تقديرات دولية: التدفق الاستثماري للدول الناشئة يسجل 671.8 مليار دولار في 2010
قدر معهد التمويل الدولي في تقرير محدث له عن وضع الاستثمار الدولي بأن يبلغ صافي التدفقات الاستثمارية للدول الناشئة 348.6 مليار دولار عام 2009، مقارنة بـ 649.1 مليار دولار عام 2008، غير أنها ستعود لمعدلاتها لعام 2008 في العام 2010 حيث ستبلغ 671.8 مليار دولار.
في الوقت نفسه، ونظرا لتصاعد دور دول مجلس التعاون الخليجي في كلا الجانبين تصدير واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، فقد قرر المعهد لأول مرة تضمين عينة الدول التي يدرسها السعودية والإمارات ليصبح عددها 30 دولة تمثل نحو 85 في المائة من اقتصادات الدول الناشئة في العالم.
وشدد المعهد أن مسار التدفقات الاستثمارية للدول الناشئة شهد خلال الربع الثالث من العام الجاري تسارعا لافتا عوض عن النقص في الربعين الأولين وذلك للتعافي السريع الذي شهدته اقتصادات هذه الدول مقارنة بالدول الصناعية، بل إن المعهد حذر من الطابع المضاربي لبعض تلك الاستثمارات والتي تهدف إلى تحقيق الربح السريع مستفيدة من انتعاش الدول الناشئة، حيث لاحظ أن الزيادة الكبيرة في الاستثمارات حدثت في استثمارات الملكية الخاصة منها 343 مليار دولار للاستثمارات المباشرة و 82 مليار دولار للمحافظ الاستثمارية، وهذا الأخير مبلغ كبير يعادل مستواه عام 2007.
وفيما يخص التدفقات الاستثمارية لدول مجلس التعاون الخليجي، يظهر المعهد صافي هذه التدفقات بنحو 73 مليار دولار، حيث يقول إن دول المجلس شأنها شأن الدول الناشئة الكبيرة كالصين تقوم بتصدير الاستثمارات أيضا.
ولاحظ المعهد أن دول المجلس باتت تركز بصورة أكبر على توجيه استثماراتها للدول العربية مثل لبنان والمغرب ومصر وغيرها.
وأضاف أن مسار التدفقات الاستثمارية في دول المجلس عكس مسار النمو الاقتصادي الإقليمي والعالمي من حيث الانخفاض الحاد عام 2009 ثم التحسن عام 2010، إلا أنه أيضا يخفى بعض التعرجات الجانبية، حيث إن قليلا من دول المجلس والمنطقة مثل مصر ولبنان اللتين استفادتا بالذات من زيادة الودائع الخليجية، إلا أن القروض المصرفية تقلصت بسبب فرض قيود على الإقراض للدول ذات المخاطر العالية.
وكانت بيانات سابقة لمعهد التمويل الدولي قد صدرت خلال عام 2008 قد أظهرت ارتفاع حجم التدفقات الاستثمارية الخليجية إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصورة كبيرة خلال الأعوام الماضية وخاصة منذ عام 2002، حيث تقدر حجم تلك التدفقات بنحو 100 مليار دولار عام 2008. وبينت تلك البيانات أن ارتفاع الإيرادات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي منذ العام 2002 قد دفع الهيئات والجهات المسؤولة عن إدارة الفوائض المالية إلى البحث عن استراتيجيات استثمارية بديلة سواء من الناحية الجغرافية أو الموجودات الاستثمارية. وقد استفادت دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ولا سيما مصر والمغرب وتونس والجزائر والأردن بصورة كبيرة من التدفقات الاستثمارية الخليجية حيث يقدر معهد التمويل الدولي إجمالي تلك التدفقات بنحو 85 مليار دولار خلال الفترة من 2002 إلى 2008، بينما تقدر إحصائيات ارتفاع هذه التدفقات إلى نحو 100 مليار دولار عام 2008. وهي تمثل 11 في المائة من إجمالي التدفقات الاستثمارية الخارجة من دول مجلس التعاون والتي تقدر بنحو تريليون دولار خلال الأعوام السبعة الماضية.
وفقا لبيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي، فقد شكلت التدفقات الاستثمارية الخليجية إلى مصر نحو 25 في المائة من إجمالي التدفقات الاستثمارية الواردة إليها أي بنحو 11 مليار دولار عام 2008، حيث تم استثمار معظم تلك الاستثمارات في مشاريع عمرانية وعقارية وقطاع الاتصالات والسياحة، علاوة على القطاع المالي. كذلك الحال في تونس التي مثلت حصة دول مجلس التعاون 1.6 مليار دولار أي نحو 6 في المائة من إجمالي التدفقات الاستثمارية عام 2008. أما في المغرب، فقد بلغت حصة دول التعاون من إجمالي التدفقات الاستثمارية الواردة إليها 2.8 مليار دولار نحو 15 في المائة عام 2008. وقد ذهبت معظمها في مشاريع عمرانية وسياحية أيضا.
وفيما يخص التدفقات الاستثمارية العالمية للدول الناشئة، يقول تقرير معهد التمويل الدولي أنه من الواضح أن الاقتصاد العالمي دخل مرحلة تعافي خلال الربع الثالث والثاني من العام. وقد قاد هذا التعافي مرة أخرى الدول النامية، والتي تعافت بصورة أسرع من الدول الصناعية. ويمكن القول الآن إن الرعب المالي قد تلاشى، في حين عاد المستثمرين للبحث عن فرص استثمارية جديدة حول العالم، مدعمة بمجملة السياسات النقدية والمالية المشجعة التي اتخذتها المصارف المركزية على صعيد ضخ السيولة وإضفاء المرونة على السياسات النقدية وخفض أسعار الفائدة وغيرها.
ووفقا لهذا السياق، يقدر المعهد أن يبلغ صافي التدفقات الاستثمارية للدول الناشئة 348.6 مليار دولار عام 2009، مقارنة بـ 649.1 مليار دولار عام 2008، غير أنها ستعود لمعدلاتها عام 2008 في عام 2010 حيث سوف تبلغ 671.8 مليار دولار. وتتعارض هذه التقديرات بشكل كبير مع تقديرات أطلقها قبل خمسة أشهر في شهر حزيران (يونيو) الماضي وقام فيها بتخفيض توقعاته بشأن حجم الاستثمارات الخاصة العالمية المتوجهة للدول الناشئة إلى 141 مليار دولار فقط بعد أن كان قد قدرها في مطلع العام الجاري بنحو 165.3 مليار دولار. وبذلك، فأن التوقعات الجديدة تمثل زيادة بمقدار الضعف والنصف تقريبا عن التقديرات السابقة، وهي تعد بالتالي تقديرات متفائلة جدا تعكس المناخ الاقتصادي الجديد الذي تعزز خلال الربع الثالث من العام الجاري 2009.
وتتطابق هذه التقديرات مع تقرير للأونكتاد قال فيه إن الآثار السلبية للأزمات المالية والاقتصادية ستظل مهيمنة على الاستثمار الأجنبي المباشر في المدى القصير، مما سيؤدي إلى استمرار الانخفاض في إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام 2009. والبلدان النامية لن تكون مستثناة، حيث ستظهر تأثرا أكبر خلال عام 2009.
ومع ذلك، هناك عدة عوامل إيجابية موجودة على الأرض، وستؤدي، عاجلا أو آجلا ، إلى عودة التدفقات الاستثمارية الدولية. وتشمل هذه العوامل الفرص الاستثمارية المتوافرة المستندة إلى أسعار الأصول الرخيصة وإعادة هيكلة الصناعة، وتوفر مبالغ كبيرة نسبيا من الموارد المالية لدى الدول الناشئة والدول النفطية الغنية، كذلك التوسع السريع في أنشطة جديدة مثل الطاقة الجديدة والبيئة والصناعات ذات الصلة، و المرونة النسبية للشركات الدولية. لذلك، يصبح من الصعب تقييم آفاق ونمو الاستثمار الأجنبي المباشر على المدى المتوسط.