رسوم ترمب الجمركية تثير المخاوف من ركود تضخمي إذا نشبت حرب تجارية طويلة الأجل
مع تصاعد التوترات الجيوسياسية واتساع نطاق تأثيرها، تبدو المخاطر الاقتصادية في تزايد، حيث يواجه الاقتصاد العالمي احتمالات ارتفاع مستويات التضخم وتباطؤ النمو في آن واحد، بعد أن أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترمب شرارة إجراءات جمركيّة يُخشى أن تتحول إلى حرب اقتصادية متعددة الأطراف.
كانت الإدارة الأمريكية قد أعلنت فرض رسوم جمركية 25% على واردات البلاد من المكسيك وكندا، وأخرى 10% على الواردات من الصين، ما أثار حالة عدم يقين اقتصادي على مستوى العالم، في ظل ردود الفعل المتوقّعة من تلك الدول للتعامل بالمثل.
ولمّح ترمب تلميحا صريحا في أكثر من مناسبة إلى أنه سيفرض رسوما جمركية على الدول الأوروبية، التي قالت إنها سترد بحسم على أي إجراء من هذا النوع.
ويخشى خبراء الاقتصاد وصُنّاع القرار من أن تتحول هذه الإجراءات الحمائية إلى حرب تجارية قد تمتد تداعياتها إلى أسواق العملات أيضا، وتؤثر في مستقبل الاقتصاد العالمي فيما يتعلق بمعدلات التضخم، على نحو يعرقل النمو الاقتصادي ويؤدي إلى ركود تضخمي إذا طال أمد تلك الحرب.
لكن على الرغم من الاتفاق العام بين الخبراء حول التأثيرات السلبيّة لهذه القرارات فإنهم يختلفون حول مدى حدتها وشكل التداعيات التي قد تصيب الاقتصاد الدولي.
مخاطر التضخم
يعتقد أستاذ الاقتصاد الدولي الدكتور إس.دي لورنس أن الولايات المتحدة ستواجه موجة تضخمية حادة، وأن الاقتصاد العالمي سيتأثر أيضا، ولكن بدرجة أقل.
وقال لورنس لـ"الاقتصادية": إنّ الرئيس الأمريكي يُدرك أن قراراته ستؤدّي إلى ارتفاع التضخّم في بلاده، لكنّه يراهن على أنّ الدول التي استهدفتها التعريفات الجمركيّة ستعاني أكثر، ما قد يدفعها إلى تقديم تنازلات لمصلحة واشنطن".
أضاف: "من المتوقع أن ترتفع معدلات التضخم في الولايات المتحدة خلال الأشهر الـ3 أو 4 المقبلة، إلا أن التأثير لن يقتصر عليها، بل سيمتد إلى بقية الاقتصادات العالمية".
وتابع: "على سبيل المثال ستتراجع الصادرات البريطانية بنحو 22 مليار جنيه إسترليني، ما سيؤدي إلى ارتفاع التضخم وزيادة أسعار الفائدة، ومن ثم تراجع النمو الاقتصادي".
تتفق الدكتورة لورين سامرز أستاذة التجارة الدولية مع هذه الرؤية فيما يخص التضخم في الولايات المتحدة، لكنها تختلف بشأن الأثر في الاقتصاد العالمي.
وقالت سامرز لـ"الاقتصادية": إنها لا تعتقد أنّ معدلات التضخم سترتفع عالميا، إذ لم تتأثر سلاسل التوريد، ولا يوجد نقص في المعروض من السلع".
أضافت: "بعض آثار التضخم الأمريكي ستنتقل بالتأكيد إلى بقية العالم، بحكم الدور الذي يؤديه الاقتصاد الأمريكي، لكنها لن تكون بالحدة التي يتوقعها البعض".
ركود تضخمي
أما البروفسور جريجوري كامبل المستشار السابق في المفوضية الأوروبية، فيرى أنّ الخطر الحقيقي لا يكمُن فقط في ارتفاع التضخم، بل في إمكانية دخول الاقتصاد العالمي في موجة من الركود التضخمي، أي ارتفاع مستويات التضخم مع تباطؤ النمو وارتفاع معدلات البطالة.
وقال كامبل لـ"الاقتصادية": إن الاقتصاد الصيني سيكون الأكثر تضررا من قرارات ترمب، بوصفه ثاني أكبر اقتصاد عالمي ومصنع العالم".
وتابع: "تراجع الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة قد يدفع بكين إلى خيارين الأول: التلاعب بسعر صرف اليوان أمام الدولار، ما قد يشعل حرب عملات عالمية".
وأوضح: أن الدول تلجأ إلى خفض قيمة عملاتها للحفاظ على قدرتها التنافسية في الصادرات، قائلا: "إنه إذا حدث ذلك، فمن المرجّح أن يوجّه ترمب اتهامات لبكين بالتلاعب بسعر صرف عملتها".
أضاف: "أما الخيار الثاني، فهو أن تؤدي هذه القرارات إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني، ما سيؤثر في وارداتها من المواد الخام القادمة من الأسواق الناشئة، ونتيجة لذلك قد ينتشر الركود عالميا، مصحوبا بارتفاع البطالة".
وحذَّر "من أن فائض المنتجات الصينية التي لم تستوعبها السوق الأمريكية قد يؤدي إلى تصعيد جديد في الحرب التجارية، مع محاولة الاقتصادات الناشئة حماية صناعاتها المحلية من الإغراق الصيني".