وعد ترمب بتخفيف الضرائب على الأمريكيين معلق على سد ثغرة

وعد ترمب بتخفيف الضرائب على الأمريكيين معلق على سد ثغرة
دونالد ترمب خلال مؤتمر صحفي في برج ترمب بمدينة نيويورك، في 31 مايو 2024 - AFP

سيحاول الرئيس دونالد ترمب وأنصاره في الكونغرس إعادة صياغة قوانين الضرائب في البلاد خلال الأشهر المقبلة تحقيقاً لوعدٍ بتخفيضات ضريبية تشمل الشركات والعمال والمتقاعدين. وثمة سؤال واحد يشغل بال شريحة من الأميركيين، ولا يتعلق بقيمة التغييرات في قوانين الضرائب التي تقدر بتريليونات الدولارات، بل محوره قدر الحسومات التي ستطالهم في ضرائب الولايات والمدن.

التفاف على سقف الحسومات
فرضت تعديلات ترمب الضريبية لعام 2017 سقفاً قدره 10000 دولار على الحسومات المتعلقة بالضرائب المحلية وضرائب الولايات، ما وجّه ضربة قوية للأثرياء في الولايات التي تفرض ضرائب مرتفعة. وما يزال كثير منهم لا يتقبل هذا التغيير. أدرك ترمب هذا الواقع السياسي خلال حملته الانتخابية في لونغ آيلاند بولاية نيويورك، حيث تعهّد بإلغاء هذا السقف.


لكن ما لم يدركه كثير من الحاضرين في ناساو كوليسيوم يومها هو أن بعض جيرانهم الأثرياء ظلّوا قادرين على الاستفادة من حسومات بلا سقف على الضرائب المحلية وضرائب الولايات. فقد سمحت ثغرة غير مقصودة، لكن البعض يعتبر أنها لم تكن محض هفوة، بتقديم مزايا ضريبية تُقدَّر بنحو 20 مليار دولار سنوياً لشريحة ضيقة من الأميركيين. كان ذلك كافياً لتحضر هذه الالتفاتات على الضرائب المحلية وضرائب الولايات بقوة في الحسابات السياسية والمالية المعقّدة التي يواجهها الجمهوريون هذا العام.

بدأت مظاهر الاعتراض على هذا السقف بعد أشهر من إصدار قانون الإصلاح الضريبي في 2017، حين أقرّت ولاية كونيتيكت قانوناً استخدم استراتيجيةً مبتكرةً ليعيد منح بعض الشركات حسومات ضريبية غير محدودة. وقد حذت حذوها 35 ولاية أخرى، بينها كاليفورنيا ونيوجيرسي ونيويورك، إذ ارتفع العدد بعدما أشارت وزارة الخزانة في خواتيم ولاية ترمب الأولى إلى أنها لن تطعن بقانونية هذه الثغرة.

قال ماثيو غاردنر، الزميل الأول في "معهد الضرائب والسياسات الاقتصادية" التقدمي إن "هذه الالتفافات لها مفعول سحري يُمَكن من تجنب الزيادة الضريبية الناتجة عن فرض سقف للحسومات المتعلقة بالضرائب المحلية وضرائب الولايات".

لا تشمل الجميع
لكن لا يستفيد من هذه الثغرة إلا أصحاب الأعمال، وفي حالات محددة. إذ تستفيد الشركات التقليدية من حسومات غير محددة السقف متعلقة بالضرائب المحلية وضرائب الولايات. كما أن هذه الثغرة لا تنطبق على المشاريع البسيطة.

مثلاً إن كنت تدير كشك مأكولات وتملكه بمفردك، فإن أرباحه وخسائره تُدرج تلقائياً في إقرارك الضريبي الشخصي. ومثل 99% من الأميركيين، يمكنك خصم 10000 دولار فقط متعلقة بالضرائب المحلية وضرائب الولايات.

لكن إذا كنت تملكه مع شريك، فإن ما يسمى الضريبة العابرة تتيح لك خصم جميع نفقات ضرائب الولايات والضرائب المحلية قبل توزيع الأرباح على المالكين. وعندما تُدرج هذه الأرباح في إقرارك الضريبي الشخصي، يصبح دخلك الخاضع للضريبة أقل مما كان عليه قبل الاستفادة من هذه الثغرة، فتنخفض الضرائب المستحقة عليك للحكومة الإتحادية. كما تمنحك الولايات رصيداً عن الضرائب التي دفعها نشاطك التجاري نيابةً عنك لضمان عدم ازدواج الضرائب.

يُعد هذا الخيار مربحاً لمن يستوفي الشروط، خاصة في الولايات ذات الضرائب المرتفعة. وبالنسبة لأغنى دافعي الضرائب في هذه الولايات، يمكن أن تخفض هذه الثغرة نظرياً معدل الضريبة الاتحادية بنسبة 3 إلى 4 نقاط مئوية. لكن تشير بيانات نشرتها ولايتا كاليفورنيا وميريلاند فقط إلى أن 1% من دافعي الضرائب يستفيدون من الالتفاف على القانون. وصف غاردنر من "معهد الضرائب والسياسات الاقتصادية" الإعفاء الضريبي هذا بأنه "غير عادل ويفتقر إلى التكافؤ بشدة".

وعد صعب التحقيق
يبحث المشرّعون الجمهوريون في الكونغرس حظر هذه الالتفافات على قانون الضرائب كواحدة من مئات الأفكار الأخرى التي جمعتها لجنة الموازنة في مجلس النواب في يناير وهي ترمي لزيادة الإيرادات أو خفض الإنفاق. إنهم سيحتاجون إلى ذلك المال، إذ أن مجرد تمديد أحكام قانون الضرائب الصادر في 2017، الذي تنتهي صلاحيته العام المقبل، لعقد إضافي سيرفع الدين الوطني بقدر 4 إلى 5 تريليونات دولار، بحسب "لجنة الموازنة الاتحادية المسؤولة".

كما أن تحقيق بعض وعود ترمب الضريبية الأخرى، بخلاف إلغاء سقف الضرائب المحلية والضرائب على الولايات، وهي تشمل إلغاء الضرائب على الإكراميات والضمان الاجتماعي وخفض معدلات الضرائب على الشركات، سيكلف تريليونات الدولارات الإضافية.

نظراً لأن الجمهوريين لا يحظون إلا بأغلبية ضئيلة في مجلسي النواب والشيوخ، فإن تمرير أي مشروع قانون سيتطلب سلسلة معقدة من التنازلات. ويشكك كثيرون في قدرة ترمب على تنفيذ وعده بإزالة سقف الحسم المتعلق بالضرائب المحلية وضرائب الولايات، لكن رفع السقف "ضرورة واضحة وغير قابلة للتفاوض"، وفقاً لروهيت كومار، الرئيس المشارك للمكتب الوطني للضرائب في "برايس ووترهاوس كوبرز" (PricewaterhouseCoopers).

في حال عدم تحقيق ذلك، يهدد نواب جمهوريون بارزون في مجلس النواب من نيويورك وغيرها بحجب أصواتهم. قال كومار: "هذا يثير تساؤلاً حول إمكانية تمويل هذه الخطوة من داخل نظام الحسم المتعلق بالضرائب المحلية وضرائب الولايات".

أصوات معارضة
في حين أن أي تعديل على قانون الضرائب له فائزون وخاسرون، سيحمل إحداث تغييرات تتعلق بالضرائب المحلية وضرائب الولايات تبعات كبرى. إذ يُقدَّر أن رفع سقف الحسومات إلى 15000 دولار للأفراد و30000 دولار للمتزوجين سيؤدي إلى خسارة إيرادات بنحو 530 مليار دولار على مدى عشر سنوات، وفقاً لـ"لجنة الموازنة الفيدرالية المسؤولة".

قد يساعد إغلاق الثغرات التي تسمح بالالتفاف على سقف الحسم المتعلق بالضرائب المحلية وضرائب الولايات في تعويض هذه الخسائر، إذ يمكن أن يوفر 180 مليار دولار، لكن جماعات الضغط المؤيدة للشركات تعارض هذه الخطوة بشدة. قال برايان ريردون، رئيس رابطة "إس كوربيريشن": "نسعى الآن إلى دحض الفكرة القائلة بوجود ثغرة ضريبية خاصة بالضريبة العابرة".

يعتمد أعضاء الرابطة، وهي شركات خاصة تخضع لقواعد الضرائب وفقاً للفئة "إس"، على الالتفافات، في حين أن الشركات التقليدية المنافسة التي تشملها أحكام الضرائب من فئة "سي" لطالما استفادت من حسم متعلق بالضرائب المحلية وضرائب الولايات استناداً إلى القوانين التي تنظمها.

قال ريردون إن حظر هذه الالتفافات "يعني أنه إذا كنت أملك متجر أدوات محلي، فلن أتمكن من خصم الضرائب المحلية وضرائب الولايات، بينما يمكن لشركة مثل (هوم ديبو) الاستفادة من ذلك. هذا ليس عدلاً".

خلافات قد تطول
بدأت هذه الأصوات تطرق مسامع واشنطن. إذ تشمل الأفكار المطروحة لجمع الإيرادات توسيع سقف الحسومات المتعلقة بالضرائب المحلية وضرائب الولايات ليشمل الشركات الكبرى والشركات التقليدية من الفئة "سي"، وتقدر "لجنة الموازنة الفيدرالية المسؤولة" أن يساعد ذلك في جمع 210 مليارات دولار إضافية.

رغم الوعد الذي أطلقه ترمب العام الماضي، فإن فرض سقف على الحسومات المتعلقة بالضرائب المحلية وضرائب الولايات يحظى بتأييد المحافظين في حزبه، إذ يرون أن الخصومات غير المحدودة تمثل دعماً غير مباشر للولايات ذات الضرائب المرتفعة. كما أن ضرر سقف الحسومات المتعلقة بالضرائب المحلية وضرائب الولايات الفردية كان على أشده على المهنيين ذوي الدخل المرتفع، وهي فئة تجنح غالبيتها للتصويت لصالح الديمقراطيين.

لكن كلما شمل سقف الحسم المتعلق بالضرائب المحلية وضرائب الولايات عدداً أكبر من الأنشطة التجارية، زادت حدة المواجهة مع جماعات الضغط. فالجمهوريون، في هذه الحالة، سيكونون بصدد زيادة الضرائب على شرائح أساسية من ناخبيهم، أي من كانوا من أكبر المستفيدين من قانون 2017. كما أن هذا الإجراء لن يحقق نفس تأثير سقف الحسم المتعلق بالضرائب المحلية وضرائب الولايات الأصلي، الذي كان قد دفع كثيراً من دافعي الضرائب إلى مغادرة الولايات ذات الضرائب المرتفعة مثل نيويورك وكاليفورنيا.

نادراً ما تستفيد الشركات من وفورات ضريبية بقدر الأفراد حين تنتقل من ولاية إلى أخرى، لأن ضرائب الولايات تستند عادة إلى مكان مبيعاتك وليس المكان الذي يتواجد فيه مقرّك أو موظفوك. قال جون بونك، المدير الإداري لدى شركة المحاسبة "سي بي أي زد" (CBIZ): "ستضطر لدفع الضريبة بغض النظر عن أي شيء، إذ يصعب أن تقول إننا لن نشحن بضائع إلى عملاء في نيويورك مثلاً".

قد يستغرق حلّ هذه الخلافات أشهراً عديدةً، وفي حال عدم اتخاذ أي إجراء قبل نهاية العام، ستنتهي صلاحية معظم أحكام قانون الضرائب لعام 2017، ما يعيد معدلات الضرائب الفردية إلى مستويات ما قبل ترمب.

الجمهوريون مصممون على تجنب هذا السيناريو، ولكن ثمة بارقة أمل تلوح في الأفق بالنسبة لمن يتطلعون للكف عن تسديد كلفة الضربة التي وجهها ترمب للولايات الديمقراطية، ومفاعيل ذلك ستكون حسومات غير محدودة بسقف للجميع على الضرائب المحلية وضرائب الولايات في 2026.

الأكثر قراءة