اقتصادات "العشرين" واستهداف الإصلاحات لآفاق النمو
تحسين أطر سياسة المالية العامة، وتعزيز التعليم والمهارات، ودعم التحول الأخضر يمكن أن تساعد كلها على ضمان تحقيق النمو القوي والمستدام والمتوازن والشامل للجميع. وتشير التوقعات إلى تراجع النمو في بعض اقتصادات مجموعة العشرين على مدار الأعوام الـ5 المقبلة، كما أنه سيظل أقل بكثير من مستواه الذي كان سائدا خلال العقدين السابقين على الجائحة.
وهذا واحد من أكبر التحديات المشتركة أمام هذه المجموعة التي تسهم بنحو 85% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. ووُجِدَ أن معدلات النمو أقوى بين بلدان الاتحاد الإفريقي الذي انضم إلى مجموعة العشرين العام الماضي، غير أن الطفرة السكانية فيه تعني كذلك أنه يجب على اقتصاداته توفير وظائف لملايين من الشباب الذين سيدخلون سوق العمل.
ولا بد من رفع معدلات النمو في كلتا المجموعتين، وكذلك في الاتحاد الأوروبي، لتحسين النتائج التي تعود بالنفع على شعوبها، كما أن هناك حلا مشتركا، ويعني أن تنفيذ الإصلاحات ذات الأولوية يمكن أن يرفع توقعات النمو كثيرا على مدار الأعوام الـ5 المقبلة، أو في الأجل المتوسط، كما يتضح من تقريرنا الجديد إلى مجموعة العشرين. كذلك يشير تحليلنا إلى أن الإصلاحات الهيكلية تحقق نتائج أعظم عندما تكون متسلسلة بدقة، وتأتي نتيجة توافق في الآراء على مستوى المجتمع.
وهناك تحديات مختلفة تؤكد أن الوقت قد أزف للاستثمار في الإصلاحات المعززة للنمو. وحسبما جاء بالتفصيل من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، فإن تراجع نمو الإنتاجية، الناجم عن الاتجاهات الديمغرافية المعاكسة في بعض البلدان، يكبح النمو الممكن. ويعاني النمو المستدام الضعف أيضا بسبب ارتفاع الدين العام، والتشرذم الجغرافي-الاقتصادي وزيادة الحمائية.
وكما يتبين تتمثل الأولوية القصوى على مستوى بلدان هذه المجموعات في إصلاح أطر سياسة المالية العامة للمساعدة على ضبط الميزانيات الحكومية بشكل دائم.
وتحديدا، فإن معظم الاقتصادات المتقدمة في مجموعة العشرين وعديد من اقتصادات الاتحاد الأوروبي ستجني منافع من تشديد حدود الإنفاق العام، في حين إن الوضع في معظم اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية في مجموعة العشرين يحتم إعطاء الأولوية لزيادة الإيرادات الحكومية. ويمكن لعديد من بلدان الاتحاد الإفريقي الاستفادة من تعزيز شفافية المالية العامة.
وهناك في كثير من اقتصادات مجموعة العشرين والاتحاد الإفريقي اثنان من المجالات الأخرى الرئيسية للإصلاحات الهيكلية ذات الأولوية القصوى. أولا، يجب تحسين مستوى جودة التعليم والتدريب لاكتساب المهارات بهدف تحسين الاتساق بين المهارات وفرص العمل. وثانيا، من الضروري تنفيذ الإصلاحات التي تهدف إلى الإسراع بتحول نظام الطاقة، مثل تحسين قدرات الطاقة المتجددة، وزيادة فعالية ضريبة الكربون. وهناك كذلك حاجة ماسة إلى إصلاحات الحوكمة في عديد من اقتصادات الاتحاد الإفريقي من أجل تعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد وتحسين الإدارة المالية العامة.