البنوك السعودية ترفع مخصصاتها للديون الهالكة 340% إلى 6 مليارات ريال
زادت البنوك السعودية مخصصاتها إلى أكثر من ثلاثة أمثالها «340 في المائة» لمواجهة خسائر القروض هذا العام مثيرة مخاوف من أن بعضها قد يواجه مشكلات أخرى بعد قضية تعثر مرتبطة بمجموعتين بارزتين تسببت في تفاقم تباطؤ الإقراض.
وجنبت البنوك السعودية مخصصات لمواجهة خسائر القروض بقيمة 6.04 مليار ريال في الأشهر التسعة حتى نهاية أيلول (سبتمبر) مقارنة بـ 1.58 مليار ريال قبل عام. وبسبب غياب جزئي للشفافية بين البنوك من غير الواضح ما إذا كانت الزيادة في المخصصات مرتبطة بالمخاوف بشأن مستويات الملاءة لمجموعتي سعد وأحمد حمد القصيبي وإخوانه السعوديتين المثقلتين بالديون والتي بدأت تظهر في حزيران (يونيو) أم تتعلق بشركات أخرى. معلوم أن مجموعة سعد القابضة توصلت إلى تسوية لهيكلة ديونها مع البنوك السعودية في وقت سابق.
وقال هشام أبو جامع مدير إدارة الأصول لدى مجموعة بخيت الاستثمارية «الزيادة في المخصصات لتغطية خسائر القروض تظهر أن البنوك السعودية غير مطمئنة وأن المزيد من الشركات الخاصة والشركات التجارية قد يواجه صعوبات في سداد الديون».
وانضم البنك الأهلي التجاري إلى بنوك سعودية أخرى في إعلان زيادة حادة في المخصصات وكانت مخصصاته في الربع الثالث هي أعلى مخصصات يجنبها بنك سعودي حتى الآن منذ ظهرت المخاوف بشأن قدرة مجموعتي سعد والقصيبي على سداد ديونهما، والمجموعتان في قلب عملية إعادة هيكلة لديون تقدر بنحو 22 مليار دولار.
وبذلك يرتفع إجمالي مخصصات البنك الأهلي وهو غير المدرج في سوق الأسهم في الأشهر التسعة حتى نهاية أيلول (سبتمبر) إلى 1.9 مليار ريال (497.5 مليون دولار) تعادل نحو تسعة أمثال ما كانت عليه قبل عام. وزاد البنك صافي أرباحه في الربع الثالث رغم أن كثيرا من البنوك السعودية التي حققت زيادة في أرباح الربع لم تضطر لتجنيب مثل هذا القدر من المخصصات. ويؤثر عدم اليقين بشأن تعرض البنوك السعودية لشركات مثل سعد والقصيبي على حملة الأسهم والمستثمرين.
وقال محلل مقيم في دبي طلب عدم الكشف عن اسمه «إنه مبعث قلق كبير ولا سيما عندما ترى بنوكا سعودية تتبنى توجهات مختلفة بشأن المخصصات في الوقت الذي تسجل فيه نتائج متباينة خلال أغلب الفصول الثلاثة في 2009»، وعلى النقيض من نظائرها في دول كثيرة في أنحاء العالم لم تكشف البنوك السعودية عن مستوى تعرضها لمجموعتي سعد والقصيبي. وقال الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي في أيلول (سبتمبر) الماضي إن المشكلات المالية التي تواجهها المجموعتان لا تشكل مخاطر على النظام المصرفي في البلاد. وأضاف أن البنوك السعودية ستحرص على تجنيب مخصصات كافية لتغطية أي تعرض للديون المتعثرة. وقال مسؤول في صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء إن بنوك منطقة الخليج العربية ربما لا تزال تواجه زيادة في الديون المتعثرة لكن اختبارات تشير إلى أن الأمر ربما يحتاج إلى ضخ رؤوس أموال كبيرة إذا زادت الديون المتعثرة بشكل حاد. وتوسطت لجنة حكومية سعودية الشهر الماضي في اتفاق بين مجموعة سعد والدائنين السعوديين إلا أنه لم يتم الكشف عن تفاصيل الاتفاق.
وقال أبو جامع «حققت البنوك بشكل عام نتائج طيبة في الربع الثالث ولذلك جنبت مخصصات كبيرة للغاية لتغطية (القروض المتعثرة) في الربع الأخير وبدء 2010 بأنظف سجل ممكن»، وأضاف «ينبغي ألا يمنعها ذلك من الكشف عن تعرضها ليس لمجموعتي سعد والقصيبي فحسب وإنما لشركات أخرى تواجه صعوبات وذلك من أجل طمأنة المساهمين». وأظهرت نتائج الأشهر التسعة الأولى للبنوك السعودية تراجعا طفيفا في ربحيتها بلغت نسبته 2.6 في المائة، حيث حققت البنوك العشرة المدرجة في سوق الأسهم 18.86 مليار ريال أرباحا في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري مقابل 19.37 مليار ريال في الفترة المقابلة من العام الماضي. معلوم أن هذه الأرباح لا تشمل البنك الأهلي باعتباره غير مدرج في سوق الأسهم ولا تشمل أيضا مصرف الإنماء حديث التأسيس حيث لا توجد له أرباح تقتصر على الأشهر التسعة الأولى من هذا العام فقط. وبلغ صافي أرباح البنوك في الربع الثالث فقط ثلاثة أشهر، 6.14 مليار ريال مقابل صافي ربح بلغ 6.01 مليار ريال في الفترة المقابلة من العام الماضي، أي بنمو طفيف نسبته 2.1 في المائة.
وبالنظر إلى النتائج التي أعلنت، وعلى مستوى الربع الثالث من العام الجاري، نجد أن هناك ستة بنوك حققت نموا في صافي أرباحها عند مقارنتها بالربع الثالث من عام 2008، في حين حققت أربعة بنوك تراجعا في صافي أرباحها، ولم يسجل أي بنك أي خسائر على مستوى الربع الثالث، وعلى مستوى الأشهر التسعة من العام الجاري، حققت خمسة بنوك نموا في صافي أرباحها مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في حين سجلت خمسة بنوك تراجعا في صافي أرباحها، ولم يحقق أي بنك أي خسائر على مستوى تسعة أشهر. واحتل مصرف الراجحي المرتبة الأولى كأكثر البنوك مساهمة في أرباح قطاع المصارف على مستوى الربع الثالث من العام الجاري، حيث استحوذ على 29.21 في المائة من إجمالي أرباح القطاع وفق تقرير أعده «أبحاث مباشر» خصيصا لـ «الاقتصادية»، تلاه «سامبا» بنسبة 19.7 في المائة، ثم بنك الرياض بنسبة 12.35 في المائة، وأخيرا السعودي الفرنسي واستحوذ على ما نسبته 11.62 في المائة من إجمالي أرباح القطاع.