قصة البنوك في السعودية .. ما علاقة النفط بنشأتها وما أبرز محطاتها ؟
على مدى العقود الماضية، شهد القطاع المصرفي، في السعودية تطورا كبيرا، حيث انتقل من الاعتماد على فروع البنوك الأجنبية إلى بناء شبكة من البنوك الوطنية القوية.
وأدّت الحكومة السعودية دورا محوريا في هذا التحول، من خلال سياسات توطين القطاع المالي، وتشجيع عمليات الاندماج بين البنوك.
في عهد الملك عبدالعزيز، تنامى النشاط الاقتصادي في البلاد، مع زيادة تدفقات النفط التي أسهمت في اتساع حجم المبادلات التجارية خارج نطاق الدولة، أظهرت الحاجة إلى إنشاء مؤسسات بنكية لتنظيم الأعمال المالية، وحفظ المدخرات.
البداية مع البنوك الأجنبية
تعود بداية ظهور البنوك التجارية في السعودية إلى 1926، مع تأسيس الشركة الهولندية التجارية، التي افتتحت أول فرع.
لاحقا، تم تغيير اسمها إلى "بنك هولندا العام"، وكان ذلك بداية، لدخول البنوك الأجنبية إلى السوق السعودية.
على مدى العقود التالية، شهدت السعودية افتتاح عديد من الفروع لبنوك عالمية، مثل "اندوشين بنك" في 1947، و"البنك العربي المحدود" في 1949، و"البنك البريطاني للشرق الأوسط" في 1950.
وأسهمت هذه الفروع في تلبية احتياجات السوق الناشئة، لكنها كانت تعكس أيضاً الهيمنة الأجنبية على النظام المالي في ذلك الوقت.
بداية ظهور البنوك السعودية
في الخمسينيات، بدأ تأسيس بنوك محلية بهدف تقوية الاقتصاد الوطني، وتقليل الاعتماد على البنوك الأجنبية، كان البنك الأهلي التجاري الذي تأسس في 1953، من أوائل البنوك السعودية التي ظهرت في الساحة، تلاه بنك الرياض في 1957، والبنك الوطني السعودي في العام نفسه.
أسهمت تلك البنوك المحلية في تعزيز الثقة بالنظام المصرفي الوطني وتقديم خدمات مالية تتماشى مع احتياجات السوق المحلية.
تحويل البنوك لشركات مساهمة
مع وصول السبعينيات، برزت الرغبة في بناء قطاع مصرفي وطني يتمتع بسيطرة سعودية أكبر، نتيجة لذلك، بدأ برنامج "سعودة" فروع البنوك الأجنبية في 1975.
شهدت الفترة بين 1975 و1980 تحولا كبيراً في طبيعة البنوك الأجنبية العاملة في السعودية، حيث تم تحويل عديد من هذه الفروع إلى شركات مساهمة سعودية.
على سبيل المثال، تم تحويل فرع "بنك هولندا العام" إلى "البنك السعودي الهولندي" في 1976، وتحويل فرع "اندوشين بنك" إلى "البنك السعودي الفرنسي" في 1977، كما تم تحويل فرع "البنك البريطاني للشرق الأوسط" إلى "البنك السعودي البريطاني" في 1978.
وفي 1980، تم تحويل فرعي "بنك فريست ناشونال سيتي" إلى "البنك السعودي الأمريكي"، وهذا التحول أسهم في زيادة مشاركة البنوك السعودية في النظام المصرفي المحلي، وتعزيز الاستقلالية المالية للبلاد.
موجة الاندماجات الكبرى
في التسعينيات والألفينيات، شهدت السعودية موجة من الاندماجات بين البنوك، بهدف تعزيز قوتها المالية وزيادة حجم أصولها.
في 1997، اندمج "بنك القاهرة السعودي" مع "البنك السعودي التجاري المتحد"، وفي 1999، تم دمج "البنك السعودي المتحد" مع "البنك السعودي الأمريكي" (سامبا)، ليصبح بذلك 3 أكبر بنك في العالم العربي من حيث إجمالي الأصول، وهذه الاندماجات أسهمت في تعزيز كفاءة البنوك السعودية، وزيادة قدرتها على المنافسة.
واستمرت عمليات الاندماج والتوسع في القطاع المصرفي السعودي حتى السنوات الأخيرة، وفي 2019، اندمج "البنك الأول" مع "البنك السعودي البريطاني" (ساب)، وفي 2021، شهد القطاع واحدة من أكبر عمليات الاندماج في تاريخه، حيث اندمج "البنك الأهلي التجاري" مع "مجموعة سامبا المالية".
هذه الخطوات تأتي ضمن رؤية السعودية 2030، لتعزيز القطاع المالي وجعله أحد الركائز الأساسية لدعم الاقتصاد الوطني.
إنفاق حكومي يقفز بالودائع
تشير البيانات التاريخية، إلى قفزة كبيرة في الودائع البنكية خلال عقد السبعينيات، بفضل الإنفاق الحكومي الضخم على مشاريع التنمية، التي سجلت حينها معدل نمو سنوي يصل إلى 44%، لتتخطى بذلك الودائع البنكية عتبة ملياري ريال، حينها كانت تشكل نحو 7.4% من الناتج المحلي، فيما كانت الموجودات البنكية تقدر بنحو 3.8 مليار ريال.
منذ تلك الحقبة حتى مطلع الألفية، نمت الودائع بصورة حادة، من نحو ملياري ريال إلى 268 مليار ريال، لترتفع نسبتها إلى الناتج المحلي عند حدود 47%، لتصل بذلك إلى ما يقارب تريليون بنهاية 2010، ثم تضاعفت مرة ونصف المرة إلى 2.67 تريليون ريال بنهاية يونيو من العام الجاري، مقابل موجودات بلغت 4.2 تريليون ريال.
وحدة التحليل المالي