واردات السعودية من السيارات الكهربائية تتراجع 71 %.. النمو مرهون بالبنية التحتية
سجلت واردات السعودية من السيارات الكهربائية تراجعا 71% خلال 8 أشهر من العام الجاري، بحسب بيانات زودت الهيئة العامة للإحصاء بها "الاقتصادية".
ووفقا للبيانات، انخفض عدد السيارات إلى 131 سيارة بقيمة 42.5 مليون ريال، مقارنة بـ450 سيارة للفترة نفسها من العام الماضي بقيمة تجاوزت 222.3 مليون ريال.
واتجهت السعودية في السنوات الأخيرة لتوطين صناعة السيارات عبر جذب استثمارات محلية ودولية، فأطلقت علامتها التجارية الأولى "سير"، إلى جانب تدشين مصنع "لوسيد" في جدة لتعزيز جهود الانتقال إلى السيارات الكهربائية في السعودية.
وتسعى السعودية إلى تعزيز البنية التحتية الموثوقة للسيارات الكهربائية، خاصة فيما يتعلق بمحطات الشحن، وتقديم حلول مبتكرة، تساعد على تحقيق أهدافها نحو الاستدامة وتوسيع استخدام السيارات الكهربائية.
لماذا تراجعت السيارات الكهربائية؟
من جانبها، قالت مصادر مطلعة في سوق السيارات: إن الاستيراد للسيارات الكهربائية لا يتم بغرض البيع المباشر للعملاء، بل لإجراء التجارب من قبل الوكلاء لمعرفة وتقييم مدى ملاءمتها للبيئة المحلية، حيث يتم إجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من توافقها مع الأجواء الطبيعية في السعودية، وكذلك توافر محطات لشحن السيارات الكهربائية.
المصادر فسرت تراجع الاستيراد إلى وجود متطلبات وضوابط جديدة يجب على الوكلاء الالتزام بها قبل بدء الاستيراد، مشيرة إلى أن الحصول على التراخيص اللازمة لاستيراد هذه النوعية من السيارات يأخذ بعض الوقت.
وذلك إلى جانب عدم استيعاب السوق المحلية بعد، فكرة استيراد السيارات الكهربائية من ناحية تجارية، ما لم تتوافر الإمكانات اللازمة لاستخدام هذه النوعية من السيارات، خاصة فيما يتعلق بمحطات وشبكات الشحن، وكذلك تنافسية أسعارها التي تفوق بكثير أسعار السيارات التقليدية.
أشارت المصادر إلى أن تجربة السيارات الكهربائية نجحت في بعض الدول التي قدمت دعما حكوميا، للتحول إلى استخدام السيارات الكهربائية بدلا عن السيارات العاملة بالوقود.
ذكرت أن التوسع في استخدام السيارات الكهربائية محليا بحاجة إلى تقديم مزيد من الحوافز والتسهيلات، ما يشجع على زيادة حجم الواردات في حال بدأت فعليا عمليات الاستيراد من ناحية تجارية.
تراجع طفيف للعاملة بالوقود
بالعودة إلى بيانات هيئة الإحصاء، سجلت واردات السيارات العاملة بالوقود إلى السعودية، تراجعاً طفيفاً 0.04% لتصل إلى 560.91 ألف سيارة خلال 8 أشهر، مقابل 561.12 ألف للفترة المقابلة.
فيما سجلت واردات السيارات الهجينة تراجعا 75.7%، إلى 9 سيارات بقيمة 1.2 مليون ريال، مقابل 37 سيارة بقيمة 11.4 مليون ريال في الفترة ذاتها من العام الماضي.
هذا التراجع عزته المصادر لوجود مخزون كافٍ متوفر لدى وكلاء السيارات منذ العام الماضي، مشيرة إلى زيادة في المبيعات 20% العام الماضي، مقارنة بعام 2022.
وقالت المصادر: إن تراجع الواردات خاصة السيارات العاملة بالوقود لا يعني بالضرورة أن السوق تعاني مشكلة ما، في ظل استقرار مستويات الاستيراد عند حدودها المرتفعة، مقارنة بالسنوات السابقة.
الصين في صدارة الدول
بحسب بيانات الهيئة، فإن التراجع في إجمالي عدد السيارات المستوردة، رافقه انخفاض في إجمالي قيمتها 5.2% ليبلغ نحو 43.7 مليار ريال، مقابل 46.1 مليار ريال للفترة ذاتها من العام الماضي.
وتصدرت 3 دول قائمة الدول المصدرة للسيارات العاملة بالوقود خلال 8 أشهر، أولها الصين بعدد 123.43 ألف سيارة، تلتها اليابان 104.6 ألف سيارة، ثم الهند 95.05 ألف سيارة.
فيما يخص السيارات الكهربائية، جاءت الصين في صدارة القائمة 54 سيارة، تلتها أمريكا 36 سيارة، وألمانيا 32 سيارة كهربائية، أما السيارات الهجينة، فتم استيراد من الصين وألمانيا.
وقالت المصادر: إن تصدر الصين لقائمة الدول المصدرة للسيارات للسعودية لا يعني بالضرورة أنها علامات تجارية لشركات سيارات صينية، فهنالك كثير من العلامات التجارية لشركات أمريكية وكورية ويابانية تنتج سياراتها في الصين ويتم تصديرها إلى السعودية.
كذلك الحال للسيارات المستوردة من الهند التي لا تصدر أعدادا كبيرة من السيارات لشركات هندية، لكن أغلبها عائدة لعلامات تجارية لشركات سيارات عالمية.
نمو مرهون بالبنية التحتية
وتشهد السيارات الكهربائية في السعودية نموا متسارعا ومستداما، حيث بدأت تأخذ حيزا، وإن كانت تمثل جزءا صغيرا من إجمالي القطاع حتى الآن، لكن اهتمام المملكة بالاستثمار في بعض الشركات الكبرى مثل "لوسيد" و"سير" يعزز من زخم القطاع، ويشجع الشركات العالمية لدخول السوق السعودية.
وقال لـ"الاقتصادية" عبدالسلام الجبر نائب رئيس مجلس إدارة شركة الجبر التجارية وكيل سيارات كيا: إن النمو السنوي لهذا القطاع يعتمد بشكل كبير على تعزيز البنية التحتية واتخاذ عديد من القرارات التي تسهم في تطور السوق، مبينا أن هذا القطاع سيحتاج إلى عدة سنوات للوصول إلى المستوى المطلوب .
أضاف، أن هناك طرازات كهربائية جديدة في السوق السعودية، تعكس اهتمام الشركات بتلبية احتياجات المستهلكين المحليين وتوفير خيارات مستدامة.
منافسة بين الشركات الصينية
من جهته، قال لـ"الاقتصادية" علي المجدوعي مدير العلامة التجارية لوكيل سيارات سيتروين الفرنسية: إن الطلب على المركبات الكهربائية يشهد نموا متزايدا، ويلقى إقبالا من مختلف قطاعات الأعمال والأفراد في السعودية .
أوضح أن الشركات الصينية تمتلك حصة كبيرة في السوق السعودي، ولكن الشريحة المستهدفة من قبل الشركات الأوروبية تختلف عن تلك المستهدفة من الشركات الصينية التي تقدم منتجات بأسعار مناسبة وجودة عالية، بينما تستهدف الشركات الأوروبية شريحة عملاء مختلفة، نظرا لاختلاف مستويات الجودة والأسعار.
وبهذا يرى المجدوعي، أن المنافسة في السوق السعودي قائمة، لكنها محدودة بين الشركات الصينية نفسها، حيث لا توجد منافسة مباشرة بين الشركات الصينية والأوروبية.
توجه لاستقطاب المستهلكين
من ناحيته، ذكر لـ"الاقتصادية" حسن نرجس المدير العام لشركة الفطيم للتنقل الكهربائي وكيل سيارات BYD الصينية في السعودية، أن المركبات الكهربائية بالكامل أو الهجينة قابلة الشحن، هي دون أدنى شك محفِّز كبير لتحويل القطاع نحو الاعتماد على الطاقة الكهربائية.
أشار إلى أن جميع السيارات التي يتم طرحها في المملكة تخضع لاختبار شامل لصلاحيتها للعمل في ظروف الطقس الحار في الصيف، مبينا أن جميع هذه السيارات قد أعيد تصنيعها وبرمجتها على صعيد أداء المحرك الكهربائي والبطارية وتكييف الهواء، لتناسب بيئة الصيف الحارة والمناخ في السعودية وجميع اللوائح المحلية الأخرى.
تابع، أن الاستثمار الأكبر لشركة BYD الصينية في السعودية حتى عام 2030، عاد بالنفع على الأشخاص أيضا من خلال أكثر من ألف فرصة عمل جديدة، وهناك توجه لاستقطاب المستهلكين المحليين وتعريفهم بجميع مزايا المركبات الكهربائية أو الهجينة القابلة للشحن، إضافة إلى بناء وتوفير شبكة التوزيع.
موضحا بقوله: نتطلع هذا العام إلى إنجاز آلاف عمليات التسليم، مشيرا إلى أن من الواضح هناك شوط طويل قبل 2030، ونأمل بوصول مئات الآلاف الى السعودية بالمركبات الكهربائية والهجينة القابلة للشحن .