هل سيتأثر قطاع الطاقة مع رئاسة ترمب الثانية؟
منذ المناظرة الرئاسية الأولى في الشهر الماضي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وسلفه دونالد ترامب، أصبح وصول ترامب للرئاسة الأمريكية مرة أخرى حقيقة واقعة وسط انقسام في المواقف دلت عليها أرقام الاستطلاعات الفورية للرأي لمتابعي الحدث الأمريكي، وبالفعل فقد تنحى بايدن قبل أيام بعد ضغط حزبه الديموقراطي عليه وإعطاء الفرصة لغيره لمواجهة ترامب. وستظل احتمالية فوز ترامب واردة بالرئاسة الأمريكية في انتخابات نوفمبر مع تصاعد نجمه بقوة مع محاولة اغتياله أخيرا. ولذلك تساءل بعضهم عن ماذا يعني ولاية ترامب الثانية إلى قطاع الطاقة.
إن تغيير الإدارة الأمريكية الحالية يعني تحولاً جذرياً في سياسة الطاقة الحالية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، بغض النظر عن التداعيات على القطاعات المنخفضة الكربون. بكل بساطة، سوف يسعى ترامب إلى التراجع عن كثير من عمل إدارة بايدن لمكافحة التغير المناخي والقواعد البيئية وإطلاق جهود جديدة لتوسيع إنتاج الوقود الأحفوري. وسوف ينسحب مرة أخرى من اتفاقية باريس للمناخ وينهي دعم الطاقة المتجددة ويزيل اللوائح وبرامج كفاءة الطاقة التي فرضتها واقترحتها إدارة بايدن التي تستهدف المصابيح الموفرة ومواقد الغاز وغسالات الأطباق وغيرها.
إن ولاية ترامب الثانية قد تؤدي إلى إبطاء تحول الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري لكن لن يوقف ذلك التحول بالكامل إلى الطاقة المتجددة، لإن ذلك يرجع إلى انخفاض تكاليف كثير من هذه التقنيات بشكل متسارع. وبالتالي ترى الشركات فوائد مالية جمَّة في خفض الانبعاثات وتجني الولايات التي يقودها الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء فوائد اقتصادية من مصانع ومحطات الطاقة الجديدة. بينما نرى التوجه العالمي في معالجة التغير المناخي وتقليل معدلات التلوث والانبعاثات الغازية ومشاهدة ارتفاع درجات الحرارة وأن الطريقة الوحيدة لتقليل الأضرار هي نشر الطاقة النظيفة على نطاق واسع، قد يركض ترامب في الاتجاه المعاكس حيث حدد في حملته الانتخابية زيادة إنتاج البترول والغاز كأولوية وبالتالي استخدام الإجراءات التنفيذية وتغيير القواعد لتخفيف العبء التنظيمي على شركات البترول والغاز.
من المرجح أن تنهي رئاسة ترامب الثانية الإيقاف المؤقت لتصاريح تصدير الغاز الطبيعي المسال، بعد أن أصبحت الولايات المتحدة أكبر مصدر للغاز فائق التبريد في العالم خلال الأزمة الروسية الأوكرانية، ما دفع حلفاء الولايات المتحدة إلى البحث عن بدائل للغاز الطبيعي الروسي.
ومن المرجح أن تلغي إدارة ترامب أنظمة وكالة حماية البيئة لفرض رسوم على صناعة البترول والغاز التي تراوح بين 900 إلى 1500 دولار للطن الواحد مقابل انبعاثات غاز الميثان، ومن المتوقع أن تعيد إدارة ترامب برنامج وزارة الداخلية الأمريكية لتأجير البترول والغاز البحري من أجل توسيع حجم ونطاق مزادات الحفر، بعد أن أعدت إدارة بايدن الخطة الحالية كجزء من جهودها في التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة. وسوف تقوم إدارة ترامب في استكشاف عمليات التنقيب عن البترول في الأراضي العامة وتقديم إعفاءات ضريبية لمنتجي البترول والغاز والفحم.
وسيتم التراجع عن جهود إدارة بايدن لتشجيع اعتماد المركبات الكهربائية وإلغاء قيود التلوث الجديدة المقترحة التي تتطلب أن تكون 54 % على الأقل من المركبات الجديدة المبيعة كهربائية بحلول 2030 في الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يقوم ترامب إلغاء الإعفاءات الضريبية في تشريع بايدن للمناخ الذي تبلغ قيمته نحو 400 مليار دولار، بحيث يمكن استخدام الأموال لأغراض أخرى مثل تمويل وتمديد التخفيضات الضريبية وإيجاد وظائف جديدة.
وفي الختام، لا نعتقد أن حالة من عدم اليقين قد تسيطر على قطاع الطاقة في حالة فوز ترامب لأن كثيرا من المشاهد متوقعة، وقد يبسط أثره على العالم أجمع، ولكن سيعتمد تنفيذ أغلب الإجراءات الإدارية على سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ بعد انتخابات نوفمبر.