كيف تتجه السعودية نحو الاقتصاد الكمي؟
تخطو السعودية خطوات استباقية في قلب الثورة الكمومية الناشئة، من خلال رسم خطط طموحة لتسخير التكنولوجيا الكمية من أجل التقدم الاقتصادي وتعزيز الأمن الوطني وتحسين جودة الحياة لمواطنيها، وفقا لموقع المنتدى الاقتصادي العالمي.
بدأ "مركز الثورة الصناعية الرابعة" (C4IR) في السعودية، مشروع "الاقتصاد الكمي" لبناء قوة دافعة لإستراتيجية وطنية للاقتصاد الكمي، تقدم دراسة حالة يمكن للآخرين السير على هديها.
أصدر المركز تقريره الافتتاحي، "المشهد الاقتصادي الكمي في السعودية"، الذي يحلل قدرات السعودية الحالية ويعكس التفاني في فهم التكنولوجيا الكمية والاستفادة منها.
تركز السعودية على أهمية التعاون بين الحكومة والصناعة في تعزيز البحث في التنمية. ومن خلال تعزيز بيئة يمكن لفرق البحث فيها تجربة خوارزميات الكم المتقدمة وهندسة الأجهزة، تهدف السعودية إلى الانتقال بسرعة من المفهوم إلى التطبيقات في العالم الحقيقي. وتؤكد المبادرات المختلفة التزام السعودية بتسخير الكم للتطبيقات الصناعية والنمو الاقتصادي.
في أمريكا أقرت الحكومة قانون المبادرة الكمومية الوطنية، وخصصت أكثر من 1.2 مليار دولار لأبحاث الكم. ومن بين اللاعبين الرئيسيين وزارة الطاقة، والمؤسسة الوطنية للعلوم، والمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، مع شركات خاصة بما في ذلك آي بي إم وجوجل الرائدة في مجال الأجهزة والبرامج.
من خلال الجمع بين الخبرات عبر القطاعات، يعكس التقرير النهج الشامل للسعودية في الاستفادة من التقنيات الكمية، بما يتماشى مع أهداف الابتكار التكنولوجي والتنويع الاقتصادي لرؤية 2030.
تعِد التكنولوجيا الكمية، القائمة على مبادئ ميكانيكا الكم، بقدرات تحويلية في الحوسبة والاتصالات والاستشعار. ويمكن أن تؤدي إلى تحقيق تقدم في مجالات متعددة، بما في ذلك شبكات الاتصالات الآمنة وتطوير الأدوية بشكل أكثر كفاءة.
وإدراكا لهذه الفوائد الهائلة، تعمل السعودية على دمج "مخطط الاقتصاد الكمي" للمنتدى الاقتصادي العالمي، لدعم مركز السعودية بين القادة العالميين، أثناء تشكيل خريطة طريق كمية وطنية شاملة.
وأولويات السعودية الكمية تمتد إلى مجالات متعددة، بما في ذلك تنمية المواهب، والبحث والتطوير، وابتكار الأجهزة، ما يعكس نهجا متعدد الأوجه لبناء نظام بيئي كمي قوي.
بينما تستثمر الصين بشكل كبير في الاتصالات الكمومية والتشفير، حيث يبلغ إجمالي الاستثمارات العامة 15.3 مليار دولار والاستثمارات الخاصة 359 مليون دولار. وتشمل المشاريع الرئيسية القمر الاصطناعي QUESS لتقنيات الاتصالات الكمومية.
ويعد تطوير قوة عاملة متمكنة في مجال التكنولوجيا الكمية خطوة مهمة لتطوير البحث والتطبيقات التجارية. ولبلوغ هذا الهدف أنشأ عديد من الجامعات والمؤسسات البحثية السعودية مراكز بحثية وصمم مناهج دراسية جامعية تركز على تكنولوجيا الكم.
إضافة إلى ذلك، تعمل مبادرات، مثل الهاكاثونات الكمية والشراكات مع منظمات مثل أكاديمية طويق التي تركز على التكنولوجيا، على تعزيز المهارات العملية وتعزيز مجتمع من المتحمسين لتكنولوجيا الكم.
وبحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن هذه الجهود الواعدة يجب أن تستمر في التوسع. الدورات التدريبية المهنية الإضافية، وبرامج الشهادات، وإستراتيجيات جذب المواهب ستضمن للسعودية القدرة على تلبية الطلب العالمي على الخبرة الكمية.
في مايو 2024، وقعت أرامكو السعودية وشركة باسكال اتفاقية لاستخدام أول حاسوب كمي في السعودية. إضافة إلى ذلك، دخلت أرامكو السعودية في شراكة مع "آي بي إم" لإنشاء مركز ابتكار لاستكشاف إمكانات الحوسبة الكمية داخل قطاع الطاقة وخارجه. وتتعاون نيوم وشركة أركيت على منصة أمن سيبراني قائمة على الكم لحماية المدن المعرفية المستقبلية من التهديدات السيبرانية المعقدة.
تؤكد هذه الشراكات عزم السعودية على تأسيس منشأة كمية متخصصة لدعم جهود البحث والتطوير والتسويق. سيكون هذا المرفق مركزا لتكنولوجيا الكم المدمجة في الرقائق، حيث يوفر البنية الأساسية والأدوات الأساسية للبحث والتطوير الكمي، بما في ذلك تصنيع الأجهزة واختبارها.
تعزز مثل هذه الشراكات مكانة السعودية العالمية من خلال جذب الاهتمام والاستثمارات الدولية واستقطاب أفضل المواهب في مجال البحث والتطوير الكمي وإنشاء نظام بيئي قوي للابتكار في هذا المجال الحيوي.
ويعزز النهج الاستباقي للسعودية تجاه تكنولوجيا الكم قدراتها التكنولوجية ويتماشى مع رؤيتها للتنويع الاقتصادي والقيادة في المجالات الناشئة. وتوضح هذه المبادرات طموح السعودية أن تكون في طليعة الثورة الكمية، ما يؤدي إلى تحويل اقتصادها ومجتمعها.
إضافة إلى ذلك، يدعم "مركز الثورة الصناعية الرابعة" في السعودية مبادرة "تحدي الكم من أجل المجتمع" من خلال منصة UpLink التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي. يسعى هذا التحدي إلى إيجاد حلول مبتكرة قائمة على الكم لمعالجة المعضلات المجتمعية والبيئية الملحة.
من خلال تشجيع الشركات الناشئة، والباحثين، ورواد الأعمال على تقديم تطبيقات كمية تحويلية، يؤكد التحدي التزام السعودية بجعل تكنولوجيا الكم محفزة للتنمية المستدامة والتأثير الاجتماعي.
تدرك السعودية أهمية التفاعل العام والجهود التعاونية في دمج تكنولوجيا الكم بنجاح في اقتصادها. ونفذت بالفعل عديدا من الإستراتيجيات لرفع مستوى الوعي وتعزيز التعاون في هذا المجال المتطور.
ومن خلال تنمية مجتمع لديه المعرفة بالتكنولوجيا الكمية، تهدف السعودية إلى إيجاد أرض خصبة للتقدم المستقبلي، وتشجيع الابتكار وتبني هذه التكنولوجيا في مختلف القطاعات، وتطوير قوة عاملة ماهرة قادرة على دفع الاقتصاد الكمي.
وتظهر هذه الجهود التزام السعودية بتطوير التكنولوجيا الكمية وضمان دمجها بنجاح في المجتمع والاقتصاد. ومن خلال تعزيز الوعي الكمي تضع السعودية الأساس لمستقبل حيث يمكن للابتكارات الكمية أن تزدهر وتسهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي.
وجود برنامج وطني شامل أمر ضروري لتسخير فوائد التكنولوجيا الكمية مع التخفيف من مخاطرها. ويعمل مركز الثورة الصناعية الرابعة في السعودية مع أصحاب المصلحة لتحديد الأهداف الأساسية لمثل هذا البرنامج.
ويشمل ذلك تحديد المجالات الواعدة لتطوير التكنولوجيا الكمية، وتطوير خطط إستراتيجية للبحث والتسويق، ومعالجة التأثيرات المجتمعية، والتركيز على تنمية القوى العاملة وتعزيز الوعي العام.
كانت الولايات المتحدة أقرت أخيرا قانون المبادرة الكمومية الوطنية، وخصصت أكثر من 1.2 مليار دولار لأبحاث الكم. ومن بين اللاعبين الرئيسيين وزارة الطاقة، والمؤسسة الوطنية للعلوم، والمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، مع شركات خاصة بما في ذلك آي بي إم وجوجل الرائدة في مجال الأجهزة والبرامج.
تستثمر الصين بشكل كبير في الاتصالات الكمومية والتشفير، حيث يبلغ إجمالي الاستثمارات العامة 15.3 مليار دولار والاستثمارات الخاصة 359 مليون دولار. وتشمل المشاريع الرئيسية القمر الاصطناعي QUESS لتقنيات الاتصالات الكمومية.
فيما تستثمر المملكة المتحدة بشكل كبير في التقنيات الكمومية من خلال استثمارات عامة وخاصة تصل إلى 5.8 مليار دولار، مع التركيز على مراكز الكم للحوسبة والاتصالات.
تركز اليابان على التشفير الكمي والاتصالات، باستثمارات عامة وخاصة تصل إلى 1.8 مليار دولار، بهدف الحصول على جهاز كمبيوتر كمي يستطيع نظامه مواصلة العمل مع العطل بحلول 2050.
أطلقت الهند أخيرا إستراتيجية كمية وطنية باستثمار عام قدره 1.75 مليار دولار، إذ تخطط لإنشاء 21 مركزا كميا و4 مجمعات بحثية.