العالم يتطلع إلى المصرفية الإسلامية للخروج من الرأسمالية.. و«الحمائية» تهددها
حذر أحد العاملين في صناعة المال الإسلامية من احتمالية أن تؤثر القوانين الحمائية التي بدأت في الانتشار بعد الأزمة العالمية في نمو المصرفية الإسلامية، في حين ذكر مفكر ومستثمر غربي أن نظام المالية الإسلامية سيكون كفيلا بأن ''يعتق'' الناس من العبودية المالية ليس فقط للوقت الحاضر، وإنما كذلك للأجيال القادمة''.
وجاءت تعليقات هؤلاء الخبراء بمناسبة مرور عام على الأزمة الاقتصادية العالمية التي اشتعلت شرارتها الأولى بانهيار بنك ليمان براذرز.
وحاولت ''الاقتصادية'' في تقريرها معرفة ردة فعل بعض وسائل الإعلام والجهات اليمينية حيال تشجيع بلدانها على تبني مزيد من القوانين التي تشجع على اللجوء إلى أدوات الاستثمار الإسلامية. وبات واضحا من تلك الأطراف أنها معارضة لفكرة انتشار مبادئ التمويل الإسلامي في بلدانهم، بالرغم من تعرض الثقة بالنظام المصرفي الغربي لهزة عنيفة.
يقول رود رينجرو، وهو نائب أول لرئيس شركة ستيت ستريت في الدوحة: ''الناس مصدومون بما أصابهم في الأسواق. إن أفكار التمويل الإسلامي تضرب على الوتر الحساس لدى كثير من الناس''.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
صحيفة «المايل ديليي» البريطانية في تعليقها على كون لندن تحتضن أكبر عدد من البنوك الإسلامية مقارنة بأي دولة أوروبية: «قلقون من أن تعلن بريطانيا إفلاسها؟ ابتسموا - فنحن على وشك أن يشترينا العالم الإسلامي».
حذر أحد العاملين في صناعة المال الإسلامية من احتمالية أن تؤثر القوانين الحمائية التي بدأت في الانتشار بعد الأزمة العالمية في نمو المصرفية الإسلامية، في حين ذكر مفكر ومستثمر غربي أن نظام المالية الإسلامية سيكون كفيلا بأن ''يعتق'' الناس من العبودية المالية ليس فقط للوقت الحاضر، وإنما كذلك للأجيال القادمة''.
وجاءت تعليقات هؤلاء الخبراء بمناسبة مرور عام على الأزمة الاقتصادية العالمية التي اشتعلت شرارتها الأولى بانهيار بنك ''ليمان براذرز''. وحاولت ''الاقتصادية'' في تقريرها معرفة ردة فعل بعض وسائل الإعلام والجهات اليمينية حيال تشجيع بلدانها على تبني المزيد من القوانين التي تشجع على اللجوء إلى أدوات الاستثمار الإسلامية.
وبات واضحا من تلك الأطراف أنها معارضة لفكرة انتشار مبادئ التمويل الإسلامي في بلدانهم، بالرغم من تعرض الثقة بالنظام المصرفي الغربي لهزة عنيفة.
يقول رود رينجرو، وهو نائب أول لرئيس شركة ستيت ستريت في الدوحة: ''الناس مصدومون بما أصابهم في الأسواق، إن أفكار التمويل الإسلامي تضرب على الوتر الحساس لدى كثير من الناس''.
ويرى رافي حنيف، المدير التنفيذي في ''فجر كابيتال''، ضرورة الإشادة بدور الفقهاء الذين أسهموا بالفتاوى التي أصدروها في إبعاد بعض المنتجات المعقدة عن طريق المصارف الإسلامية. حيث يقول: ''لا يسمح الفقهاء للبنوك الإسلامية بأن تقوم ''بنقل الخطورة'' من ميزانياتها العمومية بسهولة كما هي الحال مع التقليدية. حيث تقوم شركات التأمين بتغطية عامل ''الخطورة''، الأمر الذي يسمح لهذه البنوك من إجراء صفقات تقدر بالمليارات في الخليج''. ويتابع: ''إلا أن من أنقذ البنوك الإسلامية من مخالب الأزمة الائتمانية هي ''تحفظية'' فقهاء المصارف الذين لم يسمحوا للبنوك بنقل ''المخاطر'' من أجل أن يحصلوا على هذه الأدوات ''الغربية''.
الحمائية
وعن الذين يرون أن المصارف الإسلامية نجحت جميعها في الصمود في وجه الأزمة الائتمانية، يقول همايون دار، كبير الإداريين التنفيذيين في مصرف BMB الإسلامي، التي يسيطر عليها سلطان بروناي وعدد من العائلات الثرية في الشرق الأوسط: ''المؤسسات الغربية مريضة وأدخلت المستشفى، والمصرفيون الإسلاميون أُدخلوا المستشفى معهم، ولكنهم ليسوا مرضى بالقدر نفسه. بإمكاننا أن نعود ونقف على أقدامنا على نحو أسرع من الغربيين''.
وفي ظل القوانين الحمائية التي بدأت في الانتشار بعد الأزمة العالمية وأثر ذلك في صناعة المال الإسلامية، حذر بادليسياه عبد الغني، الرئيس التنفيذي لبنك CIMB الإسلامي الماليزي، من كون هذه الإجراءات قد تؤثر في نمو المصرفية الإسلامية. وقال في تصريح خص به ''الاقتصادية'': ''إذا كانت هذه القوانين الحمائية (الخاصة بأي دولة) لا تسمح للبنوك الإسلامية (الأجنبية) بممارسة العمل المصرفي لديهم، فإن ذلك بالتأكيد سيؤثر في نمو الصرافة الإسلامية في الأسواق العالمية''.
التحرر من العبودية
ويرى توبي بيرش المدير التنفيذي لشركة ''موجودات بيرش المحدودة'' في جيورنزي التي تهدف إلى جعل الاستثمار الإسلامي متاحاً لكل من المستثمرين المسلمين وغير المسلمين، أن الانقباض الائتماني ليس كارثة، ولكنه عامل محفز لتحريرنا من شكل من أشكال التمويل المقضي عليه بالفشل. ''ويتابع في تصريحاته لـ ''الاقتصادية'': ''ربما يشعر الناس بالأذى من شدة الأزمة لعدة أشهر مقبلة، ولكن المالية الإسلامية ستعتقنا من العبودية المالية، ليس فقط للوقت الحاضر، وإنما كذلك للأجيال القادمة. بعدها يتساءل بيرش إذا ما كان انهيار الأسواق عبارة عن حالة من اليأس أم أن ذلك ما هو إلا بداية ''للتحرر من رق الرأسمالية''.
وحاول بيرش، الذي كان أحد المتحدثين في ''ندوة البركة المصرفية '' عمل مقارنة بين الأزمة الحالية وعلماء العرب القدامى. حيث يقول:''الترياق الشافي لمصائب الغرب لن يأتي من المزيد من الاقتراض وعمليات الإنقاذ، التي أشعلت الأزمة الائتمانية في الأصل، وإنما يكمن في فلسفة تقوم على الحكمة الخالدة. فمع تراجع الإمبراطورية الرومانية، سقطت أوروبا في العصور المظلمة، وتحول ساكنوها إلى العيش على الكفاف والأمية، ولكن الحال كانت مختلفة في الشرق. علوم العالم القديم حفظت من قبل العلماء المسلمين وزيد عليها، في بيت الحكمة أيام الخليفة المأمون، وكانوا قائمين على حفظ قرون من العلوم الفلسفية والهندسية والطبية.
ويواصل: ''فالتاريخ يعيد نفسه الآن، ولكن هذه المرة من خلال التمويل والعمليات المالية. فقد أخفقت المصرفية الغربية في مواكبة الثورة الصناعية والتقنية في الغرب. الذي حدث بدلاً من ذلك هو أن السبيل الأمثل للاستفادة من المال ظلت محفوظة في تعاليم الإسلام، وتتم ممارستها في العصر الحديث من خلال المالية الإسلامية. ولم يزدهر جمال هذه الحكمة القديمة إلا مع انهيار الأسواق، وهو الذي أبرز هذه الأحكام على أنها البديل الحقيقي (للنظام الغربي). إنها لمأساة أن نرى اليوم بعض الغربيين ينظرون إلى المصرفية الإسلامية على أنها منتَج يباع إلى جمهور أسيرٍ لهذا المفهوم، ومع ذلك يتجاوزون عن منافعه''.
الجهات اليمينية
ولا تحمل بعض وسائل الإعلام اليمينية الأوربية قدرا واسعا من هذا التفاؤل الذي يحمله بيرش، حيث بدا واضحا تخوفهم من أي شيء يلصق عليه ''إسلامي''. تقول صحيفة ''المايل ديليي'' البريطانية في عنوان تهكمي لها: ''قلقون من أن تعلن بريطانيا إفلاسها؟ ابتسموا- فنحن على وشك أن يشترينا العالم الإسلامي''.
وكانت الكاتبة ميلني فيلبس تعلق في تقريرها على ما ذكره ''مركز الخدمات المالية الدولي'' بأن قطاع الصيرفة الإسلامي البريطاني أصبح أكبر حجما من نظيره الباكستاني. وأشارت تلك الدراسة على أن بريطانيا تحتضن أكبر عدد من البنوك الإسلامية مقارنه بأي دولة أوروبية.وبالرغم مما فعلته الأزمة المالية بالنظام المصرفي الغربي، فإن ذلك لم يؤثر في نظرات بعض الجهات اليمينية حول تطبيق قوانين المالية الإسلامية في بلادها. حيث وصفت منظمة غربية أن توجه وزارة الخزانة البريطانية نحو تغيير الإطار التشريعي الخاص بالأنظمة المالية الحالية، بغية مراعاة الخصائص الفريدة للصكوك، بأن هذه الوزارة بدأت ''تستسلم'' أمام هذا النوع من الأدوات المالية المتطابقة مع الشريعة. وذكر ''المركز القانوني المسيحي'' CLC في رسالته التي وجهها لوزارة الخزانة أن هذا التوجه هو بمثابة ''إنذار تنبؤي'' لما ما قد يسهم في إحداث تغيير جوهري لأساسيات المجتمع البريطاني عبر تعديل الأنظمة المالية لجعلها متوائمة مع طبيعة السندات الإسلامية.
وقالت لـ ''الاقتصادية'' المحامية أندريا مينيتشيلو وليمز، التي تترأس ''المركز القانوني المسيحي'' إن ''فرض وجهات النظر الإسلامية على المجتمعات غير المسلمة تحت ستار الاستثمار لا بد أن يعامَل بمنتهى الحساسية واليقظة من وجهة نظرنا، وهي وجهة نظر عبرنا عنها بوضوح في خطابنا إلى حكومة صاحبة الجلالة''.
وعلق جون ساندويك، وهو مدير موجودات وأصول إسلامية، على مذكرة هذه المنظمة بقوله: ''هذه المنظمة تتحدث في واقع الأمر عن مجال تجهله بالكامل، وهذا الجهل يترجم إلى خوف. لو أنها كلفت نفسها عناء البحث - بدلاً من شجب صناعة المال الإسلامية بشكل هستيري - فقد تجد أن جانباً كبيراً من الصيرفة الإسلامية مربحا تماماً. وشبه ساندويك مخاوف أعضاء تلك المنظمة من أثر تطبيق النظام المالي الإسلامي بمن (يشاهد الأشباح) تحت الأسرة في وقت متأخر من الليل''. ويتابع: ''إنهم يحذرون أن بريطانيا ستصبح بشكل أو بآخر دولة إسلامية إذا تحولت هذه اللوائح والأنظمة إلى قانون. هناك العديد من الشركات والحكومات في الكثير من البلدان غير الإسلامية قامت بإصدار الصكوك مثل سنغافورة وأمريكا. ولم يشهد الكثير منا أن أهل هذه البلدان تحولت بسرعة إلى الدين الإسلامي نتيجة لتبني لوائح وأنظمة تسمح بإصدار السندات المتوافقة مع مبادئ الشريعة. من هذا المنطلق، فإن مخاوف الجماعة التي تخشى على الدين المسيحي هي مخاوف وهمية''.
ويواصل المستثمر الأمريكي: ينبغي أن يعتاد أعضاء المنظمة على فكرة أن المالية الإسلامية موجودة هنا لتبقى لأنها إحدى حقائق الحياة بالنسبة لسائر أمم العالم وهي تضيف بالفعل جانباً مرحباً به ومفيداً لأسواق المال العالمية، بما فيها المملكة المتحدة''. يذكر أن الحكومة البريطانية أعلنت مساندتها المالية الإسلامية في رغبه جادة منها في جعل لندن بوابة أوروبا نحو الصرافة الإسلامية. وجاء ذلك عبر وضع أساسيات مجموعة من الأنظمة في سبيل خلق ''مستوى متكافئ من اللعب'' في القانون الضريبي والرقابي بالنسبة للمنتجات الإسلامية على نحو يماثل المنتجات التقليدية. وتعتقد السلطات أن إصدار تلك الصكوك السيادية سيسهم في جلب المنفعة للمجتمع البريطاني، فضلا عن زيادة سيولة وزارة الخزانة.