أولى بشائر خفض الفائدة من باول
تسببت زيادة أسعار الفائدة عالميا في تباطؤ النمو وهذا ما أظهرته النشرات الدورية لصندوق النقد الدولي، الذي راجع معدلات النمو للعامين 2024 و2025 في أكثر من مراجعة إذ يقدر صندوق النقد الدولي بأن يكون معدل النمو الاقتصادي العالمي للعام الحالي والمقبل 3.2 % و3.4 % على التوالي، كذلك فإن الصندوق يقدر بأن يأتي النمو الاقتصادي الأعلى من الاقتصاديات الناشئة بشكل يتفوق على الاقتصاديات المتقدمة حيث يقدر نمو الاقتصاديات الناشئة بـ4.3 %، بينما يقدر نمو الاقتصاديات المتقدمة بمعدل 1.8 %، أما للسعودية فإن معدلات النمو الاقتصادي التي يقدرها الصندوق بمعدل 1.7 % و4.7 % للعامين 2024 و2025.
وسط هذه التقديرات بمعدلات النمو الاقتصادي العالمي نشأت مخاوف بأن يضعف الطلب بشكل قد يدفع العالم إلى مراجعة تقديراته في النمو للسنوات المقبلة أو بشكل يزيد المخاوف بدخول العالم في حال من الركود الاقتصادي وهذه المخاوف ممتدة من الصين إلى أمريكا ما قد يجعل التحرك لخفض أسعار الفائدة متأخرا.
بعث الفدرالي الأمريكي بأولى الإشارات المباشرة لخفض أسعار الفائدة التي أطلقها رئيس الاحتياطي الفيدرالي الجمعة، احتفلت بها الأسواق وعدّتها أول بشائر التعافي من استمرار ضغط ارتفاع أسعار الفائدة الذي أثقل كاهل الاقتصاد والمقترضين أفراد وشركات. شهد العالم في السنتين الماضية سلسلة متواصلة من زيادة الفائدة دفعت بها من 0.25 % إلى 5.5 % وتعد هذه أطول سلسة متتالية من الزيادات فيما يزيد على 40 عاما.
ووفقا لكل تصريح رسمي جاء من الفيدرالي الأمريكي بشأن زيادة معدلات الفائدة فإن الدافع الرئيس خلفها جاء لمحاربة التضخم الذي وصل إلى أرقام قياسية في أمريكا ودول عديدة من العالم. رغم الضغط الذي يأتي من ارتفاع الفائدة وزيادة تكاليف التمويل وجاذبية الأدوات الاستثمارية الآمنة، فإن الاقتصاد الأمريكي استمر قويا طيلة هذه الفترة من الزيادات المتتالية في الفائدة ما أوصل الأسواق إلى قراءة عكسية للأرقام، فعلى سبيل المثال: كلما زاد صنع وظائف إضافية في الاقتصاد تأثرت الأسواق سلبا وأعلنت زيادة في مؤشر معدلات الأجور تتلقاها الأسواق كذلك بمنظور سلبي، والسبب أنه كلما زاد حجم الوظائف أصبح الأمل أبعد بأن يبدأ الفدرالي الأمريكي بعكس الفائدة نزولا، خلال الرفع المتواصل لأسعار الفائدة اكتسب الدولار الأمريكي قوة إضافية أمام العملات الأخرى نظير معدلات العائد، التي قفزت بشكل متواصل، وتأثرت أسعار المعادن والسلع ذلك الوقت كالذهب، الفضة وغيرها من السلع و المعادن.
الآن وقد وصلت أولى التباشير بأن أسعار الفائدة ستبدأ بالانخفاض وأنها وصلت إلى ذروتها في الزيادة إضافة إلى مخاوف الركود الاقتصادي وتباطؤ الطلب العالمي كيف للأسواق أن توازن ما بين الأثرين، من المعلوم أن خفض الفائدة سيدفع بتحسن هوامش الربحية لدى معظم الشركات، خاصة ذات الاقتراض العالي وبالتبعية ارتفاع صافي الربح لها، أما في حالة عدم اليقين التي يعيشها العالم حول النمو الاقتصادي، يبقى النظر حول القطاعات والصناعات التي يتوقع استمرار الطلب على منتجاتها، مع تحسن هيكل تكاليفها المالية بتراجع أسعار الفائدة كالقطاعات ذات الطلب الدائم التي لا تتسم بالدورات والموسمية مثل الأغذية، الطاقة، المنتجات الأساسية، الاتصالات، سيكون على المستثمرين الفترة المقبلة عبء الموازنة بين تراجع معدلات الفائدة والحالة الضبابية للاقتصاد العالمي حتى يتمكن المستثمر من ترتيب قائمته الخاصة بالمتابعة إن كان جغرافيا أو قطاعيا.