رحيل الشركات الأجنبية يلقي بظلال قاتمة على آفاق سوق العقارات المكتبية في الصين
تشهد سوق العقارات المكتبية في الصين ضغطا هبوطيا مع ارتفاع نسبة المكاتب الشاغرة في بكين إلى 21% في الربع الرابع من 2024، مقارنة بـ17.9% في الربع نفسه من 2020.
ومن المرجح، بحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، استمرار الضغط هذا العام، نظرا لهجرة عدد من الشركات الأجنبية بسبب التوترات المتزايدة بين الصين والولايات المتحدة.
أصبحت شركة المحاماة الأمريكية "كلياري جوتليب ستين آند هاملتون" أحدث المنسحبين من الصين، بإعلانها هذا الأسبوع إنها ستغلق مكتبها في مركز فورتشن المالي في منطقة الأعمال المركزية الصاخبة في بكين في يوليو.
في الأسبوع الماضي تخلى صندوق بلاك روك لستاندرد تشارترد عن برجين مكتبيين في ووترفرنت بلاس في منطقة لوجيازوي المالية الرائدة في شنغهاي، بعد فشله في سداد 780 مليون دولار عبارة عن قرض تم ترحيله لأكثر من عام. لم يتمكن أكبر مدير أصول في العالم من العثور على مشتر حتى بعد تقديم خصم 30%.
كلاري جوتليب وبلاك روك هما اثنتان من بين شركات دولية عديدة قلصت وجودها في الصين مع تصاعد التوترات التجارية الصينية - الأمريكية وتضاؤل الفرص وسط تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد.
قالت جيو شان، الشريكة في "هوتونج للأبحاث"، وهي شركة استشارية مستقلة في الصين: "بالنسبة إلى الشركات المتعددة الجنسيات بشكل عام، التراجع نتيجة لعوامل عدة أهمها الربحية".
أضافت، نقلاً عن بيانات المكتب الوطني للإحصاء، أن أرباح الشركات الصناعية الأجنبية انخفضت 1.7% العام الماضي، بعد انخفاض بـ6.7% و9.5% في 2023 و2022، على الترتيب.
لاحظت جيو أن "الخطر الجيوسياسي ربما كان هو المشكلة الكبرى بالنسبة إلى شركات المحاماة"، مشيرة إلى أن السوق المحلية تشهد نشاطًا، لكن "من الممكن أن يذهب مزيد من الصفقات إلى شركات المحاماة المحلية، الأرخص والأكثر تنافسية".
استنادا إلى شركة ديلوجيك، ظل نشاط الدمج والاستحواذ في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في حال تراجع منذ جائحة كوفيد-19 وكانت القيمة الإجمالية للصفقات في هذا المجال العام الماضي أقل من نصف قيمتها البالغة 533 مليار دولار في 2020.
وفقا لفينسنت لي، من شركة سافيلز للاستشارات العقارية: "سوق المكاتب هي مقياس لصناعة الخدمات وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمد والجزر في البيئة الاقتصادية الكلية".
أوضح لي أن الشواغر في منطقة الأعمال المركزية في بكين، حيث توجد شركات مثل دويتشه بنك وماكينزي، ارتفعت نهاية العام الماضي إلى 16%، صعودا من 10% عام 2019. وانخفضت الإيجارات الشهرية إلى أقل من 300 يوان (41.30 دولار) للمتر المربع حاليًا، مقارنة بـ365 يوانًا قبل الوباء.
في جميع أنحاء بكين، حيث تمثل الشركات الأجنبية نحو 20% من إجمالي الطلب على المكاتب، ارتفع معدل الشواغر في الربع الأخير من 2024 إلى 21%، صعودا من 17.9% في الفترة نفسها عام 2020.
وفي شنغهاي، التي تشهد حضورا دوليا أقوى، كانت 22.1% من المساحات المكتبية شاغرة، وفقاً لتقرير صدر عن شركة سي بي آر إي الاستشارات العقارية في يناير.
وعلى الرغم من تراجع الشركات المتعددة الجنسيات الغربية تواصل الصين جذب شركات من مناطق أخرى، خاصة الشرق الأوسط، مستفيدة من العلاقات الدبلوماسية والتجارية الأكثر دفئًا.
في مايو الماضي أعلنت شركة داماك للتطوير العقاري -مقرها في دبي- خططا لفتح مكتب في بكين ضمن توسع "جريء" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وفي سبتمبر 2023 أنشأت "مبادلة"، صندوق الثروة السيادية لأبو ظبي، مكتبًا في العاصمة الصينية.