أسعار النفط .. المعنويات تضغط صوب الهبوط والاحتياطيات تدفع نحو الاستقرار

تتعرض أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى ضغوط نزولية شديدة، مع تأثر المعنويات بزيادات متوقعة في الإمدادات، بينما تخلق الاحتياطيات وضعا يصب في مصلحة استقرار الأسعار، وفقا لما يراه محللون تحدثوا لـ "الاقتصادية".

وهبطت أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت إلى أدنى مستوى في أكثر من 3 سنوات اليوم الأربعاء، بعد أن سجلت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة زيادة أكبر من المتوقع.

وارتفعت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة 3.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 28 فبراير الماضي إلى 433.8 مليون برميل، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الصادرة اليوم الأربعاء.

في المقابل انخفضت مخزونات البنزين 1.4 مليون برميل إلى 246.8 مليون، بينما تراجعت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة 1.3 مليون برميل إلى 119.2 مليون برميل مقابل توقعات بزيادتها 220 ألفا.

جاء هذا في الوقت الذي يشعر فيه المستثمرون بالقلق من خطط تحالف "أوبك+" لزيادة الإنتاج اعتبارا من أبريل، ومن الرسوم الجمركية الأمريكية على كندا والصين والمكسيك، التي يخشون أن تضغط على الطلب مع أثرها المحتمل في النمو العالمي.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت في وقت سابق اليوم 3.6% إلى 68.46 دولار للبرميل، بعد أن سجلت 68.33 دولار؛ بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 4.3% إلى 65.36 دولار، بعد أن لامس 65.22 دولار في أدنى مستوى منذ مايو 2023.

لكن بحلول الساعة 0650 بتوقيت جرينتش، تقلصت خسائر النفط، حيث بلغ سعر برنت في العقود الآجلة تسليم مارس 69.24 دولار للبرميل، بانخفاض نسبته 2.5%، في حين سجلت أسعار الخام الأمريكي في العقود الآجلة تسليم أبريل 66.3 دولار للبرميل بانخفاض 2.9% فقط.

ضغط في اتجاه نزولي

وصفت مجموعة "سيتي جروب" المصرفية الدولية قرار تحالف "أوبك+" ببدء زيادة الإنتاج التدريجية بأنه "تطور هبوطي ملموس" للأسعار، في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة موجة ارتفاع في أسعار النفط الخام.

ومن المقرر أن يعزز تحالف "أوبك+" الإنتاج المجمع بنحو 138 ألف برميل يوميا اعتبارا من أول أبريل المقبل؛ لكن هذه الزيادة تمثل جزءا صغيرا من إجمالي تخفيضات التحالف التي تقترب من المليون برميل يوميا.

وقال ألكسندر بوجال، مستشار شركة "إنرجي جي.بي" الدولية لـ "الاقتصادية": "إن السوق تحت ضغوط واسعة عقب إعلان زيادة إنتاج "أوبك+" وفرض الرسوم الجمركية الأمريكية على كندا والمكسيك والصين".

وتعزز الضغوط الناتجة عن قرار "أوبك+" بزيادة الإنتاج تراجع الأسعار "كما تتسم السوق بتصاعد التوترات التجارية التي تؤثر في الطلب العالمي"، وفقا لما قاله لـ "الاقتصادية" مارتن جراف، مدير شركة "إنرجي شتايرمارك" النمساوية للطاقة.

لكن المختصين يشيرون إلى أن التحول في السياسة الأمريكية يهدد في المقابل 200 ألف برميل يوميا من الإمدادات الفنزويلية، ما يزيد من تعقيد أسواق الطاقة مع انخفاض مخزونات الخام بنحو 1.46 مليون برميل في الأسبوع الماضي.

ويرى بنك "يو.بي.إس" أن هناك ضغوطا نزولية على الأسعار أيضا بسبب معنويات المتداولين، الذين يشتبهون في تصاعد حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأكبر شركائها التجاريين وامتداد أجل تلك الحرب.

وأكدت تقارير دولية أن إمدادات النفط، والطاقة الاحتياطية داخل مجموعة "أوبك+"، ستكون كافية للحفاظ على الأسعار فوق 70 دولارا للبرميل، في حين قد تقوض الرسوم الجمركية خطط نمو عدة شركات، وأن من المرجح أن يتباطأ الاقتصاد العالمي، وفقا لما أكده لـ "الاقتصادية" آرفي ناهار، مدير النفط والغاز في شركة "ناهار" الدولية للطاقة.

الرسوم الجمركية تضغط من جديد

يرى مختصون أن الرسوم الجمركية الأمريكية على كندا والمكسيك والصين تزيد من المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي، ما يؤثر في الطلب العالمي على الوقود واستقرار أسعار النفط.

واستبعد وزير التجارة الأمريكي هاورد لوتنيك في وقت سابق اليوم إلغاء الرسوم الجمركية على الجارتين كندا والمكسيك بالكامل؛ لكنه أشار إلى إمكانية استثناء قطاعات.

وقال لوتنيك "إن إعلانا بشأن هذه الرسوم من المرتقب أن يصدر اليوم عن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي قال إنه ينصت إلى العروض المقدمة من البلدين الجارين".

أشار لوتنيك إلى أن ترمب يفكر في قطاعات يمكن أن يعفيها مؤقتا، قائلا: "الرئيس هو من يقرر.. لكن توقعاتنا تفيد بأنه سيتم تصنيفها ضمن فئات (...) ستكون 25%؛ لكن سيتم استثناء بعض الفئات. قد تكون السيارات وغيرها أيضا".

وبينما يمكن لبعض الرسوم أن تطبق فورا، قال لوتنيك إن تطبيق رسوم أخرى "قد يستغرق شهرا أو شهرين"، وفقا لما نقلته عنه شبكة "بلومبرغ".

وتدرس إدارة ترمب منح صناعة السيارات استثناء لمدة شهر واحد من تطبيق الرسوم الجمركية المفروضة أخيرا على المكسيك وكندا، وفقاً لما نقلته الشبكة عن أشخاص مطلعين على الأمر، كمهلة مؤقتة بعد مناشدات قادة القطاع.

واجتمع مسؤولو الإدارة الأمريكية الثلاثاء لمناقشة الأمر مع رؤساء شركات ومن المقرر عقد اجتماع آخر بشأن التخفيف المحتمل للرسوم الجمركية اليوم الأربعاء في البيت الأبيض، وفقا لما ذكرته "بلومبرغ".

وقال بنك "يو.بي.إس" إن كندا "تتحصن في مكان ما استعدادا للقتال؛ والخطر الحقيقي هو أن يستمر هذا الأمر لفترة طويلة".