مخاوف من انكشاف محافظ البنوك الإسلامية الخليجية على القطاع العقاري
هيئة رئيسية في قطاع التمويل الإسلامي تتحرك لوضع حد لانكشاف محافظ بنوك الخليج الإسلامية على القطاع العقاري الذي أضر بربحية تلك البنوك. ولكن هل تجد أذنا صاغية لها؟
كشفت الأزمة المالية العالمية حجم الأصول العقارية التي كانت تحتويها محافظ البنوك الإسلامية في الخليج التي أثرت في ربحيتها خلال الفترة الأخيرة، وهو ما اضطر مجلس الخدمات المالية الإسلامية IFSB إلى إطلاق توصيات تتضمن معايير جديدة للموجودات المورقة مالياً، خصوصاً في قطاع العقارات، وهو قرار يمكن أن ينشر إلى حد كبير الاستقرار في الصناعة المالية في دول الخليج العربي.
ولاحظ المجلس أن السلطات التنظيمية والرقابية في الشرق الأوسط تسمح لمؤسسات الخدمات المالية الإسلامية بالاستثمار في العقارات بصورة مباشرة على ميزانياتها العمومية، أو كجزء من نشاطات إدارة الموجودات خارج الميزانية العمومية، أو بصورة غير مباشرة عن طريق شركة تابعة إما مملوكة بالكامل وإما مملوكة بأغلبية الأسهم.
ورغم أن قطاع العقارات يعتبر من فئات الموجودات التي يجوز الاستثمار فيها شرعاً، إلا أن المجلس يقول إن هناك تخوفاً عاماً من أن هذه الاستثمارات يمكن أن تعرض مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية إلى آثار أسواق العقارات الدولية.
لهذا السبب اقترح مجلس الخدمات المالية الإسلامية ألا يتجاوز مجموع الاستثمارات في قطاع العقارات 60 في المائة من رأس المال النظامي، مع وضع حد مقداره 15 في المائة على الاستثمار في عقار أو مشروع بعينه.
وقال المجلس، بحسب التقرير الذي نشرته ''جلف نيوز'': ''إذا تجاوزت إحدى مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية حد 60 في المائة، يجب عليها إبلاغ الجهاز التنظيمي وتقديم إجراء تصحيحي لتقليص مقدار التعامل إلى مبلغ مقبول ضمن الحدود النظامية''.
وقال لـ ''لاقتصادية'' خالد هولدار نائب مدير وكالة ''موديز ''يجب على جميع البنوك أن تحتفظ بنسبة من رأس المال في حالة الخسائر غير المتوقعة، وذلك في سبيل الاحتفاظ بملاءتها خلال الأوقات الاقتصادية العصيبة. يقول المجلس إن رأس المال المستخدم للمخاطر العقارية ينبغي ألا يزيد على 60 في المائة من إجمالي رأس المال، وهذا بالتالي من شأنه تقليص الانكشاف والتعاملات في قطاع العقارات''. ويواصل: ''الاستثمار في مشروع بعينه ينبغي ألا يزيد على 15 في المائة من رأس المال المستخدم. والهدف من ذلك هو الابتعاد على مخاطر التركيز في قطاع واحد''.
وحول أهمية ''الوزن النسبي''، يقول طارق الديواني، استشاري المالية الإسلامية لدى Zest Advisory LLP معظم الأجهزة التنظيمية في الدول تسمح للبنك بأن يحسب ''الوزن النسبي'' من خلال عامل المخاطرة لكل نوع من الموجودات بحسب القيمة المحاسبية. وتابع في رده الإلكتروني على أسئلة ''الاقتصادية'':''على سبيل المثال، الموجودات الخطرة (مثل العقارات) يمكن أن يحسب وزن المخاطرة فيها بنسبة 100 في المائة، والموجودات ذات المخاطر الصفرية (مثل الأموال النقدية) يحسب لها عنصر مخاطرة مقداره صفر في المائة''.
يذكر أن الإعصار الاقتصادي العالمي ضرب سوق منطقة الخليج العربي، خصوصاً في قطاع العقارات، الذي شهد مقادير هائلة من التركيز في الاستثمارات العقارية، ما دفع بالصناعة البنكية إلى التشدد في معايير الإقراض.
معلوم أن مجلس الخدمات المالية الإسلامية أصدر عددا من المعايير التي تختص بالكفاية الرأسمالية وإدارة المخاطر والإفصاح في سبيل تعزيز الشفافية والانضباط في السوق، والمخططات الاستثمارية الجماعية، وحوكمة الشركات.
وقد وضع المجلس نصب عينيه هدفاً يتمثل في أن يصبح الجهة الرئيسية التي تحدد المعايير في العالم. وهو يهدف إلى أن ينظر إليه كمواز للجنة بازل الخاصة بالإشراف على البنوك.
يقول رفعت أحمد عبد الكريم، الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية وهو أستاذ اقتصاد سوداني بارز، إن المجلس ينبغي أن يلعب دوراً مركزياً في تطوير نظام التمويل الإسلامي:''إن الهيكل العالمي موجود ولكن عليك أن تكيفه وفقاً لنظام التمويل الإسلامي.
ولو لم يكن لدينا هذا المجلس، فسيكون لكل مؤسسة تفسيرها الخاص بهذا النظام''. وتابع في مقابلته مع ''الفاينانشيال تايمز'' ''إن الخروج بمقاييس عالمية عالية الجودة وجعل الآخرين يتبنونها ليس بالأمر السهل، فالتحدي الأكبر الذي نواجهه هو الجانب التنفيذي من عملنا. ذلك لأنه ليس لدينا الحق القانوني في فرض المقاييس''.
وتم تأسيس مجلس الخدمات المالية الإسلامي قبل أكثر من ست سنوات باعتباره أول هيئة للمقاييس في صناعة التمويل الإسلامي. ويتحدث المجلس عن نفسه باعتباره ''منظمة دولية للمقاييس تعمل للارتقاء بصناعة الخدمات المالية الإسلامية وتعزيز استقرارها''. وهو يقوم بذلك عبر إصدار المعايير والمبادئ الإرشادية الخاصة بهذه الصناعة التي يعرّفها بشكل واسع لتشمل قطاعات البنوك، وأسواق المال والتأمين.