كيف تدفع سوق الصكوك الخليجية ثمن تسرب الإيرادات الإسلامية للمرابحات إلى النظام التقليدي؟
كشفت بيانات اقتصادية صادرة من الذراع الإسلامية لمجموعة CIMB المصرفية الماليزية أن أحد الأسباب الرئيسية في شح السيولة في سوق الصكوك الخليجية يرجع إلى ''تسرب'' إيرادات سلعة المرابحة الدولية (التورق غير المنظَّم) إلى النظام التقليدي. ما يعني أن المليارات من السيولة الإسلامية المتسربة في الخليج تصب في حوض السوق التقليدية، الأمر الذي ينعكس على السوق الثانوية للصكوك. وأسهم عدم وجود برنامج لإدارة السيولة الإسلامية في تسرب الغالبية العظمى من تلك الإيرادات الناتجة من معاملات المرابحة إلى النظام ''الربوي'' المالي (أسواق السندات التقليدية). ما يعني أن الإيرادات القليلة المتبقية من معاملات المرابحة ستذهب إلى النظام المصرفي الإسلامي، الأمر الذي يعني جزءا كبيرا من هذه الإيرادات قد تم توجيهها إلى النظام التقليدي، بدلا من أن تعاد إلى حوض صناعة المال الإسلامية وتستفيد منها أسواق الصكوك. وعلى الجانب الآخر يظهر الرسم البياني كيف أسهم وجود سوق ''مالية إسلامية'' منظمة من قبل الماليزيين في إيقاف تسرب سيولتهم الإسلامية.
وهنا يقول بادلشاه عبد الغني، كبير التنفيذيين في بنك CIMB الإسلامي: ''للأسف فإن مجال أخذ الودائع هو أكثر مجال يساء فيه استخدام منتج المرابحة بالسلع. فلقد أسهم تسرب السيولة نحو السوق التقليدية في تضرر أسواق المال الإسلامية. ويواصل :''أحد الأمثلة على ذلك هو الافتقار إلى السيولة في أسواق الصكوك الرئيسية والثانوية. فهذا التسرب المذكور في الأسواق العالمية والخليج يقلل من الأموال الإسلامية الساعية وراء الصكوك''.
ويتابع في تصريحه لـ ''رويترز'': ''ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى اعتماد الجهات المصدرة للصكوك على المستثمرين التقليديين لشراء الصكوك منهم. وقد أدى ذلك إلى فرض علاوة إضافية في السعر مقدارها 20 نقطة أساس فوق السندات التقليدية في أسواق السندات العالمية. في المقابل فإن تسعير الصكوك في ماليزيا هو أرخص بمقدار ثلاث إلى 20 نقطة أساس من السندات التقليدية. السبب في ذلك هو أن الأموال الإسلامية في ماليزيا التي لا تستطيع التسرب إلى السوق التقليدية تضطر إلى السعي وراء الموجودات الإسلامية، وهو أمر من شأنه أن يعزز الطلب على الصكوك''.
وعما إذا كانت أسواق المرابحة خاضعة للتنظيم، يقول لـ ''رويترز'' حسين حسن، رئيس قسم التمويل الإسلامي في ''دويتشه بانك'': ''لا تعمل سوق المرابحة ضمن إطار تنظيمي، وبالتالي فإن مرابحة السلع هي أبعد ما تكون عن كونها معيارية أو خاضعة للضبط والسيطرة''. وينادي عبد الغني إلى تنظيم تعاملات المرابحة من قبل جميع الأجهزة التنظيمية والرقابية إن كانت تسعى بصدق لتطوير سوق المالية إسلامية نشطة وقوية. ويعزو محمد عريف تون، نائب رئيس الأسواق المالية الإسلامية في بنك MAYBANK، حدوث مثل هذه التسربات إلى كون المالية الإسلامية لا تزال جديدة على منطقة الخليج. إلا لم يستبعد إقفال هذه التسربات نحو النظام التقليدي في المستقبل القريب. من ناحيته كشف لـ ''الاقتصادية'' هيثم تميم، فقيه مصرفي يعمل لأحد المؤسسات المالية في لندن، وجهتا نظر شرعية حول السيولة الإسلامية المتسربة من سلعة المرابحة الدولية. حيث يقول: ''تتمحور النظرة الأولى على الناحية الفنية للعقد أو المعاملة. وأقصد بالنواحي الفنية هنا المبادئ والشروط والمتطلبات. وعند التأكد من صحة هذه الأمور، فإن العقد في هذه الحالة جائز''.
وعن وجهة النظر الشرعية الثانية حول المرابحات، يقول تميم إنها ترتكز على ''الغاية من العقد أو المعاملة. وفي هذه الحالة، إذا لم يتحقق المقصد من العقد أو المعاملة، حتى لو كانت جميع المكونات الأخرى صحيحة، عندها فالعقد غير جائز. وعليه فإن (وجهة النظر الشرعية) حول إيرادات المرابحة تقع بين وجهتا النظر الشرعية هذه''.
معلوم أن منتج المرابحة يتم استخدامه كوسيلة تسهيلية لتداول السلع. أي أنها تستخدم كأداة لأخذ الودائع، وفي الخليج تستخدم كمنتج للتمويل. ويعتبر عقد المرابحة بالسلع واحداً من أوسع الهياكل التمويلية استخداماً في صناعة المال الإسلامية، وغالباً ما يستخدم لتأمين القروض الإسلامية.