غضب المالية الإسلامية يتجدد على وكالات التصنيف العالمية

غضب المالية الإسلامية يتجدد على وكالات التصنيف العالمية
غضب المالية الإسلامية يتجدد على وكالات التصنيف العالمية

كانت صناعة المال الإسلامية ''تغض بصرها'' ولفترة طويلة عن هفوات وكالات التصنيف الدولية، وكأنها تحاول إيكال مهمة انتقاد هذه الوكالات إلى حكومات الدول الأوروبية. ومع الذكرى السنوية لبداية الأزمة، بدأ بعض التنفيذيين في صناعة التكافل توجيه انتقاداتهم الخاصة لوكالات التصنيف، التي يطالبون فيها بأخذ ''المعايير الشرعية '' للمنتجات والشركات الإسلامية بعين الإعتبار وإلا توجه العملاء لشركات التصنيف الشرق آسيوية. ولكن هل تراعي وكالات التصنيف هذه الاعتبارات ؟

أكد مسؤول رفيع في شركة تأمين إسلامية أن معظم وكالات التصنيف ليس لديها رؤية واضحة حول تصنيف شركات التكافل. في حين ذكر تنفيذي في أحد البنوك الإسلامية أن هذه الوكالات يغيب عنها ''الاتزان التصنيفي'' واقترح في الوقت ذاته إنشاء وكالة مستقلة تعطي تصنيفات ائتمانية لهذه الوكالات (كما تعودت هذه الوكالات على إعطاء التصنيفات للآخرين).

وتزامنت تلك التصريحات مع التقرير الذي نشرته صحيفة financial news البريطانية والتي ذكرت فيه أنه من المرجح أن يمتد ''التمحيص'' الذي تعرضت له وكالات التصنيف منذ أزمة الائتمان إلى كيفية تصنيف هذه الوكالات للصكوك.وأشارت إلى أن الجوانب الشرعية للصكوك تضيف عنصر التعقيد القانوني إلى عملية التصنيف.

#2#

وحول منهجية شركات التصنيف مع شركات التأمين الإسلامي، يقول إسماعيل محبوب، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة MNRB لإعادة التكافل بيرهاد، ''أستطيع أن أقول لكم، وبعد أن تحدثت مع سبع شركات للتصنيف الائتماني خلال مؤتمر للتأمين في سنغافورة، أن هناك شركة واحدة كانت رؤيتها لصناعة التكافل واضحة. ''

وتتفق مع مقولة محبوب البروفيسورة روسني حسن من جامعة ماليزيا الدولية الإسلامية التي تبرر ذلك بكون صناعة التكافل جديدة مقارنة مع التأمين التقليدي. وعليه لا يزال الناس يعانون من ناحية فهمهم لهذا النوع من التأمين''.

تصنيف البقر

وفي سؤال عما إذا كانت شركات التصنيف الائتماني غير جادة في العمليات التصنيفية لشركات تكافل، طلب محبوب من ''الاقتصادية'' أن تطلع على تقرير بلومبرج الذي تذكر فيه أن وكالات التصنيف على استعداد لمنح تصنيفات للأبقار. في إشارة منه إلى نظرية الاستعداد لمنح تصنيف عال لأي جهة مقابل الحصول على مقابل مادي من العميل.

معلوم أن لجنة تابعة لمجلس النواب الأمريكي قد حصلت على وثيقة كشفت من خلالها محادثة بالإيميل تمت بين موظفين من وكالة ستاندرد آند بورز اللذين يعملان في قسم التمويل المهيكل. ويظهر نص محادثتهما امتعاض أحد الموظفين من إعطاء تصنيف ائتماني لأحد المنتجات التي لا تستحق الحصول على درجة ائتمانية. بعدها رد عليه زميله بقوله:'' يمكن لهذا المنتج أن يهيكل بواسطة البقر ونقوم في الوقت ذاته بمنحه تصنيفا ائتمانيا''.

اللجنة الشرعية

يذكر أن شركات التصنيف الماليزية تبدي اهتماما جادا حول كيفية التعامل مع شركات التكافل الإسلامية. فبخلاف الشركات الغربية التي تقول إن تصنيفاتهم لا علاقة لها بوجهة النظر الشرعية، تقوم وكالة التصنيف الماليزية (MARC) بأخذ وجهة النظر الشرعية حول الأداة التمويلية.

يقول محبوب:'' تمر الأداة المالية على الفقهاء أولا ومن ثم إلى فريق التصنيف المالي''. ويتابع:'' لم تظهر وكالات التصنيف الكبرى جهدا كبيرا لدراسة شركات التكافل من أجل تقييمها بطريقة سليمة.

إننا لا نرغب أن يتم تصنيفنا على يد أشخاص ليست لديهم دراية بطريقة عمل شركات التكافل'' . تعلق على ذلك روسني، فقيهة شرعية، بقولها: يساعد وجود مستشارين من الشريعة مع شركات التصنيف في تسهيل عملية الفهم لهذا النوع من التأمين الإسلامي.

المصداقية المفقودة

وحول مصداقية التصنيف الائتماني مع السندات الإسلامية، يقول محمد أزهري كامل، المدير التنفيذي لبنك التمويل الآسيوي AFB:''طالما أن وكالات التصنيف لا تستطيع تقديم ''الاتزان التصنيفي'' ، فإنه ستكون على الدوام أزمة ائتمانية. إن المصداقية (التصنيفية) ليست موجودة لكي نستخدمها كمؤشر من أجل شراء الصكوك التي يتم إصدارها أو حتى عندما يتعلق الأمر بتصنيف الصناديق''.

ويواصل:''علينا أن ندرك أن وكالات التصنيف هي من خلق هذه الأزمة. ويرجع ذلك إلى عامل الاتزان التصنيفي الذي لم يصل بعد إلى سن النضج بعد. وكل هذا يعد فشلا من قبلهم نظرا لأنهم لم يتحملوا بعد مسؤولية ذلك. فلا بد من إيجاد وكالة مستقلة لكي تعطي تصنيفا ائتمانيا لوكالات التصنيف كما هم دأبوا على إعطاء تصنيفات للآخرين''.
معلوم أن وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية مثل موديز وستاندارد آند بورز لم تقم بتصنيف أدوات التمويل الإسلامي في واقع الأمر إلا في العقد الماضي.

«سمعة للبيع»

تجدر الإشارة إلى أن وكالة بلومبرج الإخبارية قد نقلت تصريحات اعترافية لموظف سابق في إحدى وكالات التصنيف كشف من خلالها أن بعض هذه الوكالات بدأت في بيع سمعتها.

يقول فرانك رايتر إن الشركة التي كان يعمل فيها في السابق، وهي وكالة ستاندارد آند بورز، علقت لافتة على سمعتها بعنوان ''سمعة للبيع'' بتاريخ العشرين من آذار (مارس) 2001. في ذلك اليوم أمره عضو في اللجنة التنفيذية للوكالة ذاتها، بإعطاء تقييم ائتماني لأحد الاستثمارات العقارية التي لم يقم قط بمراجعتها وتدقيقها.

يقول رايتر إنه في ذلك الحين كانت الوكالة تتنافس في صفقة بقيمة 484 مليون دولار من شركة Pinstripe I CDO Ltd. وكانت الأوراق المالية التي أصدرتها ''بينسترايب'' تتألف من المنتجات المالية المهيكلة والتي كانت تحرك نمو ''وول ستريت''.

يقول جوزيف ستيجليتز، الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد: ''إنني أعتبر أن وكالات التقييم الائتماني هي إحدى الجهات الرئيسية المذنبة تماماً في هذه الأزمة. فقد كانت هي الجهات التي قامت بأعمال السيمياء والخزعبلات التي حولت الأوراق المالية من التقييم ''فاشل'' إلى التقييم ''ممتاز''.

ولم يكن بإمكان البنوك القيام بما قامت به دون تواطؤ وكالات التقييم الائتماني''.

وفي سعيها للتنافس في الرسوم والحصة السوقية أخذت شركات التقييم الائتماني التي توجد في نيويورك، في إعطاء التقييمات الممتازة لمجموعات السندات، وهي أوراق مالية قائمة على قروض سكنية بقيمة 3.2 تريليون دولار أعطيت لأشخاص لا يتمتعون بجدارة ائتمانية ولا يحصلون على دخل ثابت. وحين أخذ المقترضون من غير ذوي الملاءة بالانقطاع عن السداد، راحت شركات التقييم الائتماني تخفض المرتبة الائتمانية لأكثر من ثلاثة أرباع هذه السندات.

وفي آذار (مارس)، أرسل رتشارد جوجليادا، الذي كان عضواً في اللجنة التنفيذية المسؤولة عن التقييمات العالمية للأوراق المالية المهيكلة في الوكالة، أرسل بريدا إلكترونيا إلى رايتر قال فيه: ''لا بد أن تأتي بتقدير ائتماني. إن مسؤوليتك هي تقديم هذه التقديرات الائتمانية، وإن مسؤوليتك هي تطوير منهج للقيام بذلك. فنرجو تزويدنا بالتقديرات الائتمانية المطلوبة!''

يقول رايتر، في مقابلة أجريت معه في منزله في ريف فرجينيا، على بعد 111 كيلومتراً غرب واشنطن: كان يطلب مني أن أقوم بالتخمين، وأن أكتب شيئاً ما. أنا مستغرب لأن أحداً لم يحذر جوجليادا ويقول له: ''إياك أن تقول هذا الكلام الفارغ في رسالة مكتوبة''.

وحيث إن كلاً من موديز وستاندارد آند بورز تواجه التهديد بالملاحقة القضائية وتشديد الأنظمة، تقول الوكالتان إنهما تتبنيان الآن معايير متشددة حتى يتم التوصل إلى تقييم أكثر دقة للسندات وإلى رصدها على نحو أوفى.

في الأسبوع الماضي قال كريس أتكينز، نائب الرئيس للاتصالات في ستاندارد آند بورز، في رد مكتوب على أسئلة من بلومبيرج: ''الاستقلال والنزاهة والنوعية تظل هي الأركان التي يبنى عليها كل ما نقوم به وكل ما نمثله''.

الأكثر قراءة