وبدأت أسعار الفائدة بالانخفاض التدريجي
بعد مسلسل متوال من رفع سعر الفائدة في 11 اجتماعا متتاليا للفيدرالي وتثبيتها عند أعلى مستوياتها في 3 اجتماعات لاحقة أوصلت أسعار الفائدة لمستويات قياسية لم تصلها منذ سنوات طويلة.
شهد الأسبوع الماضي أول توجه للبنك الفيدرالي الأمريكي في خفضها بـ 50 نقطة أساس التي أيضا احتسبتها الأسواق مفاجأة لها لكون التقديرات في أغلبها كانت تميل إلى أن يفتتح الفيدرالي الأمريكي سلسة الخفض بربع نقطة أساس كأول خفض للفائدة يقررها الفيدرالي منذ مارس 2020.
تبعا للقرار تحركت الأسواق المالية بمختلف أصولها تبعا لوقع المفاجأة وأيضا لمعادلة حركة الدولار أمام العملات الأخرى والسلع التي تسعر به، حيث انخفض الدولار أمام سلة واسعة من العملات الرئيسة: كالجنيه الإسترليني، اليورو، الين، وكذلك ارتفعت السلع المقومة بالدولار كالذهب والنفط. كذلك سجلت أسواق الأسهم الأمريكية انتعاشا بعد القرار أوصل مؤشر داو جونز للإغلاق لأول مرة متجاوزا 42 ألف نقطة صاحبه ارتفاع مؤشر ناسداك ومؤشرات أسواق الأسهم العالمية الأخرى.
رغم أن تحرك الفيدرالي الأمريكي أعطى الأسواق جرعة تفاؤل بأن أسعار الفائدة بدأت بالانخفاض إلا أنه القرار هذا لم يعف الفيدرالي من أن تطوله الانتقادات، أولا لتأخر الخفض، وثانيا لاتساع نسبة الخفض، حيث عدّ أن خفض 50 نقطة أساس مرة واحدة تحرك ثقيل رغم أن باول أشار في ملخصه الإعلامي ومحضر الاجتماع للأسواق بأن لا تؤخذ هذه الخطوة على أنها أساس يبنى عليه تقديرات الخفض المقبلة وأن الفيدرالي الأمريكي سيستمر في متابعة نسب العاطلين وأرقام الوظائف وكذلك تقارير التضخم لأخذ خطواته القادمة رغم أنه وضع المستهدف على أن يستمر الخفض في الاجتماعات المتبقية في شهري نوفمبر وديسمبر وأن تكون نسبة الخفض المتوقعة للعام القادم 100 نقطة أساس أو 1% كاملة، هذه التقديرات من الفيدرالي تدفع التوقعات إلى أن تصل معدلات الفائدة بنهاية العام 2025 إلى مستوى 4%، وهو المعدل الذي يتوقع أن يكون الاعتيادي الجديد لحقبة ما بعد الأموال الرخيصة التي امتدت منذ الأزمة المالية العالمية 2008 حيث بقيت أسعار الفائدة سنوات طويلة عند 0.25%.
كانت الأشهر القليلة الماضية تمثل نهايات الفرص لمستثمري أدوات الدخل الثابت للحصول على أعلى معدل دخل آمن بالاستثمار بالودائع والمرابحات، حيث ستبدأ تباعا هذه المعدلات بالتراجع على الآماد الطويلة أولا ثم الأقصر فالأقصر بما يتماشى مع توجهات البنوك المركزية على وجه العموم بعد أن سبقت البنوك المركزية الفيدرالي الأمريكي في خفض الفائدة.
بطبيعة الأعمال التجارية، فإن الشركات تتعامل مع الاقتراض كوسيلة لتعظيم العوائد والأرباح للشركاء والمساهمين.
وفيما يخص السوق السعودية والشركات المدرجة، فإن حجم القروض لدى الشركات المدرجة السعودية بحسب بياناتها المالية يتجاوز 350 مليار ريال وتتوزع الحصة الأخرى من محافظ التمويل البنكية على الجهات الحكومية، الشركات الخاصة والأفراد، يمثل أثرا تدريجيا في الشركات المدرجة بوفورات تقديرية متفاوتة تصل إلى 1.7 مليار ريال وإلى 3 مليارات ريال بنهاية العام المقبل 2025.
ويبقى هذا الأثر تدريجيا لخفض تكاليف التمويل، إلا أن الأثر المرتقب هو أن يعزز تراجع تكاليف الإقراض حركة النشاط الاقتصادي على وجه العموم وكذلك شهية الأفراد نحو الاقتراض في الفترات القادمة، ما يجعله مصحوبا بنشاط إضافي للسوق العقارية وقطاع التشييد والبناء، إضافة إلى زيادة شهية المستثمرين لأخذ مزيد من المخاطر لتعزيز عوائدهم الاستثمارية.