الاكتتابات ليست واحدة .. انتبه!
قرار الاكتتاب في الأسهم يرجع إلى كل شخص ورأيه في الشركة المطروحة للاكتتاب، وهذا أمر معروف لكافة المتداولين ويمارس في سوق الأسهم السعودية منذ القدم، الجديد في الأمر أنه بسبب تطور السوق المالية وتنوع أدواتها وما يطرح فيها من أصول ظهرت في السنوات الأخيرة عدة طروحات أولية، أو اكتتابات، ظن بعض المتداولين أنها مجرد اكتتابات تقليدية يمكن من خلالها وبنسبة نجاح عالية تحقيق مكاسب سريعة بعد بدء تداول الأسهم المطروحة في السوق المالية، إلا أن هذه الاكتتابات الجديدة تختلف تماماً عن الاكتتابات التقليدية. فما هي الاكتتابات الجديدة وكيف تختلف عن نظيرتها التقليدية وكيف يجب التعامل معها؟
الاكتتابات الجديدة خاصة بالصناديق الاستثمارية المتداولة المغلقة والمفتوحة، وبذلك نجد أن سعر الاكتتاب يكون بالقيمة الاسمية ولا يوجد هناك أي حاجة إلى تحديد قيمة سهم الصندوق، بخلاف ما يتم في طرح أسهم الشركات، وهذه أول نقطة مهمة يجب الانتباه إليها، التي بسبب عدم فهمها نجد صندوقا متداولا يطرح بسعر 10 ريالات وينخفض سعره مباشرة بعد بدء التداول، الأمر الذي يجب ألا يحدث إطلاقاً. للتوضيح، عندما يتم طرح أسهم صندوق متداول، غير العقارية منها، في السوق المالية فالفكرة أن يتم جمع أموال المستثمرين نقداً ومن ثم استثمارها في الأصول والوسائل المستهدفة من قبل الصندوق، وبذلك فقيمة الصندوق وقت الطرح تعتمد على كمية الأموال النقدية لديه، التي بالضرورة هي 10 ريالات عن كل سهم، بمعنى أن "الكاش" لا يحتاج إلى تقييم، وما يحدث بعد التداول من خلل فهو أشبه بمن يبيع 10 ريالات كاش بتسعة ريالات كاش!
بينما في حال الاكتتاب في أسهم الشركات فهناك عدة متغيرات تجعل من الممكن للسعر أن يرتفع أو ينخفض بقوة بعد التداول بسبب صعوبة تقييم سعر السهم الذي يعتمد على الشركة وما لديها من أصول وفرص مستقبلية وعوامل أخرى كثيرة. أما عندما تكون الأصول عبارة عن كاش فقط، فلا يوجد اختلاف ولا حاجة إلى تقدير سعر السهم، الذي في هذه الحالة يجب أن يكون 10 ريالات لا أكثر ولا أقل، ونترك جانباً بعض التفاصيل غير الضرورية لخصم بعض التكاليف الإدارية للوصول إلى السعر الدقيق.
هنا نحتاج إلى التذكير بأن الصندوق المفتوح لا يعاني هذا الخلل، بمعنى لو أن أحداً يبيع 10 ريالات نقداً بسعر 9 ريالات، لتم تصحيح الخلل على الفور، وذلك بدفع 9 ريالات للحصول على 10 ريالات، وتحقيق مكسب ريال واحد على الفور بدون أي مخاطرة. هذه هي فكرة الصندوق المفتوح في أن أي خلل في تسعير السوق يتم تصحيحه على الفور من قبل المضاربين، وهو ما نراه في الصناديق الاستثمارية التقليدية والصناديق المتداولة المفتوحة، أو ETF، ذلك لأن في الاستطاعة استبدال وحدات الصندوق بالكاش والعكس.
الحل أولاً أن ينتبه المكتتب إلى أن الصندوق المتداول المغلق عبارة عن شركة ليس فيها أي شيء عدا الكاش الذي تم جمعه من المستثمرين، وبالتالي سعر الصندوق معروف بشكل قاطع إلى أن يبدأ الصندوق في نشر صافي قيمة الوحدة في وقت لاحق، الذي سيعتمد على أداء ما يتم الاستثمار فيه. ولا يمكن للمتداول معرفة سعر الصندوق قبل أن يبدأ الصندوق في استثمار ما لديه من كاش، لذا من المفترض أن يبقى سعر الصندوق 10 ريالات، إلا إن ظهرت هناك مبررات منطقية ترفع السعر إلى أعلى من 10 ريالات، فيما لو كانت هناك وجهة نظر حول مهارة إدارة الصندوق في تحقيق عوائد أعلى من المتوقع لها، أو العكس في حال وجود مبررات منطقية ترى فشل الصندوق في تحقيق العائد المتوقع.
هذا النوع من الخلل في التسعير السوقي ليس بجديد، فقد حدث في وقت سابق تسعير صندوق متداول مفتوح للذهب هنا في السعودية بسعر تجاوز قيمة الذهب المملوك من قبل الصندوق! في تلك الحالة لم يكن هناك أي تبرير منطقي لذلك التباين الفج، فمهما تميزت إدارة الصندوق وزادت مهارتها لا يمكن لسعر الذهب أن يختلف عن سعر الذهب!