف البنوك على قروض المكاتب سيكون 2.6% من إجمالي الائتمان المصرفي المستحق، وهو رقم كبير بالدولار، ولكنه ليس نسبة كبيرة.
ليست كل البنوك لديها الانكشاف نفسه على العقارات التجارية. بالنسبة إلى المخاطر الرئيسة التي تحيط بالنظام المالي، يولي الاحتياطي الفيدرالي يولي اهتماما كبيرا بأوضاع البنوك الكبيرة.  
قدمت تصريحات محافظة الاحتياطي الفيدرالي ليزا دي كوك، في بروكينجز تفاصيل النتائج التي توصل إليها الفيدرالي في تقرير الاستقرار المالي الصادر في إبريل، إذ قيّم المخاطر الإجمالية التي تهدد النظام بأكمله. فيما يتعلق بالقطاع المصرفي، ذكرت كوك أن "الشركات المالية الأكبر والأكثر ترابطا" ــ تلك التي نشعر بالقلق الشديد تجاهها في حالة حدوث أزمة محتملة في النظام ــ "تبدو قادرة على استيعاب الصدمة" استنادا إلى "سجلاتها التمويلية القوية".
وتشير كوك إلى أن هذا الوضع القوي يرجع "جزئيا إلى قوة النظام التنظيمي لهذه البنوك". هزت أزمة 2007 المالية النظام وأخافت المنظمين. ومنذ ذلك الحين، عزز الفيدرالي وغيره من الهيئات التنظيمية الرقابة والتنظيم، وهو تطور محمود بالنسبة للأمن المالي والاقتصادي.
ناقشت كوك على وجه التحديد أخطار قروض العقارات التجارية والعقارات المكتبية. فقروض العقارات التجارية – وأخطارها – ليست متساوية على جميع البنوك. تؤكد بيانات الاحتياطي الفيدرالي أن البنوك الصغيرة هي المكان الذي يجب البحث فيه عن أخطار العقارات التجارية.
وأوضحت أن "قروض العقارات التجارية تشكل نحو 5 % فقط من إجمالي الأصول في البنوك الكبيرة، ولكن نحو 30 % من الأصول في البنوك الأصغر". وتدفع هذه "التركزات العالية" الجهات التنظيمية إلى الحصول بيانات أكثر وتجعلها تزيد الرقابة.
إن مشكلة العقارات التجارية التي تواجهها البنوك الإقليمية الأصغر معروفة جيدا للمراقبين والسوق. في وقت سابق من هذا الشهر، وضعت وكالة موديز 6 بنوك إقليمية قيد المراجعة لاحتمال تخفيض تصنيفاتها بسبب "التركز الكبير لقروض العقارية التجارية".
حلل الخبير الاقتصادي هايمان مينسكي الأزمات المالية الدورية، رأى أن عدم الاستقرار الاقتصادي الناشئ عن اختلاف عناصر التمويل – المدخرات والقروض، وديون العالم الثالث، والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري – ليس خطأ منعزلا، بل شاملا يؤثر على النظام ككل لمرحلة الرأسمالية التي نعيشها.
يبدو مينسكي أكثر حكمة من أي وقت مضى ونحن نرى كيف أن المخاطر المالية والاقتصادية المستمرة كانت مدفوعة بأسواق الإسكان، وفقاعات الدوت كوم، والديون البلدية خلال كوفيد-19، والآن إقراض المكاتب. 
يتعين علينا أن نكون متيقظين دائما للمخاطر المالية التي لا نراها، والتي من الممكن ألا تؤثر على التمويل فحسب، بل على الاقتصاد الحقيقي. كما أكدت أزمة 2007 بشكل كبير، نعيش في نظام معرض للمخاطر والأزمات.
 

الأكثر قراءة