الشقق السكنية في السعودية .. أسعار أعلى وإقبال أقل
تواجه السعودية تحديات متزايدة في سوق العقارات السكنية، حيث أدت الأسعار المرتفعة وتكاليف الاقتراض العالية إلى تراجع الإقبال على تملك المساكن، حسب ما أوردته "اقتصاد الشرق مع بلومبرغ" عن شركة الاستشارات العقارية "نايت فرانك".
قالت الشركة، استناداً إلى مسح شمل أكثر من ألف أسرة، إن نسبة المشترين لأول مرة الذين يتطلعون لشراء منزل تراجعت إلى 29% من 40% في عام 2023.
يعتقد العديد من مشتري المنازل أن الأسعار مرتفعة للغاية، وأنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت للادخار، ويرغبون في خيارات تمويل أكثر تنوعاً، وفقًا لتقرير "نايت فرانك" عن السعودية لعام 2025.
وارتفعت أسعار الشقق في العاصمة الرياض بنحو 11% إلى ما يعادل حوالي 1500 دولار للمتر المربع في عام 2024، حسب شركة الأبحاث.
السعودية تشجع التملك
استثمرت السعودية بكثافة في بناء المساكن خلال السنوات الأخيرة، في إطار سعيها لاستيعاب النمو السكاني المتزايد ورفع معدلات تملك العقارات إلى 70%.
قدّرت شركة "نايت فرانك" أن المملكة تحتاج إلى بناء 115 ألف منزل سنوياً على مدى السنوات الست المقبلة لتلبية الطلب، لكنها حذّرت من أن المعروض في السوق لا يتطابق مع توقعات المشترين الفعلية.
قال فيصل دوراني، رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط لدى شركة "نايت فرانك"، خلال مقابلة في المملكة: "جوهر المسألة يكمن في عدم التوافق بين توقعات المشترين والأسعار الحالية أو الواقع في السوق".
تحمل أسعار الشقق السعودية
تظل القدرة على تحمل التكاليف مصدر قلق رئيسي، كون ميزانيات أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط لا تغطي متوسط أسعار المنازل، حسب الشركة. قد يتمكن أصحاب الدخل المرتفع من تحمل أسعار المساكن الجديدة، لكن هذه الفئة من السكان السعوديين تظل صغيرة نسبياً، وفقاً للشركة.
تشمل قائمة المطورين الذين يساهمون في زيادة المعروض "مجموعة روشن"، المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، و"دار غلوبال" (Dar Global)، التي أعلنت مؤخراً عن خطط لبناء مشاريع فاخرة جديدة بالتعاون مع منظمة ترمب في الرياض.
أُسندت إلى شركة "NHC" (الوطنية للإسكان سابقاً)، (والتي تمثل الذراع التنفيذي والاستثماري لوزارة الإسكان السعودية)، مهمة بناء عقارات بأسعار أكثر ملاءمة.
المساكن السعودية الفاخرة
قال دوراني: "يوجد خطر حقيقي يتمثل في فائض المعروض من المساكن الفاخرة بالمملكة خلال السنوات الخمس المقبلة، ما لم يتم تحديد مصادر جديدة للطلب أو استقطابها، وعلى وجه الخصوص، الطلب من المشترين الدوليين".
تتوقع "نايت فرانك" أن يؤدي التغيير المرتقب في قوانين تملك الأجانب إلى تمهيد الطريق أمام تدفق الاستثمارات من الخارج في بعض المنازل الفاخرة الجديدة لدى المملكة العربية السعودية.
تملك الأجانب لعقارات السعودية
في الوقت الحالي، يمكن للأجانب الحصول على إقامة في السعودية طويلة الأجل من خلال استثمار 4 ملايين ريال (1.1 مليون دولار) في العقارات السكنية.
كما أن التخفيف الأخير للقواعد المتعلقة بالاستثمار العقاري الأجنبي في المدينتين المقدستين، مكة والمدينة المنورة، يشكل أقوى إشارة حتى الآن إلى احتمال المزيد من التيسير في المستقبل، حسب دوراني.
قالت "نايت فرانك" إنه رغم أن المدينتين استقطبتا اهتماماً كبيراً فيما يتعلق بملكية العقارات، إلا أن العاصمة الرياض تظل الوجهة الأكثر طلباً للعيش في المملكة. لكنها شهدت أيضاً أسرع وتيرة لنمو الأسعار. وارتفعت تكلفة الفيلا في الرياض بأكثر من 6% إلى نحو 1400 دولار للمتر المربع خلال العام الماضي.
تفضيل الشقق الإيجار
تشهد الرياض أيضاً تحولاً نحو الطلب على الإيجار مقابل التملك مع تزايد انتقال العمالة الأجنبية وهجرة الشباب السعوديين من مناطق أخرى داخل المملكة. وقال دوراني: "تركيزهم ليس على شراء منزل، بل على الإيجار، وهو ما يشهد نقصاً في المعروض".
يرى دوراني أن سوق البناء بغرض التأجير "توفر" فرص نمو هائلة للمطورين، وقال إن توفير خيارات شراء أكثر بأسعار معقولة سيكون عاملاً حاسماً في تلبية الطلب.
واختتم دوراني: "التحدي لا يتعلق بعدم وجود الطلب في السوق السعودية، بل أننا لا نبني حالياً المنتج الذي يتوافق مع الطلب الحالي".