سورية ورؤية السعودية 2030
عندما سئل أسعد الشيباني وزير الخارجية السوري في إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عن خطط سورية للمرحلة المقبلة لجهة التطوير والتنمية بعد سنين الحرب الطويلة، وهي التي تمتلك إرثا ثقافيا وتاريخيا ضخما قال: مصدر إلهام سورية الجديدة هي سنغافورة ورؤية السعودية 2030.
لم يذكر السعودية مصادفة أو عبثا... ولم يزر وزير الخارجية أو الرئيس السوري الجديد سنغافورة طلبا للدعم والمساندة .. يعلم أهمية دور السعودية الإقليمي والدولي وحاجة دمشق الملحة للاستعانة بالرياض في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة.
ومن هنا كانت الزيارة الخارجية الأولى للرئيس السوري منذ تنصيبه إلى الرياض. أحمد الشرع ناقش مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كثيرا من الملفات المهمة، وعين الشرع على دور سعودي بارز في دعم بلاده تحديدا في إعادة الإعمار وإعادة بناء الاقتصاد المنهك جراء الحرب الطويلة والفساد. ولكن ماذا سيقدم هو للسعودية؟ عموما الرياض أعربت عن رغبتها في دعم سورية والإسهام في بناء مستقبلها ورفع مستوى التعاون في ملفات إنسانية واقتصادية والنقاشات تناولت أيضا قطاعات الصحة والتعليم والطاقة والتقنية بهدف الوصول إلى شراكات حقيقية.
أيضا السعودية كانت قد استضافة المؤتمر الإقليمي بشأن سورية في الرياض في 12 من يناير الماضي وناقش المؤتمر دعم إعادة إعمار سورية وملف رفع العقوبات، الذي تدعمه الرياض بشدة فمن غير رفع العقوبات بشكل جدي لن تتمكن الدول المانحة ولا السعودية ولا غيرها من دعم سورية بالشكل المطلوب بالذات، إن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى حاجة سورية إلى نحو 400 مليار دولار من أجل إعادة الإعمار بالتحديد البنية التحتية للبلاد ولا ننسى طبعا تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب سورية فبراير 2023.
ولكن السؤال الأساسي الآن مرة أخرى ماذا ستقدم سورية في المقابل؟
نتذكر معا سريعا أن الرئيس أحمد الشرع ليس هو من أعاد سورية إلى الحضن العربي، العودة كانت 2023 عندما استعادت سورية مقعدها في الجامعة العربية وحضر الرئيس السابق بشار الأسد قمة جامعة الدول العربية في جدة وكان الحضور الأول لسورية بعد غياب استمر نحو 12 عاما، و لكن عودة سورية للحضن العربي لم تتكلل بالنجاح، ولم تطمئن حينها سورية الأسد دول المنطقة والجوار والعراقيل نفسها والمخاوف مازالت مطروحة على طاولة الشرع الآن حتى بعد سقوط الأسد إذا ما استثنينا تقلص دور إيران وروسيا في سورية بعد سقوط النظام. إذن، كيف سيتعامل الرئيس السوري الجديد مع الواقع الحالي في ظل عدم الاستقرار السياسي الداخلي بعد عدم استتباب الأمن؟ وماذا عن ملف الإرهاب والجماعات المسلحة وتهريب الأسلحة؟ وماذا عن ملف المخدرات وتصدير الكبتاجون لدول الجوار؟ هذه الملفات هي التحدي الأساسي الآن بالنسبة للرئيس السوري وكيفية معالجته لها. هي -في رأيي- التي ستحدد مقدار إسهام الدول المانحة في دعم سورية اقتصاديا.
وإذا ما عدت لرؤية 2030، حيث بدأت مقالي، فإن السعودية لديها أولويات داخلية متمثلة في تنفيذ مشاريع الرؤية واستضافة إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، وبالتالي لديها ما يكفي من التزامات مادية وأعباء داخلية، إضافة إلى التزامات خارجية بتقديم الدعم الإنساني والاقتصادي لدول المنطقة انطلاقا من دورها المحوري والقيادي في العالم العربي والإسلامي، وبالتالي إذا أرادت سورية أن تحظى بالدعم السعودي عليها أن تبرهن الفرق بينها و بين سورية في عهد الأسد. أليس كذلك؟