دور الهيئات الشرعية في البنوك لن ينتهي حتى لو اكتملت معايير «هيئة المحاسبة»

دور الهيئات الشرعية في البنوك لن ينتهي حتى لو اكتملت معايير «هيئة المحاسبة»
دور الهيئات الشرعية في البنوك لن ينتهي حتى لو اكتملت معايير «هيئة المحاسبة»
دور الهيئات الشرعية في البنوك لن ينتهي حتى لو اكتملت معايير «هيئة المحاسبة»
دور الهيئات الشرعية في البنوك لن ينتهي حتى لو اكتملت معايير «هيئة المحاسبة»

فقهاء يردون بعنف على من يفترض أن البنوك ستستغني عن خدماتهم في المستقبل القريب, لكن هل يمكن أن تحل المعاير الشرعية بديلا للفقهاء؟

قلل اثنان من أكثر فقهاء الصيرفة الإسلامية تأثيرا على مستوى العالم من تصريحات إحدى الشركات الاستشارية للمالية الإسلامية التي توقعت أن يأتي اليوم الذي تستغني فيه البنوك عن هيئاتها الشرعية بعد أن تكتمل معاير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية والبالغة 80 معيارا والتي ينتظر أن يضاف إليها 16 معياراً آخر بحلول عام 2011.
ويأتي رد الفقهاء هذا على خلفية حديث الدكتور عبد الباري مشعل المدير العام لشركة رقابة للاستشارات المالية الإسلامية، الذي صرح لـ ''الاقتصادية'' قائلاً:'' إنه عندما تتوافر هذه الضوابط - يقصد عند اكتمال معايير هيئة المحاسبة-، ''فإننا لا نحتاج إلى من يفتينا. فماذا يصنع المفتي في هذه الحالة؟ هل يكرر اعتماد الفتوى أم يؤكدها أم ماذا؟ وبالتالي فالمهنية تقتضي توحيد المرجعية على مستوى العمل المصرفي الإسلامي في كل دولة''.
وعما إذا كان فقهاء ''هيئة المحاسبة'' يؤمنون بوجهة نظر مشعل، يقول الشيخ محمد تقي عثماني، رئيس المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية:'' لا أعتقد أن المعايير الشرعية-يقصد الخاصة بهيئة المحاسبة- ستكون كافية لتعويض الإرشادات التي تقدمها الهيئات الشرعية. وفي الحقيقة فإن المؤسسات المالية الإسلامية ستكون في حاجة دائمة إلى توجيهات هيئاتها الشرعية، ولاسيما تلك المتعلقة بالتطبيق الصحيح لتلك المعايير''.

على الصعيد ذاته، قلل يوسف طلال ديلرنزو، أحد أكبر فقهاء أمريكا الشمالية وأكثرهم تأثيرا على الصعيد المصرفي، من تصريحات مشعل، بقوله يتضح من إجابة الدكتور مشعل أنه ''لم يتسن له الحصول على تجربة عملية في الميدان لأن الرقابة الشرعية يبدأ دورها بعد الفتوى! فالفتوى، مع أهميتها، ليست هي الوظيفة الوحيدة لهيئات الرقابة الشرعية، بل إنما هي البداية فقط. '' وتابع:''دعونا ننظر إلى مسمى'' الرقابة الشرعية''، فهو يدل على معاني التفقد والإشراف والمتابعة والنظر في كيفية التطبيق ونوعيته من الناحية الشرعية، وهذا عمل يستمر طيلة حياة المنتج المصرفي أو المشروع''.
#2#
## الأعراف الموحدة
يصف مشعل معايير هيئة المحاسبة بأنها بمثابة '' الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية على مستوى الاعتماد المستندي أو أنها بمثابة القانون الحاكم للعمل المصرفي من الناحية الشرعية''. حيث قال ''ليس هناك غرابة في أن يكون لدينا قانون مفصل يحوي القواعد الشرعية للعمل المصرفي في جميع المعاملات. وبالتالي عندما تتوافر هذه الضوابط ، فإننا لا نحتاج إلى من يفتينا. فماذا يصنع المفتي في هذه الحالة ؟ هل يكرر اعتماد الفتوى أم يؤكدها أم ماذا؟ وبالتالي فالمهنية تقتضي توحيد المرجعية على مستوى العمل المصرفي الإسلامي في كل دولة''. واستعان مشعل بتجربة البنك المركزي السوداني من أجل إثبات أن الاستعانة بالمعايير ستقود إلى عدم الاعتماد على الهيئات الشرعية، بقوله '' ستؤدي الفتوى الخاصة إلى تطوير المعيار في الإصدار المقبل إلى أن تتلاشى الحاجة إلى الفتوى الخاصة وتزول الهيئات الخاصة على مستوى البنوك كما نراها في واقع اليوم''.

## الهندسة المالية
عن كيفية مساهمة الفقهاء في ''الهندسة المالية'' لمنتجات الصيرفة الإسلامية، يقول يوسف، الذي انضم لأعضاء هيئة المحاسبة في العام الماضي:'' إن المصرفية الإسلامية، كأي صناعة أو عمل يقصد به الكسب، في حاجة مستمرة إلى الابتكار والتحسين. الأمر الذي يسهم في إضافة الجودة. وهذا ما يساعد على جلب الزبائن وحثهم على الشراء، ومن طبيعة السوق، والأسواق المالية أيضاً، أن تكون للمنتجات الجديدة المشوقة قيمة أعلى من غيرها،'' ويواصل الرئيس التنفيذي لشؤون التدقيق والرقابة الشرعية في شركة «شريعة كابيتال:'' أما بخصوص المصرفية الإسلامية، فإنها بحاجة شديدة إلى إيجاد آلات مالية متطورة كثيرة ومتنوعة لإدارة السيولة وكذلك لإدارة المخاطر بطريقة أفضل،ويقتضي هذا العمل الابتكاري فقهاء مؤهلين يسهمون في ''الهندسة المالية'' التي هي أساس التطور والتقدم.
#3#
## السد المنيع
وصف مشعل القيادات التقليدية التي تم استقطابها للعمل في الصيرفة الإسلامية بعدم ''إيمانها بالفكرة وكونها ستصبح ''سدا منيعا'' أمام تطوير أي منتج أصيل إسلامي. حيث يقول في إجابته عن القوى العاملة في الصيرفة الإسلامية، ''من يعمل في البنوك الإسلامية يحتاج إلى إعادة تأهيل فما بالك بمن يستقطب من المصرفية التقليدية لكي يعمل في المصرفية الإسلامية. تعاني المصرفية التقليدية شيوع القيادات غير المؤمنة بالفكرة (يقصد الصيرفة الإسلامية) وفاقد الشيء لايعطيه .'' وتابع '' نحتاج إلى قيادات تؤمن بالفكرة وتعكس رؤيتها للمصرفية الإسلامية في موظفيها ومن يتبع لها من إدارات في البنك. فهذه القيادات التقليدية ستقف عند حدود المحاكاة للمصرفية التقليدية وستقف سدا منيعا أمام تطوير أي منتج أصيل يتناغم مع مبادئ وقواعد الاقتصاد الإسلامي''.

## تناغم المعايير
كانت هيئة المحاسبة قد قالت في وقت سابق إنها تعتزم مراقبة منتجات التمويل الإسلامي في ظل عدم وجود هيئة رقابية في القطاع. حيث ذكرت في بيان لها إنها ''ستراقب المنتجات والخدمات التي يقدمها القطاع للتأكد من مطابقتها للشريعة''.
وقال محمد نضال الشعار الأمين العام للهيئة، إن هذه الخطوة تهدف إلى ''إحداث التناغم في السوق''. وتعتمد صناعة التمويل الإسلامي الناشئة في التوجيه على مجموعة من الهيئات التي تتولى وضع المعايير مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية وعلى آراء الفقهاء المسلمين إلى جانب اللوائح المحلية.

وقالت الهيئة ''على الرغم من أن هيئة المحاسبة والمراجعة لا تمارس دورا دائما للرقابة على الصناعة توجد في الوقت الراهن فجوة كبيرة في السوق تتعلق بمصداقية الرقابة على المنتجات والخدمات للتأكد من مطابقتها للشريعة''. وتصف الهيئة نفسها بأنها هيئة اعتبارية مستقلة تتولى إعداد المعايير الخاصة بالمحاسبة والتدقيق والإدارة الرشيدة والأخلاقيات وأحكام الشريعة للمؤسسات المالية الإسلامية والقطاع. لكنها توفر المعايير الخاصة بالمنتجات والتدقيق والتي تعد إلزامية في سبعة بلدان معظمها في منطقة الشرق الأوسط. وقال الشعار إن الهيئة ستراقب المنتجات الخاصة بكل مؤسسات التمويل الإسلامي بما في ذلك المؤسسات غير الأعضاء في الهيئة وتلك التي توجد في دول لا تعد فيها مثل تلك المعايير إلزامية. وتابع ''سيشمل ذلك السوق بأكملها بغض النظر عن التوزيع الجغرافي للمنتجات'' مضيفا أن الهيئة تعتزم التقدم لمجلس أمنائها باقتراح بشأن تلك المبادرة بحلول نهاية العام.
#4#
وتكمن أهمية المبادرة في كونها ينتظر منها أن تسهم في توحيد معايير الممارسات ضمن صناعة التمويل الإسلامي، وكان الانتقاد الرئيس الموجه ضد هذه الصناعة هو أنه لا يوجد أنموذج معياري موحد للتمويل الإسلامي، وإنما توجد عدة معايير لكل سوق محلية أو إقليمية إسلامية.وبحسب هيئة المحاسبة فإن هناك 11 دولة وجهة تلتزم بتطبيق المعايير المحاسبية والأخلاقية ومعايير المحاسبة ومنها السودان والبحرين وقطر والأردن وسورية وجنوب إفريقيا إضافة إلى أستراليا. وتستخدم هذه المعايير كمبادئ توجيهية للمؤسسات المالية الإسلامية في كل من بروناي وإندونيسيا والكويت ولبنان وماليزيا وباكستان والسعودية والإمارات والمملكة المتحدة.

الأكثر قراءة