مكرر الربحية المعدل .. مقياس لتشبع الأسهم

من المعروف أن الاستثمار طويل المدى في الأسهم يعتمد على وقت دخول المستثمر، فمن يدخل في القيعان ليس كمن يدخل في القمم، وبذلك فالتساؤل البديهي هنا يدور حول كيفية معرفة ما إذا كانت الأسهم حاليا في القيعان أم في القمم أم فيما بينها. للإجابة عن ذلك، يستخدم كثير من المحللين والمتابعين مكرر الربحية كأداة مفيدة في معرفة التقييم الحالي للأسهم، ولكن هذا المؤشر رغم بساطته، فهو يتطلب الفهم الصحيح والبيانات الدقيقة والطريقة السليمة لحسابه، ولذا ظهرت هناك عدة نظريات حوله. هل الأسهم الأمريكية حاليا متشبعة؟ وماذا عن الأسهم السعودية؟

بداية، مكرر الأسهم السعودية أقل بكثير عن الأسهم الأمريكية، حيث يحوم حول 20 مرة، بحسب بيانات اقتصاد الشرق مع بلومبرغ، وذلك أقل من المتوسط التاريخي، لذا فهو ليس في منطقة حرجة كما في الأسهم الأمريكية. جاذبية مكرر الربحية تأتي في سهولة استخدامه، فهو مجرد قسمة السعر على الأرباح، فلو أن شركة خاصة أو مدرجة تربح مليون ريال في العام وتعمل في مجال يستحق مكرر ربحية بمقدار 20، فيكون السعر المعقول للشركة 20 مليون ريال. التحدي في طريقة مكرر الربحية أننا نحتاج إلى معرفة المكرر المعقول للسهم لنتمكن من تقدير سعر السهم، ثم علينا معرفة المكرر المقبول للقطاع ككل، وللسوق بشكل أشمل، فمثلا مكرر الربحية للسوق الأمريكية حاليا 29 مرة مرتفعا عن مستوى 20 مرة التي كان يحوم حولها في منتصف 2022، ولو نظرنا إلى مكرر الربحية المعدل "مكرر شيلير" نجده الآن 36 مرة، فهل نأخذ بالمكرر المعدل أم المكرر العادي؟

المكرر المعدل يختلف عن العادي في أنه مبني على متوسط ربحية السهم للسنوات العشر الماضية، مع أخذ تأثير التضخم في الحسبان، وهو مهم جدا كمقياس لاكتشاف تضخم الأسعار، ويستخدم أكثر في معرفة وضع السوق ككل. طريقة حسابه تتم بقسمة السعر الحالي على متوسط الربحية للسنوات العشر الماضية بعد التخلص من تأثير التضخم في الأرباح، فيظهر لدينا رقم شبيه بالمكرر العادي لكنه منطقي أكثر وله دلالات مهمة، وسبب الاعتماد عليه كونه ينظر إلى أرباح عشر سنوات، لا إلى عام واحد فقط، وبذلك فهو ينظر إلى ربحية الشركة بشمولية أوسع ويتخلص من تأثير الدورة الاقتصادية أو أي ظروف أخرى طارئة. ومن جهة أخرى، فالمكرر يتخلص من التأثيرات المضللة لتضخم الأسعار في الربحية، فمثلا من الممكن تجد شركة ارتفعت أرباحها بمقدار 10 % عن العام السابق، لكن إذا علمنا أن التضخم وقتها كان 6 % فأرباح الشركة فعليا تكون ارتفعت بنسبة 4 % فقط، وبذلك من الأفضل تقدير القيمة بعيدا عن تأثير التضخم.

قراءة المكرر المعدل الحالية مرتفعة وقريبة من مستوياته في نهاية 2021، التي تلاها هبوط كبير للأسهم في 2022، لكن من المهم عدم الاعتماد على هذا المكرر ولا غيره في اتخاذ قرارات على المدى القصير، ومع ذلك تضل مسألة توقيت دخول المستثمر على المدى الطويل مهمة، ويستخدم في ذلك مكررات الربحية كإحدى الدلالات في هذا الجانب، ولا نغفل أهمية أخذ نسبة نمو الأرباح الماضية والمستقبلية في حساب المكرر، لذا ينظر إلى مكرر PEG الذي يقسم المكرر العادي أو المعدل على نسبة نمو الأرباح للسنوات الخمس الماضية لما لذلك من تأثير في قراءة المكرر.

كمثال على أهمية أخذ نمو الأرباح في الحسبان، قبل عام كتبت عن ظاهرة أسهم إنفيديا، التي كانت مرتفعة في ذاك الوقت بنحو 200 % من بداية العام، وكان مكرر ربحيتها مهول جدا عند 220 مرة، ومع ذلك استمر السهم بالارتفاع بعد ذلك، وهذا العام ارتفع بنسبة 170 %، وفي الوقت نفسه انخفض المكرر إلى 77 مرة، ما يعني أن السبب في كون مكرر 220 معقولا العام الماضي يعود إلى الربحية الكبيرة التي تتمتع بها الشركة في السنوات القليلة الماضية، ولو أننا العام الماضي حسبنا المكرر مع النمو لربما كان المكرر 60 أو 70، بدلا من 220 مرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي