بريطانيا تسعى لجذب استثمارات خليجية في التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة
يقوم عدد من كبار المسؤولين الحكوميين البريطانيين بتنظيم سلسلة زيارات إلى منطقة الخليج، وتحديدا إلى السعودية، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في مسعى للحصول على تأكيدات رسمية بمشاركة دول المنطقة في قمة الاستثمار الدولية التي ستستضيفها العاصمة البريطانية لندن في 14 أكتوبر المقبل.
بحسب مصادر بريطانية مطلعة تحدثت لـ "الاقتصادية"، تسعى الحكومة البريطانية من خلال هذه الزيارات إلى جذب استثمارات خليجية في قطاعات شتى من أهمها التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة.
القمة سيرأسها رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر، وتهدف إلى تعزيز فرص الاستثمار في المملكة المتحدة باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لإستراتيجية النمو التي تتبناها الحكومة العمالية الجديدة. ومع ذلك، لا تقف تطلعات القمة عند هذا الحد.
وفي هذا الصدد قال الخبير الاستثماري آرثر جورج لـ"الاقتصادية": إن القمة المقبلة تبعث برسالة إلى جميع شركاء المملكة المتحدة الأساسيين بأن الحكومة الجديدة منفتحة على الأعمال والاستثمارات الدولية، وأنها تعمل على إعادة ضبط العلاقات مع الشركاء التجاريين من خلال خلق بيئة مؤيدة للأعمال".
وأضاف: "إعادة ضبط العلاقات مع الشركاء التجاريين يجعل الحكومة البريطانية تستهدف بلدان مجلس التعاون الخليجي، خاصة السعودية باعتبارها الاقتصاد الرئيس في منطقة الشرق الأوسط وقوة استثمارية عالمية، بهدف تعميق علاقات الاستثمار والتجارة بينهما، مدفوعة بأهداف إستراتيجية ومصالح اقتصادية مشتركة."
ويظل التساؤل ما هي القطاعات الاستثمارية التي ستطرحها المملكة المتحدة في قمة الاستثمار الدولية المقبلة على شركائها الخليجيين لجذب استثماراتهم؟.
حتى الآن، لا توجد تسريبات واضحة بطبيعة تلك القطاعات، لكن عدد من الخبراء البريطانيين يشيرون إلى إدراك حكومة المملكة المتحدة للمجالات الرئيسة التي تمثل نقاط جذب للاستثمار الخليجي، وخاصة في السعودية، التي يجب أن تتوافق مع الأهداف الإستراتيجية لرؤية 2030.
يؤكد الخبير الاقتصادي روبرت ناندي لـ"الاقتصادية" أن وجهة النظر السائدة في الأروقة الحكومية البريطانية تعكس إدراكا بأن رؤية 2030، وعلى الرغم من أنها رؤية سعودية بالأساس، فإنها تكشف الخطوط العامة لأهداف بلدان مجلس التعاون الخليجي التنموية. وهذا ما يجعل من تكنولوجيا التقنيات الخضراء والطاقة المتجددة نقاطا محورية في مساعي بريطانيا لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الخليجية في هذا المجال، خاصة أن للسعودية وباقي بلدان الخليج أهدافا طموحة للحد من انبعاثات الكربون وزيادة قدرة الطاقة المتجددة وتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط والغاز."
ويدرك الجانب البريطاني مدى الجاذبية التي تمثلها التكنولوجيا الرقمية في تعزيز آفاق التعاون الاستثماري بين المملكة المتحدة وشركائها الخليجيين في ظل الجهود التي تبذلها السعودية والإمارات تحديدا لتطوير البنية التحتية الرقمية، مع حرص شديد على الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والصحة الرقمية.
مع ذلك، يعتقد البعض أن بلدان مجلس التعاون الخليجي قد تبدي خلال القمة رغبة أكبر في التوجه نحو التصنيع المتقدم واستخدام التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والتصنيع الرقمي. ويعد هذا القطاع مجالا واعدا للاستثمار، خاصة في المملكة المتحدة التي تتمتع بتاريخ طويل في الصناعات الرقمية.
من المرجح أن تستخدم المملكة المتحدة قمة الاستثمار الدولية المقبلة لإبرام سلسلة من الصفقات الاستثمارية بقيمة مليارات الجنيهات الإسترلينية مع دول الخليج العربي، وهو ما يتطلب من بلدان مجلس التعاون الخليجي امتلاك رؤية واضحة وتفصيلية لطبيعة أهدافها الاستثمارية المستقبلية في المملكة المتحدة، بما يمكنها من تعظيم قدرتها التفاوضية، وطرح آفاق استثمارية جديدة تتجاوز القطاعات التقليدية مثل القطاع العقاري، والانطلاق إلى آفاق استثمارية أكثر رحابة تتضمن ترسيخا لمعادلة الاستثمارات الخليجية مقابل نقل التكنولوجيا إلى دول الخليج العربي.